قد لا تعمل الواقيات الشمسية الآمنة والفعالة بمفردها بنفس الكفاءة عندما تُخلَط معًا، تشير أبحاث حديثة أن بعض تركيباتها المخلوطة قد تتسبب في تكوّن نواتج ثانوية سامة.

على سبيل المثال، يُعد أكسيد الزنك في كثير من الأحيان بديلًا آمنًا وخاليًا من المواد الكيميائية للواقيات الشمسية المتوفرة الأخرى، إلا أن ذلك مرهونٌ بالمواد المضافة إليه.

يقول الباحثون إن وُضِع هذا الواقي الشمسي غير العضوي فوق واقيات شمسية أخرى عضوية أو تحتها، فإنه لن يحجب معظم الأشعة الشمسية فوق البنفسجية بنفس فاعلية استخدام أحد تلك الواقيات الشمسية بمفرده.

وجد الباحثون أن المزيج يكسر مركبات الواقيات الشمسية المسؤولة عن حجب الأشعة البنفسجية، ما يقلل من فعاليتها ويؤدي إلى تكوّن منتجات محتملة السمية.

في الدراسة الحالية، لم تُختبَر سمّيتها إلا على الأسماك المخططة؛ أي أنها لم تُختبَر على البشر، إلّا أن هذه الكائنات لا تختلف عنّا جينيًّا بدرجة كبيرة. إضافةً إلى ذلك، فإن هذا النوع من الأسماك يُعد نموذجًا مناسبًا للأسماك البحرية التي قد تتعرض إلى الأذى بسبب الواقيات الشمسية التي نختار استخدامها.

حتى نكتشف المزيد في هذا الصدد، ينصح الباحثون بتجنب وضع هذه المنتجات فوق بعضها، ليس فقط من أجل صحتنا، بل من أجل البيئة المحيطة بنا أيضًا.

لا يعني هذا بالتأكيد أننا يجب أن نتجنب استخدام الواقيات الشمسية كليًا، فعلى الرغم من مخاوفنا تجاه أخطارها المحتملة، يمكننا الجزم بأن التعرض الزائد إلى أشعة الشمس فوق البنفسجية يسبّب سرطانات جلدية مميتة لدى كثير من الناس.

يقول عالم المواد ريتشارد بلاكبيرن من جامعة ليدز: «ما نزال ننصح المستهلكين باستخدام واقي الشمس، ولكننا نقترح عليهم تجنب خلطه مع أكسيد الزنك سواء عن قصد باستخدام الواقيات الشمسية المخلوطة التي تدمج الجزيئات الصغيرة الحاجبة للأشعة الشمسية مع أكسيد الزنك، أو عرضيًا بخلط الواقي الشمسي مع منتجات أخرى تحتوي على أكسيد الزنك، مثل مستحضرات التجميل التي تحتوي على عامل حماية من الشمس (SPF)».

على الرغم من حقيقة أن العديد من الدراسات الأخرى أظهرت أن الواقيات الشمسية يمكنها أن تتفاعل بسرعة عند التعرض إلى الأشعة فوق البنفسجية، فإن عددًا قليل جدًا من الباحثين اختبر هذا التفاعل لمعرفة ما إذا كان يصدر نواتج ثانوية سامة.

إن المواد الكيميائية المعتمدة في إنتاج الواقيات الشمسية لم تُثبت عدم سميّتها إلا في حالتها النقية، أي بمفردها دون أن تُخلط مع مواد أخرى.

لفهم كيفية تفاعل المواد الكيميائية المعتمدة في إنتاج الواقيات الشمسية في الولايات المتحدة وأوروبا عند خلطها، اختبر الباحثون المكوّنات الموجودة في خمسة واقيات شمسية تجارية بعامل حماية من الشمس يبلغ 15.

اختبر الفريق بعد ذلك تأثير التعرض إلى الشمس مدة ساعتين وخلط أكسيد الزنك مع هذه التركيبات الكيميائية على فعاليتها وأمانها، وتشير النتائج إلى أنه حتى عند خلط كمية صغيرة من أكسيد الزنك مع الواقيات الشمسية غير المعدنية تنخفض الحماية من الأشعة فوق البنفسجية من النوع A (الذي يشكل غالبية أشعة الشمس) بنسبة تزيد عن 80% وقد تصل إلى 92%.

عندما لم يُضَف أكسيد الزنك، لم يفقد مزيج الواقيات الشمسية غير المعدنية سوى 15.8% من فعاليته ضد الأشعة فوق البنفسجية؛ ما يبين أن الواقيات الشمسية المصنوعة من جزيئات صغيرة الحجم لا تتكسر بدرجة كبيرة عند التعرض إلى الشمس، بيد أن الدراسة لم تختبر المنتجات التجارية مباشرةً، بل اختبرت فقط مكوناتها الرئيسية المسؤولة عن حجب الأشعة فوق البنفسجية؛ لذا يقول الباحثون أن المواد الحافظة والمواد الكيميائية الأخرى في الواقيات الشمسية المستخدمة قد تغير هذه النتائج وتحتاج إلى مزيد من الدراسة.

