كنتُ أستعد لدرسي الصباحي في يناير 2025 عندما تلقيتُ إشعارًا بشأن الكويكب 2024 YR4. ذكر الإشعار أن احتمال اصطدامه بالأرض مرتفع بشكل غير عادي. لما كانت حماية الأرض من الدخلاء غير المتوقعين مثل الكويكبات جزءًا من خبرتي، فقد بدأتُ على الفور بتلقي أسئلة من طلابي وزملائي حول ما كان يحدث.
عندما يرصد العلماء كويكبًا قد يُقربه مساره من الأرض، فإنهم يراقبونه باستمرار ويحسبون احتمال اصطدامه بكوكبنا، وكلما حصلوا على المزيد من بيانات الرصد، تكونت لديهم صورة أوضح لما قد يحدث. إن مجرد الحصول على المزيد من نقاط البيانات مُبكرًا لا يُحسن تنبؤات العلماء، فهم بحاجة إلى مُتابعة الكويكب في أثناء تحركه في الفضاء لفهم مساره فهمًا أفضل.
تساءلتُ هل توجد طريقة أفضل للعلماء للتواصل مع الجمهور بشأن المخاطر بالنظر إلى الحادثة بعد بضعة أشهر؟ لقد حصلنا على معلومات دقيقة، لكن كما أشارت الأسئلة التي سمعتها، لم تكن المعلومات كافية دائمًا لفهم ما تعنيه بالفعل.
يبلغ قطر الكويكب 2024 YR24 نحو 60 مترًا، أي ما يعادل ارتفاع 15 طابقًا تقريبًا. أُبلغ عن أن احتمالية اصطدام الكويكب تتجاوز 1% وقت الإعلان في يناير. يصف احتمال الاصطدام مدى احتمالية اصطدام كويكب خطير بالأرض. إذا كانت احتمالية الاصطدام 1% مثلًا، فهذا يعني أنه في حالة واحدة من كل 100 حالة، يصطدم الكويكب بالأرض. يُعد اصطدام واحد من كل 100 حالة أمرًا نادرًا نوعًا ما، ولكنه ما زال قريبًا جدًا لدرجة يصعب معها الاطمئنان إذا كنا نتحدث عن احتمالات اصطدام قد يؤدي إلى تدمير الأرض.
كشفت المزيد من الملاحظات والتحليلات بمرور الوقت عن احتمالية شبه معدومة لاصطدام هذا الكويكب بالأرض. ارتفع احتمال التأثير باستمرار حتى وصل إلى 3.1% في 18 فبراير بعد الإشعار الأولي في يناير، لكنه انخفض إلى 1.5% في 19 فبراير، ثم انخفض باستمرار حتى وصل إلى 0.004% في 24 فبراير. أصبح احتمال التأثير أقل من 0.0000081% اعتبارًا من 15 يونيو.
بدأ احتمال اصطدامه بالقمر بالازدياد في حين قل احتمال اصطدامه بالأرض، فقد ارتفع إلى 1.7% في 24 فبراير، وأصبح 3.8% اعتبارا من 2 أبريل. قد تصل بعض المواد المقذوفة من هذا الاصطدام إلى الأرض، ولكن ستحترق هذه المواد عند دخولها الغلاف الجوي الكثيف للأرض.
يستكشف الباحثون مدار الكويكب باستخدام تقنية القياس الفلكي، لمعرفة ما إذا كان جسم مُقترب سيصطدم بالأرض. تُمكن هذه التقنية من تحديد مدار الجسم بدقة، مع عدم يقين يصل إلى بضعة كيلومترات فقط، لكن القياس الفلكي يتطلب بيانات رصد دقيقة، مُستخلصة على مدى فترة طويلة.
أي شك في حساب مدار الجسم يُسبب اختلافات في الحل المتوقع، فبدلًا من مدار واحد دقيق، يُعطي الحساب العلماء عادةً مجموعة من مداراته المحتملة، ويُسمى القطع الناقص الذي يُحيط بهذه المواقع قطع ناقص خطأ. يصف احتمال الاصطدام عدد التنبؤات المدارية في هذا القطع الناقص التي تصطدم بالأرض.
يكون عدم اليقين المداري مرتفعًا من دون بيانات رصدية كافية، لذا يميل القطع الناقص إلى أن يكون كبيرًا. تزداد احتمالية أن يشمل القطع الناقص الأرض بالخطأ في القطع الناقص الكبير، وإن كان مركزه بعيدًا عن الكوكب. وإن اصطدم كويكب بالأرض في النهاية، فقد يشمل القطع الناقص الخطأ الكوكب قبل أن يجمع العلماء بيانات كافية لتضييق نطاق عدم اليقين.
يتقلص القطع الناقص مع انخفاض مستوى عدم اليقين. لذلك عندما تكون الأرض داخل قطع ناقص خطأ صغير، قد يصبح احتمال الاصطدام أعلى مما هو عليه عندما تكون داخل قطع ناقص خطأ كبير. فور تقلص حجم القطع الناقص للخطأ بما يكفي بحيث لا يشمل الأرض، ينخفض احتمال الاصطدام بشكل ملحوظ. هذا ما حدث مع 2024 YR4.
يعد احتمال الاصطدام قيمة عملية واحدة تُقدم رؤيةً ثاقبة حول خطر الاصطدام. مع ذلك فإن استخدام احتمال الاصطدام دون سياق قد لا يُقدم إرشادات قيمة للعامة، كما رأينا عام 2024. يُعد انتظار المزيد من البيانات لتحسين تنبؤ الاصطدام، أو إدخال مقاييس جديدة لتقييم الاصطدامات على الأرض، خيارات بديلة لتزويد الناس بإرشادات أفضل للتهديدات المستقبلية قبل إثارة الالتباس والخوف.
اقرأ أيضًا:
محاكاة علمية لاصطدام كويكب بينو بالأرض عام 2182
هل يخفي كوكب الزهرة كويكبات خطيرة في مداره؟
ترجمة: محمد الشرقاوي
تدقيق: أكرم محيي الدين