الكل يصرخ، والأصوات ترتفع وتتداخل، ما بين البكاء والضحك.

هذا هو ما ستعيشه إن قررت زيارة مدينة الألعاب الروسية (الملاهي)، التي تمتلك أكثر الألعاب إثارةً في العالم، وهي لعبة (الجبال الروسية)، وهذه اللعبة عبارة عن عربات تتحرك على قمم جبلية مرتفعة للغاية، وتكمن الإثارة في أن العربات تتخذ مسارًا متفاوتًا من الصعود لقمة الجبل، ثم الهبوط المفاجئ لمستوى منخفض.

تبدأ العربات بالتحرُّك من قمة مرتفعة، وتستمر بالهبوط والصعود، وكل قمة تتخطاها تكون أقل في الارتفاع من التي تسبقها، وحركة هذه العربات تتضمن نوعين من المفاهيم الفيزيائية، وهما قوانين الحركة الميكانيكية والحرارة، فعند تحرُّك تلك العربات على الشريط الحديدي المُخصَّص لها، بالتأكيد تتولَّد حرارة نتيجة الاحتكاك، وفي علم الفيزياء لا توجد عملية ميكانيكية لا يصحبها تولُّد حرارة.

دعنا نهمل تواجد الحرارة، ونفترض أن هناك حركة ميكانيكية فقط، ولا يوجد أي احتكاك بين العربة وبين الشريط الحديدي، فنحن أمام أمرٍ لا مفر منه، وهو يشترط أن تكون القمم التي ستمر عليها العربات أقل من القمة التي تبدأ منها الحركة، فإن افترضنا أن أول قمة ارتفاعها 40 متر، فيجب على القمم التي تليها أن تكون أقل من 40 متر، وإلّا لن تصل العربة لخط النهاية.

لكن في حقيقة الأمر لو افترضنا تواجد احتكاك، فإن الاحتكاك سيكون أحد العوامل التي تعوق صعود العربة لهذا الارتفاع أثناء حركتها.

ما رأيك بأن نركب إحدى هذه العربات الآن؟، ونعيش وسط الأجواء الفيزيائية التي ستطرأ على تلك العربات.

العربة عند أول قمة تكون سرعتها تساوي الصفر، وعندما تبدأ بالحركة تتزايد السرعة تِباعًا، حتى تصل إلى أقصى سرعة عندما تكون العربة بالقرب من الأرض، أو بطريقة أخرى فإن العربة عند القمة تمتلك طاقة وضع عُظمى، وطاقة الحركة تكون مُنعدمة، بينما بالقرب من الأرض يكون العكس، فتكون طاقة الوضع مُنعدمة، بينما طاقة الحركة تكون أكبر ما يمكن.

لو أن هناك شخص يمتلك قدرًا من المال، وليكن مثلًا بالدولار الأمريكي، وقرر أن يقوم بتحويله للجنيه المصري، فما حدث هنا هو أن مقدار المال ثابت، ولكن عدده يتغير من قيمة لأخرى حسب البلد، هذا بالضبط ما حدث بالنسبة لطاقتي الوضع والحركة، فكلٌ منهما تتغير قيمته عند كل نقطة، ولكن مجموعهما يظل ثابتًا على الدوام، وعند توصيف هذا الأمر رياضيًا وجدنا أنفسنا مُضطرين لوضع مفهوم (الطاقة الكامنة)، والطاقة الكامنة لها مفهوم علمي وهو « جزء الطاقة الداخلية لمادة تتغير بحسب حالة المادة»، وبما أن مجموع الطاقتين يكون ثابتًا على الدوام، فنحن أمام ثابت حركة أو طاقة ميكانيكية كُليِّة.

عليك أن تتذكر عزيزي القارئ، بأن كل ما سبق حدث، بعد تجاهل الاحتكاك وإزالته، لكن عند وجوده سيكون الأمر مختلفًا تمامًا، فطاقة الحركة وطاقة الوضع لن يظل مجموعهما ثابتًا، وستتناقص كُلٌ منهما مع مرور الوقت وزيادة المسافة، وكل ما سبق ونحن نتحدث عن الحركة، لكن ماذا عن الحرارة التي تنتج من هذه الحركة؟

البعض يعتقد أن الحرارة شكل من أشكال الطاقة، وبالتالي يمكننا تضمينها مع الطاقة الحركية، وطاقة الوضع، ويصبح المجموع ثلاث أشكال من الطاقة، يتساوى مجموعهم عند كل نقطة من نقط الحركة، هذا ما سنتعرف عليه في قادم المواعيد.