طُلب من الناس لمدة طويلة الابتعاد عن تناول الدهون. لكن في الآونة الأخيرة، يبدو أن أنواعًا معينةً من الدهون عادت إلى مائدة الطعام من جديد. مع وجود عديد من الرسائل المتضاربة حول أنواع الدهون التي يجب تناولها، فإن الكثيرين مرتبكون بشأن ما إذا كان ينبغي عليهم تناولها أم لا. سنعرض بعض الأسباب التي تجعل النصائح حول تناول الدهون مربكة للغاية، وما كمية الدهون التي يجب أن نتناولها حقًا.

بعض الدهون ضرورية في نظامنا الغذائي؛ لأنها تمدنا بالطاقة اللازمة، وتساعد في امتصاص بعض الفيتامينات، بما في ذلك الفيتامينات A و D و E، ولكن هناك العديد من أنواع الدهون المختلفة التي قد يسبب تناول بعض منها ضررًا لنا، تُعرف بالدهون غير المشبعة، بينما تُسمى الدهون الأحادية غير المشبعة أو الدهون المتعددة غير المشبعة بالدهون “الجيدة”، وهي مهمة لأنها تساعد على خفض الكوليسترول والحفاظ على صحة القلب.

يمكن الحصول على الدهون غير المشبعة من أطعمة مثل: زيت الأفوكادو وزيت الزيتون والفول السوداني والأسماك.

يمكن أن تكون الدهون المشبعة ضارة عند تناولها بكميات كبيرة، فقد ترفع نسبة الكوليسترول وتزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب. ويمكن للدهون المتحولة أيضًا أن تزيد من مستويات الكوليسترول.

تشمل الأطعمة التي تحتوي على الدهون المشبعة والمتحولة: الزبدة والجبن ولحم الخنزير المقدد والبسكويت والأطعمة المقلية.

الدهون مهمة

تتفق العديد من السلطات الصحية في جميع أنحاء العالم على عد الدهون جزءًا مهمًا من النظام الغذائي الصحي، فيجب علينا الحصول على كثير من السعرات الحرارية يوميًا من الدهون.

توصي منظمة الصحة العالمية (WHO) الأشخاص بعدم الحصول على أكثر من 30٪ من السعرات الحرارية اليومية من الدهون، منها 10 ٪ فقط من السعرات الحرارية اليومية من الدهون المشبعة، وأقل من 1٪ من الدهون المتحولة.

توصيات المملكة المتحدة هي نفس توصيات منظمة الصحة العالمية إلى حد ما، إذ تحدد الدهون المشبعة إلى 10٪ فقط من السعرات الحرارية اليومية، 30 جرامًا يوميًا للرجال (حوالي 270 سعرة حرارية) و 20 جرامًا للنساء (حوالي 180 سعرة حرارية).

تشير توصيات الصحة في أوروبا إلى أن الدهون يجب أن تشكل ما بين 20-35٪ من مجموع سعراتنا الحرارية اليومية المستهلكة. وليس هناك توصيات بشأن عدد السعرات الحرارية التي يجب أن تُستهلك من الدهون المشبعة أو المتحولة، فقط يجب أن تكون محدودة.

في الولايات المتحدة، يُنصح بالحد من تناول الدهون المشبعة إلى أقل من 10٪ من السعرات الحرارية اليومية.

يبدو أن هناك اتفاقًا بشأن كمية الدهون التي يجب أن يتناولها الأشخاص، فإن الاختلافات الصغيرة في هذه التوصيات، بالإضافة إلى الاختلافات في كمية أنواع معينة من الدهون التي يجب أن نتناولها قد تفسر الارتباك حول ما إذا كان يجب علينا تناول الدهون أم لا، وكم يجب أن نستهلك منها.

نصيحة مضللة

توجد الكثير من المعلومات التي إما أن تكون مفرطة في التبسيط وإما أن تكون غير صحيحة، ما يجعل التوصيات المتعلقة بتناول الدهون أكثر تعقيدًا.

على سبيل المثال، توصي الجمعيات البريطانية المشتركة -التي تنشر توصيات لمساعدة الناس على تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية- بأن يكون حوالي 10٪ فقط من إجمالي مدخول الشخص من السعرات الحرارية من الدهون (الدهون المشبعة).