حتى ذلك الوقت، ينصح الباحثون بتجنب خلط أكسيد الزنك مع الواقيات الشمسية الأخرى، حتى إن كان مستحضر التجميل يحتوي على عامل حماية من الشمس، فإن ذلك يمكنه أن يقلل من فعالية المنتج، ومن المحتمل أن يقلل من أمانه أيضًا.

عندما عُرّضت أجنة الأسماك المخططة إلى أمزجة متنوعة من المواد الكيميائية وأكسيد الزنك مدة خمسة أيام تحت أشعة الشمس، لاحظ الباحثون مستوياتٍ مرتفعة من المنتجات الثانوية السامة لدى الأجنة عند إضافة أكسيد الزنك.

لم تتسبب هذه المنتجات في موت الأسماك المخططة، لكنها سببت عيوبًا شكلية في معظم الأحيان.

يقول الباحثون: «تقترح هذه النتائج أن جسيمات أكسيد الزنك قد تزيد من سمية الواقيات الشمسية بطرق غير معروفةٍ في وقتنا الحالي».

ويضيفون: «نخشى من أن زيادة سعة انتشار المواد الكيميائية الحاجبة للأشعة فوق البنفسجية (تحديدًا جسيمات أكاسيد المعدن)، إضافةً إلى نقص الدراسات في مجال التسمم الضوئي للواقيات الشمسية -خاصةً المنتجات المستحضرة-، قد تسفر عن نواتج ذات عواقب غير مرغوبة أو بدائل كيميائية غير محبذة».

من المؤسف أنه لا توجد بدائل مناسبة لأكسيد الزنك؛ فعلى سبيل المثال، لا يوجد الكثير من البدائل المعتمدة فدراليًا لأكسيد الزنك التي يمكنها أن تحجب الأشعة فوق البنفسجية بنفس الطريقة في الولايات المتحدة. أما في أوروبا، فإنه توجد مكونات غير عضوية أخرى معتمدة الاستخدام في الواقيات الشمسية لحجب الأشعة فوق البنفسجية، لكن يبدو أنها لا تتكسر وتنتج مواد كيميائية سامة مثل أكسيد الزنك.

من أجل اختبار سمّيتها المحتملة على نحو أفضل، مُزجَت المحاليل مع ثنائي ميثيل السلفوكسيد لزيادة قابلية ذوبانها في الماء، لكن الواقيات الشمسية لا تحتوي على ثنائي ميثيل السلفوكسيد، لذا فإن أي مادة كيميائية قد يكون لها تداعيات خطيرة علينا أو على الحياة البرية يجب أن تكون داعيًا للدراسة والبحث المتواصلين؛ خاصةً أن بعض الواقيات الشمسية الخطيرة غابت عن ملاحظتنا من قبل.

فعلى سبيل المثال، تبين أن مركبًا كيميائيًا حاجبًا للأشعة فوق البنفسجية ومستخدمًا في 3,500 علامة تجارية للواقيات الشمسية يعرقل نمو الشعاب المرجانية في المحيطات ويجعلها أكثر عرضة إلى الحوادث المسببة لابيضاض المرجانيات لسنوات، مع ذلك فإن هذه المكونات ما تزال مستخدمة باستمرار.

في السنوات الأخيرة، ازداد عدد الأشخاص الذين يشعرون بالقلق إزاء المواد الكيميائية المستخدمة في واقياتهم الشمسية، إلا أن الأبحاث والقوانين التنظيمية لهذه التركيبات ما تزال متخلفة بقدر كبير.

لا يقتصر هذا الأمر على الواقيات الشمسية فحسب، إذ إن هناك العديد من المستحضرات التجميلية التي نضعها على جلدنا كل يوم ولم يُختبَر أمانها كما ينبغي بعد، والأسوأ من ذلك، تبين أن بعض المستحضرات التجميلية قد تكون سامة أو سرطانية في أوروبا، لكنها ما زالت متاحة تجاريًا في البلدان الأخرى، مثل الولايات المتحدة.

إن سد الفجوة الهائلة في معرفتنا بهذه المسألة يُعد مهمة مضنية، وما يزيد من صعوبتها هو حقيقة أن بعض المواد الكيميائية قد تصبح سامة بعد تغيير بسيط في التركيبة أو خلط عدة منتجات معًا.

اختتم الباحثون: «عمومًا، ثمة حاجة إلى مزيد من الدراسات على الثبات والتسمم الضوئي للتراكيب المستخدمة في الواقيات الشمسية حتى نسترشد بها في إعداد تركيبات آمنة وفعالة وإنتاجها على نطاق واسع».

اقرأ أيضًا:

يحذر العلماء: معظمنا يرتكب خطأً حاسمًا عند وضع واقي الشمس

كيف تختار الواقي الشمسي المناسب؟

ترجمة: رحاب القاضي

تدقيق: أحمد الحميّد

المصدر