تمتاز الكواكب مثل المشتري وزحل بضغط أعلى مقارنةً بعمالقة الجليد: أورانوس ونبتون. يبدو الكوكبان أورانوس ونبتون غير مثيرين للاهتمام للوهلة الأولى، لكنهما قد يحتويان أسفل طبقاتهما الخارجية على شيء مذهل، مطر مستمر من الألماس!

يستخدم علماء الفلك اسم «عمالقة الجليد» لتصنيف الكواكب الخارجية للنظام الشمسي، أورانوس ونبتون، مع أنه لا علاقة لها بالثلج كما نعرفه، إذ إن مكونات هذه الكواكب مختلفة تمامًا.

يتكون الكوكبان الضخمان المشتري وزحل بالكامل تقريبًا من غازي الهيدروجين والهيليوم، وعبر التزايد السريع لهذين العنصرين، تمكنا من الوصول إلى حجمهما الحالي.

يطلق علماء الفلك على مكونات أورانوس ونبتون -الماء والأمونيا والميثان- اسم «الجليد»، رغم عدم وجود سبب مقنع لذلك. عندما تشكلت هذه الكواكب للمرة الأولى، كانت هذه العناصر في حالتها الصلبة غالبًا.

يوجد الكثير من الماء والأمونيا والميثان في أعماق السحب الخضراء والزرقاء لأورانوس ونبتون، لكن من المرجح وجود نوى صخرية لهذه العمالقة الجليدية، محاطة بعناصر قد تكون مضغوطة في حالات كمومية غريبة.

تتحول الحالة الكمّية في مرحلة ما إلى «حساء» شديد الضغط، ينخفض عمومًا عند الاقتراب من السطح.

لا نعرف الكثير عن الأجزاء الداخلية لعمالقة الجليد. آخر مرة حصلنا فيها على بيانات من قُرب لهذين الكوكبين كانت قبل ثلاثة عقود، عندما انطلق المسبار «فوياجر 2» في مهمته التاريخية.

منذ ذلك الحين استضاف المشتري وزحل عدة مسابير مدارية، في حين اقتصر تصورنا لأورانوس ونبتون على ملاحظات التلسكوبات.

لجأ العلماء إلى دمج تلك البيانات المحدودة مع التجارب المخبرية، التي تحاول محاكاة الظروف الداخلية لتلك الكواكب، لمحاولة فهم ما بداخلها.

هذا إضافةً إلى الاعتماد على الحسابات والنمذجة الرياضية، التي تساعدهم على فهم ما يحدث في حالات معينة، بناءً على البيانات.

بالدمج بين النماذج الرياضية والتجارب المختبرية، أدرك العلماء أن أورانوس ونبتون يمتلكان ما يسمى «مطر الألماس».

اقُترِحت فكرة المطر الألماسي للمرة الأولى قبل مهمة فوياجر 2، التي أُطلقت عام 1977.

نعلم مم يتكون أورانوس ونبتون، وأن المواد تزداد سخونة وكثافة كلما تعمقنا في الكوكب، إذ تساعد النمذجة الرياضية في سد الثغرات، مثل أن المناطق العميقة من أغلفة هذه الكواكب تتضمن درجات حرارة تبلغ 6727 درجة مئوية، وضغطًا يبلغ 6 ملايين ضعف الغلاف الجوي للأرض.

نستنتج من النماذج أن الطبقات الخارجية من الغلاف تكون أبرد إلى حد ما، إذ تبلغ درجة حرارتها نحو 1727 درجة مئوية، والضغط أقل كذلك إذ يبلغ نحو 20,000 ضعف ضغط الغلاف الجوي للأرض.

من هنا يأتي السؤال: ماذا يحدث للماء والأمونيا والميثان عند درجات الحرارة والضغوط المماثلة؟

قد تجزئ الضغوط الشديدة الميثان، ما يطلق الكربون، ثم يشكل الكربون سلاسل طويلة تُضغط معًا، فتتشكل أنماط بلورية تشبه الألماس.

تتساقط الأنماط الكثيفة الشبيهة بالألماس عبر طبقات الغلاف الجوي حتى تصبح شديدة السخونة، ثم تتبخر وتطفو مرة أخرى وتتكرر الدورة، ومن هنا جاء مصطلح المطر الألماسي.

الطريقة المُثلى للتحقق من صحة هذه الفكرة هي إرسال مركبة فضائية إلى أورانوس أو نبتون، وهو خيار مستبعد حاليًا، لذلك علينا إتباع طريقة بديلة، هي التجارب المخبرية.

يمكننا إطلاق أشعة ليزر قوية على أهداف قريبة لمحاكاة درجات الحرارة والضغوط الموجودة داخل عمالقة الجليد، وقد تمكنت إحدى التجارب باستخدام البوليسترين -الستايروفوم- من صنع الألماس النانوي.

لا يحتوي أورانوس ونبتون على كميات كبيرة من البوليسترين، لكن البلاستيك كان أسهل بكثير من التعامل مع الميثان في المختبر، ويفترض أنه يسلك سلوكًا مشابهًا جدًا.

يحتفظ أورانوس ونبتون بهذه الضغوط فترةً أطول بكثير من الليزر المخبري، ومن المفترض أن ينمو الألماس ليكون أكبر بكثير من حجم النانو.

بناءً على ما توصلنا إليه عن مكونات عمالقة الجليد وهياكلها الداخلية، ونتائج التجارب المخبرية والنمذجة الرياضية، فإن المطر الألماسي حقيقة واضحة.

اقرأ أيضًا:

هل يوجد ألماس في المحيط؟

لأول مرة، العلماء يصنعون الألماس في المختبر من دون حرارة

ترجمة: عمرو أحمد حمدان

تدقيق: تسبيح علي

المصدر