أُعِدّت دراسة حول تأثير إشعارات الهاتف النقّال على عادات الأشخاص، حيث طُلِبَ من المُشاركين إغلاقُ إشعارات هواتفهم ليومٍ واحد، فكانت الإحصائيّة تُشير إلى أنَّ نصف المُشاركين قالوا بأنها كانت تستمرُّ بالتأثير على عاداتهم لسنتين مُقبلتين.

لذا فإن التعامل مع إدمانك للهاتف النقّال ليس بتلك الصعوبة التي كُنت تعتقدها.

حيث يقول الباحثون في هذه الدراسة الجديدة: «نعم، مُجرّدُ يومٍ واحد بعيدًا عن ذلك الرنين والاهتزازات من شأنه أن يُحدثَ فرقًا، ووجدنا أن المُشاركين يُصبحون أكثر إنتاجيّةً في الساعات الأربعٍ والعشرين التالية لإغلاق الإشعارات ويشعرونَ أنّهم أصبحوا أقل تشتيتًا».

في بادئِ الأمر، أرادَ كلٌ من مارتن بيلوت (Martin Pielot) من شركة “Telefónica” الإسبانيّة، و لوز ريلو (Luz Rello) من جامعة “Carnegie Mellon” في بنسلفانيا، تمديدَ التحدّي لأسبوعٍ كامل، ولكنّهم لم يتمكنوا من إيجادِ مُشاركين لأجل هذه المدّة.

فقال بيلوت: «لم نحصل على أي مُشارك، كل ما حظينا به هو عيونٌ مُحدقةٌ متفاجئة، وفي نهاية الأمر نزلنا إلى حدَّ 24 ساعة».

وقد وجدَ كلٌ من (بيلوت و ريللو) أن الاستجابات للمشاركة بإغلاق الإشعارات ليومٍ واحد كانت مُتباينة كثيرًا، فبالنسبة للأشخاص الذين لا يتفقدون إشعاراتهم كل حين، لم تكن المدّة أمرًا مُفاجئًا.

أما بالنسبة لباقي المُشاركين ممن يتوقع منهم أصدقائهم، زملائهم و رؤساء عملهم ردودًا فوريّة، فقد وضَعَتهُم هذه الدراسة في بعضٍ من القلق والإجهاد، ولكن بشكلٍ عام أفادت مجموعةٌ ضمّت 30 من المتطوعين بأنهم يشعرون بأنهم أقل تشتيتًا وأكثر إنتاجيّةً بشكلٍ ملحوظٍ على مدار اليوم.

وبالنسبة لتسعةٍ من المشاركين، فقد كان لهذا التحدّي أن يجعلهم يفتقدون لشيءٍ ما، سواء رسالة من صديق أو تنبيهٍ بوصول طردٍ بريديّ، ولكن في الوقت ذاته، أفادَ إحدى عشر مُشاركًا بأنهم يشعرون بالاسترخاء أكثر وإجهادٍ أقل بعد أن قاموا بإلغاء إشعاراتهم.

كما وأشار الباحثون إلى عامِلَيْن مهمّيَن في هذا التحدّي، ألا وهما الإجهاد المُحتمل من انقطاع الإشعارات، والإجهاد المحتمل من فقدان شيءٍ ما قد يكونُ مهمًا، وتفاوتت النسبة بين هذين العاملين من شخصٍ لآخر.

وكان مسموحٌ للمشاركين أن يتفقّدوا هواتفهم لمعرفة ما إذا كان هنالك إشعارٌ قد وصل، وبالتأكيد عند إلغاء تنبيه الإشعارات فإن عمليّة تفقد الهواتف أصبحت أكثر من المُعتاد.

ولكن الجانب السلبي الآخر هو أنَّ المُشاركين كانوا يشعرون بأنَّهم أقل ارتباطًا بمجموعاتهم الاجتماعيّة كنتيجةٍ لهذا التحدّي، لذا فهنالك الكثير من المُعطيات يمكن أخذها من هذه الدراسة؛ فهي تبيّن كيف تقطع إشعارات الهاتف وتُشتت أذهاننا، ولكن في الطرف الآخر كيف تصِلنا ببعضنا الآخر وتُمكننا من إدارة التوقّعات الاجتماعيّة.

وإنَّ الباحثون حريصون على الإشارة كيف يمكن لإلغاء تنبيهات الإشعارات أن تؤثر على عاداتنا في المدى الطويل، حيث قال 22 من المشاركين بأنهم عازمون على تغيير إعدادات هواتفهم لإلغاء تِلكمُ التنبيهات كنتيجةٍ للتحدّي، وبعد عامين، كان 13 مشاركًا منهم لا يزالون ملتزمون بهذا التغيير.

مع الأخذ بعين الاعتبار أنَّ مُعظم الناس نادرًا ما يُغيّرون إعدادات الإشعارات في الهاتف، وعددهم كبير. وربما يكون اليوم كل ما يتطلّبه هو أخذ فكرةٍ عن الاهتزازت والرنين والتي هي موجودة دائمًا في الخلفيّة.

ويقول الباحثون: «إن حقيقة أنَّ أكثر من نصف المُشاركين قد خفّضوا من عدد الإشعارات التي تصلهم بشكل يوميّ ما هي إلا علامةٌ تحذيريّة بأن المشاركين كانوا قد وصلوا لعدد كبير من الإشعارات».

إن عينةً صغيرةً في الدراسة كهؤلاء المشاركين الثلاثين، يجعل من الصعب تعميمها على كل السكّان، وحتّى الآن لم يتم مراجعة النظراء لاتخاذ قرارٍ في مدى صحة ومصداقيّة هذا البحث، ولكنّه أمرٌ ما يزال يستحق دراسته بجديّة بالنسبة للمهتمّين بالعلاقة التي تربط تغيّر السلوكيات باستخدامنا المستمر لهواتفنا الذكيّة.

ووفقًا لـ آنا كوكس (Anna Cox) من جامعة لندن والتي لم تُشارك في البحث قالت: «يمكن حتّى للتغييرات الصغيرة أن تُحدث فرقًا كبيرًا عندما يتعلّق الأمر إلى خفض الوقت الذي نقضيه بتفقّد هواتفنا».

وأضافت: «يتفقّد الأشخاص وسائل التواصل الاجتماعيّ طوال الوقت ودون أن يُفكّروا، وذلك لسهولة الوصول إليه فهو موجودٌ في هاتفك، وإنَّ أي شيءٍ من شأنه أن يجعل هذا الأمر أصعبَ ولو بقليل، فإنّه يُساعد على تجنّب هذه العادة السيّئة».


  • ترجمة: رامي الحرك
  • تدقيق: لؤي حاج يوسف
  • تحرير : رغدة عاصي
  • المصدر