دواء لخفض ضغط الدم قد يكون العلاج المنتظر للداء السكري


من الصعب والمُكلف على حدٍّ سواء بالنسبة للعلماء وشركات الأدوية إنتاج أو ابتكار أي دواء جديد، حيث تشير التقديرات إلى أنَّ تكلفة إنتاج أي عقار دوائي جديد تتراوح بين 1,3–5 مليار دولار! ولذلك يكون الجميع سعداء عندما يتم اكتشاف تأثير جديد لدواءٍ متداول ويتم استخدامه لأغراض أخرى.
ولحسن الحظ يبدو أنَّ هذا ما حصل للتو، فقد اكتشف فريق مشترك من الباحثين من جامعتي ألاباما وبيرمنغهام أنَّ لدواء الفيراباميل (Verapamil) وهو أحد خافضات ضغط الدم شائعة الاستخدام؛ تأثيرًا معاكسًا للداء السكري من النمط الأول Diabetes 1))، هذه التأثيرات تمَّ اكتشافها في التجارب المخبريَّة وسيبدأ تجريب الدواء بشكل سريري على البشر قريبًا.

الداء السكري من النمط الأول (وكذلك يُطلق عليه السكري الشبابي أو السكري المعتمد على الإنسولين) هو أقل شيوعًا بكثير من النمط الثاني؛ فهو يشكِّل 5% فقط من حالات السكري ويظهر غالبًا عند الأطفال والشباب، ولكنَّه أخطر وأكثر تأثيرًا على الجسم من النمط الثاني وعلاجه أصعب بكثير؛ حيث يتوقَّف البنكرياس في هذا الداء بشكل شبه كلِّي عن إفراز الإنسولين نتيجة خلل مناعي، يتمثَّل بمهاجمة خلايا بيتا التي تفرز الإنسولين من قبل بروتين (TXNIP). وكلَّما ارتفعت كميَّات هذا البروتين في خلايا بيتا في البنكرياس زاد تخرُّب هذه الخلايا ونقصت مستويات الإنسولين، واشتدَّت أعراض الداء السكري.
وهنا يأتي دور الفيراباميل، والذي كان يستخدم لعلاج ارتفاع الضغط الشرياني وتصحيح اضطرابات نظم القلب، فالتأثير الجديد الذي اكتشف للفيراباميل هو إنقاصه لمستويات TXNIP)) ضمن البنكرياس مما يوقف تخرُّب خلايا بيتا المُفرزة للإنسولين، وتعود كمية الإنسولين للزيادة ويتم معاكسة الداء السكري بشكل فعَّال.

النتائج التي تمَّ الحصول عليها في المخبر مُشجِّعة جدًا، ويطمح الفريق الذي توصَّل لهذا الاكتشاف في البدء بتجريب الدواء على 52 مريض سكري متطوِّع تتراوح أعمارهم بين 19 و45 عامًا، ومقارنة نتائجه بنتائج العلاج بمضخة الإنسولين (insulin pump) والدواء الوهمي placebo))، وبالطبع لن تقتصر الفائدة المرجوَّة من هذا الدواء على النمط الأوَّل من الداء السكري بل ستشمل النمطين معًا.
إنَّ هذا الدواء في حال نجاحه في التجارب السريريَّة على البشر سيشكِّل اختراقًا كبيرًا وانتصارًا غير مسبوق في الحرب على الداء السكري، الذي يعتبر من أكثر الأمراض التي عرفها البشر خطورةً وفتكًا.


إعداد: د. محمد الأبرص
تدقيق: دانه أبو فرحة
المصدر