هل حان الوقت لتحذير النّساء من المخاطر الحقيقيّة للولادة الطّبيعيّة؟

يجتمع هذا الشّهر أطبّاء التّوليد في المملكة المتّحدة، لمناقشة ما إذا كان ينبغي عليهم رسميًّا تقديم النّصيحة للنّساء بشأن مخاطر الولادة الطّبيعيّة (المهبليّة)، تمامًا مثلما يحذّرون من الولادة القيصريّة.

حاليًّا، وبشكلٍ قانونيّ، فإنّ النساء بحاجة إلى التّحذير من المخاطر المرتبطة بالولادة القيصريّة -كالوقت الطّويل الّذي تحتاجه للتّعافي، بعكس الولادة الطّبيعية- وليس الولادة المهبليّة، رغم أنّ الولادة الطّبيعية أيضًا لها مضاعفات أخرى خاصّة بها.

ويأتي هذا الاجتماع بعد أن منحت المحكمة العُليا في المملكة المتّحدة العام الماضي نحو 9 ملايين دولار لإحدى النّساء؛ كتعويضٍ عن الأضرار الّتي لحقت بطفلها أثناء الولادة المهبليّة، حيث أُصيب بتلف الدماغ نتيجة نقص الأكسجين عنه لفترة طويلة.

وقد كان طبيبها على علمٍ بأنها معرّضة بشكلٍ كبير لحدوث المُضاعفات؛ فلديها حوضٌ صغير، ومُصابة بمرض السّكّري أيضًا، ولكنّه لم يخبرها أبدًا عن أيّ من هذه المخاطر المُتزايدة.

والآن، ستقوم الكلّيّة الملكية لأطباء التّوليد وأمراض النّساء، بمناقشة ما إذا كان ينبغي عليهم تغيير الإجراءات والتّوجيهات؛ كي تكون أكثر انفتاحًا بشأن مخاطر الولادة الطّبيعية.

حاليًّا، بإمكان النساء في كلٍّ من الولايات المتّحدة الأمريكية، والمملكة المتّحدة، وأستراليا، أن تطلب إجراءَ ولادةٍ قيصريّة دون أن يكون هناك سببٌ طبّيّ لذلك، ولكن، هذا ليس قبل أن تُوقِّع على إقرارٍ أو إعفاءٍ يتضمّن أنّه قد تمّ تحذيرها من المخاطر أوّلًا، ويتأثّر القرار النّهائيّ بشكلٍ كبير بنصيحة أطّبّائهنّ.

ولكنّ الأدلة تتزايد على أنّ الولادة القيصريّة الاختياريّة والمقرّرة سلفًا؛ هي الخيار الأكثر أمانًا للأمّهات في حال كانت كبيرة في السّن، وستلد للمرّة الأولى. ولكن، في أيّ عمر، فإنّ الولادة الطّبيعيّة مرتبطة بخطر تمزّق عضلات قاع الحوض لدى النّساء، إضافةً إلى مضاعفاتٍ قد تُؤذي الطّفل وتُعرّضه إلى الصّدمة، أو تجبر الأمّ على الخضوع لعمليّة قيصريّة طارئة.

ومع ارتفاع متوسّط عمر الأمّهات لأوّل مرّة إلى نحو الثّلاثين في الدّول المُتقدّمة، يرتفع احتمال حصول هذه المخاطر أيضًا.

وأظهرت دراسة في عام 2014، أجراها هانز بيتر ديتز «Hans Peter Dietz» من كلّيّة سيدني الطّبّيّة في أستراليا، أنّه في السّنوات الأخيرة، زاد خطر تمزّق عضلات قاع الحوض لدى النّساء في الولادة الأولى بنسبة 6%.

وقال هانز: «تزداد فرصة انفصال العضلات عن العظم العاني بنسبة 10% في سنّ 20، إلى 20% في سنّ 40».

يقول ويلسون: «يُعتبر السّنّ عاملًا مهمًّا في ذلك، حيث كلّما تقدّمنا في السّنّ، تقلّ قدرة العضلات والأربطة على التّمدّد، ممّا يجعلها أكثر عرضة للتّمزّق أثناء الولادة، وزيادة احتمال الحاجة لعمليّة قيصريّة طارئة، والّتي تحمل معها خطرًا كبيرًا للإصابة بعدوى، وحدوث نزيف، وتجلّطات في الدّم بشكلٍ أكبر من العمليّات القيصريّة المُقرَّرة سلفًا».

ولكن، لا يمكن القول بأنّ العمليّات القيصريّة المُقرَّرة سلفًا خالية من المخاطر، إذ إنّ الجراحة تحمل معها خطر العدوى، وفقدان الدّم، وقد تُؤدّي إلى مضاعفاتٍ يمكنها أن تُؤثّر على الحمل في المستقبل.

يقول طبيب التوليد في الخدمات الصّحّيّة الوطنيّة في المملكة المتّحدة، بريان بيتي «Bryan Beattie»: «قد زُوِّدَت النّساء بمنشوراتٍ حول مخاطر العمليّات القيصريّة، مع أنّ معظمهنّ يخترنَ الولادة الطّبيعيّة، حيثُ لا توجد منشورات بشأن مخاطرها».

ولكن، هناك قلق بشأن أنّ الكثير من النّساء سوف تتّجه نحو اختيار العمليّة القيصريّة بدون داعٍ، في حال تمّ التّأكيد على مخاطر الولادة الطّبيعيّة بشدّة.

وقالت لويز سيلفيرتون «Louise Silverton»، من الكّلّيّة الملكيّة للقابلات (النّساء أو الرّجال الّذين يُمارسون التّوليد): «نحن بحاجة لنقاشٍ بشأن ما ينبغي أن نُؤكِّد عليه».

ولكن، وفقًا للدّكتور، بيتي فإنّ الخيار ينزل لرغبة النّساء، حيث يقول: «على أيّ حال، سوف نتّبع القرار الّذي سيتّخذه أطبّاء التّوليد في المملكة المتّحدة هذا الشّهر، والّذي نأمل أن يُتَّخذَ في بقيّة دول العالم».


  • إعداد: لينا إبراهيم
  • تدقيق: دانه أبو فرحة
  • تحرير: رغدة عاصي
  •  المصدر