مواد تحسب وأنظمة تتعرف على الأنماط إنجاز علمي جديد


أخذت إمكانية تطوير الأنظمة القادرة على الحساب طورًا جيدًا في جامعة سوانسون بيتسبرغ في ولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة، فقد أثبت الباحثون ولأول مرة أنَّ المواد يمكن أن تُصمَّم بحيث تتعرف على الأنماط البسيطة.

يمكن لهذه المواد سريعة الاستجابة والهجينة التي تُشغَّل بواسطة ردود فعلها الكيميائية أن تُدمَج يومًا ما في صناعة الألبسة وعمليات مراقبة جسم الإنسان، أو أن تُستخدم في صناعة البشرة الاصطناعيَّة للروبوتات الاسفنجيَّة.

تمَّت نمذجة هذه العمليّات الحسابيَّة باستخدام جِل (BZ) وهو عبارة عن مادّة تتذبذب بغياب المحفّزات الخارجيّة، بالإضافة إلى نتوء بيزوكهربائي (PZ) متراكب، وهذا ما يُسمّى بوحدات BZ-PZ.

تقول الأستاذة الجامعية في الهندسة النفطيَّة والكيميائيَّة (آنا بالاش – (Anna C. Balaz: «على عكس ما هو شائعٌ بين معظم الناس، إن حسابات BZ-PZ ليست رقميَّة، لذا فإنَّ التّعرّف على نمط (رسم) غير واضح من خلال صورةٍ يتطلب حوسبة غير تقليديَّة».

وتضيف: «قد استطعنا وللمرة الأولى إظهار كيفيَّة عمل هذه المواد في حسابات التّعرّف على الأنماط».

قام الأستاذ الجامعي (ستيفين ليفيتان – (Steven P. Levitanوالباحث (يانغ فان- (Yan Fangفي البداية بتخزين نمطٍ من الأرقام كمجموعةٍ من القطبيات في وحدات BZ-PZ، بحيث يُشفّر نمط الدَّخل خلال الطَّور الأول من الذبذبات المُطبّقة على هذه الوحدات.

وكشفت النَّمذجة الحاسوبيَّة أنَّ نمط الدَّخل الأقرب (الأكثر تشابهًا) للدخل المُخزّن يظهر زمن التَّقارب الأسرع لسلوك التَّزامن المستقر) خرج مستقر ومُتوقع بالنسبة للدخل (، وهذا النمط هو أيضًا الأكثر فعالية في التعرف على الأنماط.

في هذه الدِّراسة تمَّت برمجة المواد لتتعرف على البكسلات (عناصر الصُّورة) البيضاء والسوداء التي على شكل أرقام كان قد تمَّ تشويهها.

تُعَدّ هذه الحسابات بطيئة وتأخذ عدة دقائق مقارنةً بالحاسوب العادي، وقد قال الأستاذ المساعد في البحث (فيكتور ياشين-(Victor V. Yashin: «إن الأحداث الفرديَّة بطيئة لأنَّ ذبذبات BZ بطيئة»، ويضيف: «على أية حال هنالك بعض المهام التي تأخد تحليلًا أطول، وتكون طبيعيَّة أكثر في عملها، لهذا السَّبب يُعد هذا النَّمط من الأنظمة مثاليًا لمراقبة البيئات مثل جسم الإنسان».

فعلى سبيل المثال قال الأستاذ المساعد ياشين أنَّ المرضى الذين يتعافون من إصابةٍ ما في اليد يمكنهم أن يرتدوا كفًّا يراقب حركتها حيث تُعلِم الأطباء ما إن كانت اليد تتعافى بشكلٍ صحيحٍ أو أنَّ المصاب قد حسّن من حركته.

وهناك استخدام آخر ممكن لهذه الآلية وهو مراقبة الأفراد من خطر الإصابة المبَّكرة بمرض الزَّهايمر وذلك بارتداء حذاءٍ يقوم بتحليل طريقة المشي ويقارن النَّتائج بحركات المشي الطبيعيَّة، أو من خلال ارتداء ملابس تراقب نشاط القلب والأوعية الدُّمويَّة عند الأشخاص الذين يرتفع لديهم خطر الإصابة بأمراض القلب والسَّكتة الدِّماغية.

ليس هناك حاجة إلى مصدر كهرباء خارجي حيث تقوم الأجهزة بتحويل ردود الفعل الكيميائيَّة إلى طاقةٍ كهربائيَّة، ومن الممكن أن يكون هذا مثاليًا بالنِّسبة إلى الروبوتات وغيرها من الأجهزة التي قد تستخدم جلدًا حساسًا في صناعتها.

قال الباحث فانغ: «هدفنا القادم هو الانتقال من تحليل البكسلات التي بالأبيض والأسود إلى صورٍ وأشكالٍ رماديَّةٍ أكثر تعقيدًا، بالإضافة إلى تحسين قدرة تخزين الأجهزة»، وأضاف: «كانت هذه خطوة مثيرة للاهتمام بالنسبة لنا وتكشف أنَّ مفهوم (المواد القادرة على الحوسبة) قابلٌ للتَّطبيق».

وقد أشار مدير مؤسسة العلوم الوطنيَّة الأمريكيَّة NSF (سانكار باسو- (Sankar Basu: «تتطور مطالب الحوسبة وطبيعتها بوصول تقنية أدائها إلى حدود نمو قانون مور».

وأضاف: «يُعتبَر هذا العمل في جامعة بيتسبرغ المدعوم من قبل NSF مثالًا على هذه النَّقلة الكبيرة من الحوسبة الرّقميّة التّقليديّة المعتمدة على دارات CMOS السيليكونية إلى آلة مختلفة عن آلات فون نويمان بوجود ركيزة من البوليمير (مادة كيميائية)، ومع استهلاكٍ منخفضٍ للطاقة. يُعدُّ هذا المشروع مثالًا نادرًا عن الجمع بين التَّخصصين الأكثر أهميّة وهما علم المواد وهندسة الحواسيب».


ترجمة: سارة عمّار
تدقيق: دعاء عسَّاف
المصدر