تقترح دراسة جديدة أنَّه بإمكان تأثير ظاهرة الاحتباس الحراري أن يدمّر فرص كوكبٍ ما لاستضافة الحياة عليه إذا ما كان الاحتباس قويًّا كفاية.

إلى حين إثبات العكس، يفترض العلماء أنَّ الماء ضروريّ للحياة على الكواكب الأخرى. وأثناء البحث عن الحياة خارج النّظام الشمسي، يركّز العلماء على “النّطاق الصّالح للحياة” حول النّجوم. بداخل ذلك النّطاق، الكواكب المُشابهة للأرض ليست شديدة الحرارة أو البرودة بالنّسبة لتكوُّن المياه على سطوحها. وبالنّسبة للكوكب الذي يدور في مدار قريب جدًّا من شمسِه، قد يغدو جافًّا بفعل الحرارة الشمسيّة. لكن الآن، يظنّ العلماء أنَّ بمقدور التَّأثير الشديد للاحتباس الحراريّ أن يجعل الكوكب جافًّا كذلك – مثل ما حدَث لكوكب الزّهرة.

يوضّح البحث الجديد أنَّه عندما يتعلّق الأمر بجفافِ الكوكب، فإنّ التّدفئة بفعل ثاني أكسيد الكربون، تعادل قوّة التّدفئة بفعل الحرارة الشمسيّة التي يتسبّب فيها مدار ذلك الكوكب، وتنتهي بجفاف الكوكب كلّيًّا. نُشر البحث يوم 9 فبراير في صحيفة (Nature Communications).

يقول ماكس بوب (Max Popp)، صاحب الدراسة وباحث ما بعد الدكتوراة في معهد ماكس بلانك لِعلمِ الأرصاد الجوّيّة في هامبورغ، ألمانيا: “إنّ هذا مثيرٌ لأنَّه يُخبرك أنَّك بحاجةٍ إلى معرفةِ معلوماتٍ أكثر -بالإضافة إلى موقع الكوكب- حتى تعلم ما إذا كان صالحًا للسَّكن أم لا.”

في حالةِ كوكب الزّهرة الحارّ جدًّا (ثاني كواكب المجموعة الشّمسيّة قُربًا من الشّمس)، تبخَّرت المياه من على سطحه، وتجمّعت في الغلاف الجوّيّ، من ثمّ تسربّت في النّهاية للفضاء. هذا ما يُعرف بـ”البيت الزّجاجيّ الرّطِب”. اليوم، يتكوّن الغلاف الجوّيّ للزّهرة بالكامل تقريبًا من ثاني أكسيد الكربون (تستطيع الأرض أن تُحافظ على المياه؛ لأنّ الغلاف الجوّيّ الأعلى جافٌّ جدًّا).

لفَهمٍ أفضل لتلك الأسباب، التي تولّد التّأثير الشّديد للاحتباس الحراري، كوَّن بوب وزملاؤه نموذجًا ثلاثيّ الأبعاد لكوكبٍ مشابهٍ للأرض، مغطًّى بالكامل بالمياه. هذه المُحاكاة البسيطة تعني أنَّ العُلماء بإمكانهم تجاهل التَّأثيرات المُعقّدة للقارّات والمواسِم.

اكتشفَ العلماء أنَّه عند وصول مستوى ثاني أكسيد الكربون في النّموذج إلى 1,520 جزء لكلّ مليون، يُصبح مَناخ الكَوكب غير مستقرّ. وارتفعت درجة حرارة سطح الكوكب إلى 135 درجة فهرنهايت (57 درجة سيليزية)، مكوّنةً بيتًا زجاجيًّا رطبًا ودافئًا (يعني ذلك أنَّ هناك 1,520 جزيء كربون لكلّ مليون جزيء هواء).

صرّح بوب لـLive Science: “سيتغيَّر مناخ كوكب كالأرض إلى مناخٍ دافئ جدًّا، وسيحدث ذلك بشكل مفاجئ نسبيًّا.”

يقول بوب أنَّ العلماء يعتقدون أنَّ التَّغيُّرات التي تطرأ على أنماط السُّحب على المستويات الكبيرة، هي السّبب في تأثير البيت الزجاجي (Greenhouse) الرَّطب والدَّافئ. كما أنَّ موقع وسُمك غلاف السّحابة، يُمكن أن يغيِّر من كمّيّة الحرارة الشّمسيّة المقيّدة حول الكوكب.

يقول الباحثون أنَّه بالرّغم من أنّ النّتائج تقترح أنّ الغازات الدّفيئة يُمكن لها أن تكون قاتلة بالنّسبة للكوكب عند دورانه بالقرب من شمسه، فهذه العملية تحدث عندما تكون مستويات ثاني أكسيد الكربون أكبر بكثير من التي تكون على كوكب الأرض اليوم.

صرّح بوب أنَّهُ من الصّعب للأنشطة البشريّة أن تُولِّد تأثيرَ بيتٍ زجاجيّ رطبٍ مشابه على الأرض. ولفعل ذلك، يقول الباحثون أنَّهُ على البشر أن يزيدوا من تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوّيّ بشكل كبير، إلى درجة تفوق حتَّى حرق جميع مخازن الوقود الأحفوري الحاليَّة.

يقول بوب: “هذه دراسة مثاليَّة صُمِّمت لعمل مقارنة بين التَّدفئة الشمسيَّة وثاني أكسيد الكربون.” وأضاف أنَّه لن تحدُث ظاهرة كتلك على الأرض في الوقت الراهن.


 

المصدر