نستهلك عادة 30-40٪ من السعرات الحرارية من الدهون، وتوصي الهيئات الدولية والحكومية بأن حوالي 30٪ من السعرات الحرارية اليومية يجب أن تكون من الدهون، والحد من الدهون المشبعة إلى 10٪ منها، يعني أنها تشكل 3٪ فقط من السعرات الحرارية اليومية. قد يصل هذا إلى ما يزيد قليلًا عن 7 جرام من الدهون المشبعة؛ أي ما يعادل حوالي ملعقتين صغيرتين من الزبدة.

يختلف هذا عن العديد من التوصيات الأخرى، مثل توصيات منظمة الصحة العالمية التي تنص على أن 10٪ من جميع السعرات الحرارية التي يتناولها الأشخاص يوميًا يجب أن تأتي من الدهون المشبعة.

هل سيكون لمثل هذا التقييد الصارم للدهون المشبعة أي فائدة؟ وهل سيكون من الصعب على العديد من الأشخاص تحقيقه؟ نظرًا لأنه يمكن لمجموعة متنوعة من الأطعمة الصحية -مثل زيت الزيتون- أن تحتوي أيضاً على دهون مشبعة.

توجد كثير من النصائح المبسطة جدًا التي يمكن أن تكون مضللة من دون قصد. على سبيل المثال، إحدى النصائح التي توصي بها مؤسسة القلب البريطانية من أجل استبدال الدهون المشبعة بالدهون غير المشبعة هي استخدام زيت بخاخ أو زيوت قياس بدلًا من سكب الزيوت مباشرة من الزجاجة. لكن هذا لا يفسر حقيقة أن الأنواع المختلفة من الزيوت تحتوي على مستويات مختلفة من الدهون المشبعة.

على سبيل المثال يحتوي زيت عباد الشمس على نسبة منخفضة من الدهون المشبعة، لذا فإن استخدام كمية أقل من شأنه أن يقلل بشكل كبير من السعرات الحرارية، لكنه يقلل من مستويات الدهون المشبعة بشكل طفيف.

تتضمن النصائح الأخرى من مؤسسة القلب البريطانية تجنب المأكولات المقلية والانتقال إلى تناول الحليب شبه منزوع الدسم. لكن التركيز على الأساليب التي لها تأثير ضئيل على مستويات الدهون المشبعة يمكن أن يجعل التعرف على الأطعمة (والدهون) التي يجب تجنبها أكثر إرباكًا. أسهل طريقة لنتجنب الدهون المشبعة هي تجنب تناول بعض الأطعمة مثل الفطائر والكعك والبسكويت، فهذه الأطعمة غنية بالدهون المشبعة وتميل إلى أن تكون أكبر مصادر في الأنظمة الغذائية لمعظم الناس.

الحصول على الكمية المناسبة

تشير الأبحاث إلى أننا يجب أن نحصل على حوالي ثلث طاقتنا من الدهون، ويجب أن يكون ثلثاها دهونًا غير مشبعة.

بالتأكيد، تحتوي بعض المصادر الغذائية على أنواع ومستويات مختلفة من الدهون. على سبيل المثال، يحتوي كل من الأفوكادو والفطائر على نسبة عالية من الدهون. لكن الأفوكادو غني بالدهون الأحادية غير المشبعة الصحية، وهي مفيدة لصحة القلب، ويمكن أن تخفض نسبة الكوليسترول. بينما تحتوي الفطائر على نسبة عالية من الدهون المشبعة، التي يمكن أن تكون ضارة للقلب وتزيد مستويات الكوليسترول.

أسهل طريقة للتأكد من تناولك كميات كافية من الدهون الصحيحة هي تجنب الأطعمة التي تحتوي على دهون مشبعة ومتحولة؛ مثل الزبدة والجبن الصلب والفطائر والبسكويت والمعجنات والكعك واللحوم المصنعة ورقائق البطاطا. وتحتوي هذه الأطعمة أيضاً على نسبة عالية من الملح والكربوهيدرات والسكر، لذا يمكن أن يكون لها تأثيرات صحية ضارة؛ مثل زيادة خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم.

لذلك حاول الحصول على مصادر الدهون الصحية مثل الأفوكادو وزيت الزيتون والمكسرات والأسماك. سيضمن ذلك حصولك على ما يكفي من الدهون في نظامك الغذائي، إضافة إلى حصولك على النوع الصحيح من الدهون (حوالي 75 جرام يوميًا للنساء و 90 جرام للرجال).

اقرأ أيضًا:

نصائح غذائية لتقليل الدهون في الغذاء و خسارة الوزن

هل يؤثر الإفراط بتناول الدهون على صحتك العقلية؟

ترجمة: ديانا بريمو

تدقيق: إيناس خير الدين

المصدر