كشف علماء من البعثة الفضائية (داون-Dawn) التابعة لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا، النقاب عن صور جديدة التقطتها المركبات الفضائية المتواجدة في مدار الكوكب الصغير (سيرس-Ceres)، إضافة إلى بعض المناظر الجديدة للحفرة البركانية (أوكاتور-Occator) وذلك في المؤتمر السنوي السابع والأربعين لعلوم الأقمار والكواكب، الذي أقيم يوم الثلاثاء في تكساس.

ويبلغ قطر حفرة أوكاتور 57 ميلًا، أي ما يعادل 92 كم، وعلى عمق ميلين ونصف أي ما يعادل 4 كم، وتحتوي الحفرة على أكثر البقع بريقًا على سطح الكوكب القزم سيرس الذي استكشفته البعثة الفضائية داون منذ أوائل عام 2015، وتكشف الصور التي التقطت من مسافة تبعد 240 ميلًا عن سطح الكوكب، وجودَ قبة داخل حفرة مستديرة في الجهة الأكثر بريقًا من فوهة البركان، وأظهرت أيضًا وجود العديد من الكسور السطحية التي تتقاطع في قمّة القبّة وعلى جوانبها، بالإضافة إلى شقوق بارزة تحيط القبّة وتخترق مناطق أصغر حجمًا وبريقًا وجدت داخل الحفرة.

يقول عالم الكواكب والباحث (رالف جومان-Ralf Jauman) “قبل أن تبدأ المهمة الفضائية داون بتدوين ملاحظاتها المكثفة حول كوكب سيرس في العام الماضي، كانت الحفرة البركانية أوكاتور تبدو كأنها بقعة مضيئة، أما الآن فيمكننا أن نرى عن قرب تلك السمات المعقدة التي كشفت النقاب عن ألغاز جيولوجية جديدة”.

ويضيف: “الهندسة الداخلية المعقدة للحفرة تفترض وجود نشاط جيولوجي حدث في الآونة الأخيرة، ولكنا سنكون بحاجة إلى إكمال رسم خرائط جيولوجية تفصيلية للحفرة من أجل اختبار الفرضيات التي أدت إلى تشكيلها “.

اختلاف ألوان سطح الكوكب

قدم الفريق خارطة تكشف المزيد عن ألوان سطح الكوكب سيرس، وتسلط الضوء على تنوع المواد السطحية وعلاقاتها الجيولوجية مع بعضها البعض، وأقدم العلماء على دراسة أشكال الحفر وتوزيعها على السطح باهتمام كبير، ووجدوا أنّ الأحواض في كوكب سيرس ليس لها تأثير كبير على سطح الكوكب كما كان يظن العلماء، ولكن عدد الحفر بشكل عام قد يوافق توقعاتهم، أما عن المواد الزرقاء التي أظهرتها الخارطة الملونة فلها علاقة بالتدفقات والسهول الملساء والجبال، والتي يبدو أنها سمات سطحية تكونت حديثًا جدًا.

يقول جومان: “على الرغم من تأثير العمليات الجيولوجية على تشكيل سطح الكوكب، إلا أننا استطعنا تحديد تباينات في ألوان معينة على السطح، تشير إلى حدوث تغيرات في المواد التي تشكلت نتيجة تفاعلات معقدة أثرت في تكوين الطبقة تحت السطحية، بالإضافة إلى أن ذلك يعطي دليلاً على اختلاط مكوّنات الطبقة تحت السطحية بجليد ومواد متطايرة.”

عدد النيوترونات

استطاع العلماء الوصول إلى البيانات التي أشارت إلى إمكانية وجود طبقة جليدية تحت السطح من خلال ما كشفت عنه أشعة جاما التابعة لبعثة داون الفضائية والكاشف النيوتروني (غراند-GRaND)، الذي كان قد بدأ في جمع بيانات أولية عن الكوكب خلال كانون الأول، أما النيوترونات وأشعة جاما فنتجت عن تفاعل الأشعة الكونية مع المواد السطحية، مقدّمةً أثرًا عن التركيب الكيميائي لسطح سيرس.

كشفت آلات المهمة الفضائية داون في مداره الأدنى ارتفاعًا، عن جود نيوترونات قرب قطبي كوكب سيريس بنسبة أقل بكثير من تلك الموجودة عند خط الاستواء، مما يشير إلى زيادة تركيز الهيدروجين في خطوط العرض العليا، وبما أن الهيدروجين مكون رئيسي للمياه؛ فمن المحتمل تكون الجليد بالقرب من السطح في منطقة القطبين.

يقول قائد المبادرة والباحث المشارك في بعثة داون لدى معهد علوم الكواكب (توم برتيمان-Tom Prettyman) “ستقوم تحليلاتنا باختبار فرضية سابقة، وهي إمكانية بقاء الجليد كما هو عليه عند خطوط العرض العليا لسطح كوكب سيرس البارد لمليارات السنين”.

سر الحفرة (هاولاني-Haulani)

أشارت البيانات التي جمعها مطياف الأشعة وراسم الخرائط (VIR) إلى تباين بنية الطبقة تحت السطحية وتكوينها في مناطق مختلفة من سطح الكوكب، ويبحث هذا المطياف في كيفية انعكاس الأطوال الموجية المختلفة لأشعة الشمس على السطوح، مما يسمح للعلماء بالتعرف على المعادن.

تعتبر حفرة هاولاني بشكل خاص مثالًا مثيرًا للجدل يبيّن التنوع في تركيبة مواد كوكب سيرس السطحية، وتكشف هذه الحفرة غير منتظمة الشكل، مع خطوطها المعدنية اللمعة، عن مواد سطحية مختلفة نسبيًا عن المناطق المحيطة بها، وفي حين يتكوّن معظم سطح سيريس من خليط مواد يحتوي على الكربونات وفيلوسيليكاتيس؛ تختلف نسبتها في جميع أرجاء السطح.

تقول كبيرة علماء جهاز الأشعة VIR (ماريا كريستينا دي سانكتس-Maria Cristina de Sanctis) “تكشف الصور ذات الألوان السالبة للحفرة هولاني عن مواد سطحية تعرضت لمؤثرات معينه جعلتها مختلفة عن باقي المواد التي كونت بقية أرجاء سطح الكوكب، تنوع المواد يعني ضمناً أن هناك طبقة مختلطة تحتها، أو أن الأثر نفسه كان سبباً في تغير خصائص المواد.”

الصورة الكبيرة

دخلت بعثة داون التاريخ في العام الماضي بصفتها أول بعثة وصلت إلى كوكب قزم، والأولى في تحقيق مدارات مميزة لهدفين خارج الأرض – كل منهما رئيسي تم ربطه بين المريخ والمشتري- وأجرت البعثة ملاحظات مكثفة من كوكب (فستا-Vesta) أثناء مدارها 14 شهرًا هناك في 2011-2012.

يقول رئيس باحثي بعثة داون في كاليفورنيا (كارول ريمون-Carol Raymond Pasadena) “نحن الآن متحمسون لكشف النقاب عن هذه الصور الجديدة والجميلة، وبخاصة فوهة أوكاتور، التي توضح مدى تعقيد عمليات تشكل سطح الكوكب، ويمكننا أن نرى البقع المضيئة في سيرس والمعادن السطحية بدقة عالية، نحن مشغولون بالعمل لمعرفة ما هي العمليات الفريدة من نوعها، التي شكلت هذا الكوكب القزم، وبمقارنة كوكب سيرس مع فستا؛ سوف نتمكن من استنتاج رؤى جديدة حول بدايات النظام الشمسي “.


 

المصدر