يكشف مشروع بحثي جديد عن حيلة للإمساك بالفوتونات المظلمة.
كل شيء نتخيله عن الفضاء بما يشمله من نجوم وكواكب وغازات ومجرات يمثل فقط جزءًا صغيرًا من كتلة الكون الكلية، أما الباقي فهو غير مرئي، صامت ومراوغ بدرجة مرهقة، وهو ما يُعرف بالمادة المظلمة.
جرب العلماء محاولات لا حصر لها للإمساك بهذا الشكل الغامض من المادة لكنها تنجح في مراوغة الباحثين في كل مرة. تقترح النتائج الأخيرة من ماد ماكس «تجربة أكسيون القرص الممغنط والمرآة» أننا بتنا أقرب لرصد المادة المظلمة.
ماد ماكس هو نظام خاص يركز على رصد الأكسيونات والفوتونات المظلمة، وهي جسيمات يُعتقد أنها مسؤولة عن تكوين المادة المظلمة.
قال يعقوب ماتياس المؤلف الأول للدراسة: «هذان الجسيمان الافتراضيان مرشحان مشهوران لما قد تتكون منه المادة المظلمة، في ورقتنا الأخيرة، نصف نتائج بحث عن الفوتونات المظلمة مستخدمين نموذجًا مصغرًا».
العلم وراء ماد ماكس:
لا يكمن التحدي في رصد المادة المظلمة فقط في كونها غير مرئية، لكن لأنها تتفاعل بضعف شديد مع المادة العادية، لذلك قد لا نلاحظها أبدًا إلا باستخدام أجهزة فائقة الحساسية.
لطالما جاءت الكاشفات المعتادة خالية الوفاض خاصةً عندما نبحث عن جسيمات المادة المظلمة الأثقل والأبطأ، لذلك يحول العلماء انتباههم لجسيمات «شبحية»، مثل الأكسيونات والفوتونات المظلمة.
يتناول ماد ماكس هذا التحدي مع نظام مبتكر، الفكرة الرئيسية في تصميمه هي هالوسكوب العازل الكهربي، وهو نوع من الكواشف يستخدم مواد خاصة ومرايا لتضخيم الإشارات الدقيقة التي يمكن لجسيمات المادة المظلمة أن تصدرها.
يستخدم النموذج التجريبي لماد ماكس ثلاثة أقراص دائرية مصنوعة من الياقوت وهي مادة نقية وعازلة معروفة بخواصها الممتازة في الترددات العالية، وُضعت هذه الأقراص بحذر على مسافات معينة أمام المرآة.
إذا وُجدت الفوتونات المظلمة فهي تتحول عادةً إلى فوتونات عادية «جسيمات ضوء» عندما تمر عبر مواد بالخواص المناسبة، رُتبت طبقات الأقراص والمرآة ليتضخم هذا التحول عند ترددات معينة، مثل ضبط الراديو على المحطة الصحيحة ما يحول إشارة ضعيفة إلى إشارة واضحة.
ثم توجه الفوتونات الموجات الميكروية الناتجة إلى هوائي، حيث يوجد مستقبل فائق الحساسية لرصدهم: «حاولنا رصد تلك الفوتونات عند تردد يقارب 20 هيرتز».
رغم ذلك لم يجد الباحثون إشارة، لكنهم كانوا قادرين على استبعاد وجود الفوتونات المظلمة في هذا المدى الكتلي بدرجة غير مسبوقة من الحساسية، أفضل بأضعاف من الجهود السابقة عند ترددات مماثلة.
فرص كبيرة للرصد:
المثير في النتائج أن فريق ماد ماكس أثبت أن مقاربتهم تعمل، للمرة الأولى يُستخدم نموذج تجريبي بنجاح لفحص الفوتونات المظلمة ويحصل على نتائج مثيرة للإعجاب.
«لما كان مبدأ الكاشف الرئيسي قد أثبت عمله، فبإمكاننا الآن بسهولة توسعة وصولنا في التفاعلات رافعين فرصنا للرصد».
أكبر تحديث منتظر هو تبريد الكاشف بالكامل لدرجة «-269° سيليزية»، في درجة حرارة شديدة الانخفاض كهذه تنخفض الضوضاء الحرارية انخفاضًا ملحوظًا، ما يجعل الكاشف أكثر حساسية حتى للآثار الدقيقة للمادة المظلمة.
تركز التجربة الحالية على الفوتونات المظلمة، لكن في التجارب المستقبلية سيشغل العلماء ماد ماكس تحت مجالات مغناطيسية قوية ليمكن رصد الأكسيونات في الوقت ذاته.
اقرأ أيضًا:
المادة المظلمة ربما تتفاعل مع المادة العادية خارج حدود الجاذبية!
هل يكشف الانفجار العظيم المظلم سر المادة المظلمة؟
ترجمة: وليد محمد عبد المنعم
تدقيق: أكرم محيي الدين