كشف الباحثون عن طريقة الحفاظ على شبكة من الأسلاك النانوية في حالة قريبة لما يُعرف باسم (حافة الفوضى)، ويعد هذا إنجازًا رائعًا يمكن استخدامه لإنتاج ذكاء اصطناعي عام يعمل بطريقة مشابهة لدماغ الإنسان.

استخدم الباحثون مستويات مختلفة من الإشارات الكهربائية على محاكاة شبكة من الأسلاك النانوية للوصول إلى حافة الفوضى، إذ تناوبت هذه الإشارات الكهربائية ما بين إشارات عالية جدًا ومنخفضة جدًا، فوجدوا أنه إذا كانت الإشارات منخفضة جدًا فإن النتائج (أو مخرجات الشبكة) ستكون غير مفيدة لأنها ليست معقدة بما يكفي، وكذلك الحال بالنسبة للإشارات الكهربائية العالية، إذ تكون المخرجات في حالة فوضى ما يعني أنها غير مفيدة أيضًا.

يقول الفيزيائي جويل هوشستيتر من جامعة سيدني والمؤلف الرئيسي للدراسة: «وجدنا أن تدفق الإشارات ببطء شديد في الشبكة يجعلها تفعل نفس الشيء مرارًا دون التعلم أو التطور، وإذا جعلنا تدفقها سريعًا جدًا فإن الشبكة ستصبح غير منتظمة ولا يمكن التنبؤ بها».

ووجد العلماء أن إبقاء محاكاة الإشارات على توازن بين السرعتين المتناقضتين جدًا أدى إلى نتائج مثالية من الشبكة، وتقترح النتائج أنه بالوسع إنتاج مجموعة متنوعة من الديناميكيات المشابهة للدماغ باستخدام شبكات الأسلاك النانوية.

يقول الفيزيائي زدينكا كونسيتش من جامعة سيدني في أستراليا: «تفيد بعض النظريات في علم الأعصاب بأن العقل البشري قد يعمل على حافة الفوضى (أو ما يسمى بالحالة الحرجة) ويظن بعض علماء الأعصاب إنه في هذه الحالة يتحقق أعلى أداء للدماغ البشري».

وللمحاكاة، وضعت الأسلاك النانوية بطول 10 ميكرومتر وعرض لا يزيد عن 500 نانومتر عشوائيًا في مستوى ثنائي الأبعاد، ولتسهل المقارنة يبلغ عرض الشعرة البشرية 100,000 نانومتر.

في هذه الدراسة كُلفت الشبكة العصبية بتحويل إشارة موجية بسيطة إلى شكل أعقد، وذلك مع ضبط سعة الإشارة الكهربائية وترددها لإيجاد الحالة المثالية لحل المشكلة، أي عند حافة الفوضى.

تجمع شبكات الأسلاك النانوية بين نظامين في نظام واحد، فهي تتعامل مع ذاكرة (تعادل ذاكرة الوصول العشوائي (RAM) في الحاسوب) ومع عمليات (تكافئ CPU أو وحدة المعالجة المركزية في الحاسوب)، وبهذا تتذكر الشبكة تاريخ الإشارات السابقة ما يسمح لها بتغيير مخرجاتها استجابة لما حصل سابقًا، ويجعلها هذا مقاومة ذاكرية.

يقول جويل هوشستيتر: «عندما تتداخل الأسلاك النانوية فيما بينها فإنها تشكل تقاطعًا كهروكيميائيًا ما يشابه نقاط الاشتباك العصبي بين الخلايا العصبية».

عادةً ما تدرب الخوارزميات الشبكات العصبية على أفضل المسارات، لكن في هذه الحالة استطاعت الشبكة أن تجد أفضل المسارات بنفسها.

ويقول هوشستيتر: «وجدنا أن الإشارات الكهربائية التي أُدخلت عبر هذه الشبكة تجد بنفسها أفضل طريق لنقل المعلومات. إذ تسمح هذه المعمارية للشبكة العصبية بتذكر المسارات السابقة عبر النظام».

وهذا بدوره قد يعني انخفاضًا كبيرًا في استخدام الطاقة اللازمة لتنفيذ العمليات في الشبكة لأن هذه الشبكات تستطيع تدريب نفسها تلقائيًا لتستخدم أكثر العمليات كفاءة، ومع تقدم شبكات الذكاء الاصطناعي ستكون الحاجة إلى خفض استخدامها للطاقة أمرًا بالغ الأهمية.

أظهر العلماء الآن أنه بوسع شبكات الأسلاك النانوية أن تحل المسائل بأفضل كفاءة -تمامًا كما يفعل الدماغ البشري- على الحد الفاصل بين النظام والفوضى، ما يقربنا أكثر من إنتاج ذكاء اصطناعي يفكر مثلنا.

يقول كونسيتش: «الأمر المثير بهذه النتيجة هو القدرة على ضبط هذه الأنواع من الشبكات النانوية ضمن أنظمة مختلفة ذات ديناميكيات شبيهة بالدماغ، التي يمكن توظيفها لتحسين معالجة المعلومات».

اقرأ أيضًا:

بناء الأساس لنظرية عامة عن الشبكات العصبونية

العقل العميق : مشروع جديد من غوغل ينقل الشبكات العصبونية الى مستوى اخر

ترجمة: أنور عبد العزيز الأديب

تدقيق: محمد حسان عجك

المصدر