تعرفوا على (الالتهام الخلوي) البحث الحائز على جائزة نوبل في الطب لعام 2016


حصل الباحث الياباني يوشينوري أسومي (Yoshinori Ohsumi) من معهد طوكيو للتكنولوجيا والبحوث الأساسية على جائزة نوبل في الطب أو علم وظائف الأعضاء لعام 2016، يصف البحث وظيفة التنظيم الأساسية في الخلية والتي تسمّى الالتهام الذاتي (البلعمة الذاتية).

الالتهام الذاتي أو البلعمة الذاتية (autophagy) المصطلح المشتق من اليونانية هي آلية واضحة تقوم الخلية من خلالها بهضم بعض الهياكل الداخلية الكبيرة والبروتينات شبه الدائمة في عملية تنظيف مستمرة، ومن المرجح أن تكون هذه الآلية قد نشأت في الأساس كرد فعلٍ للتعامل مع حالات المجاعة فتقوم الخلية بالتهام بعض أجزائها الخاصة من أجل الاستمرار بالحياة، ولكن على مع تقدم الزمن أصبحت البلعمة الذاتية أداةً أساسيةً تستخدم من قبل الخلايا للحفاظ على صحتها، ومقاومة العدوى وربما مكافحة السرطان.

يعد الالتهام الذاتي حدثية حيوية مهمة خاصةً في الخلايا العصبية التي تميل للعيش لفترة طويلة وبالتالي ستحتاج إلى التجدد المستمر، وتحدث عملية البلعمة الذاتية في “السيتوبلازم” وهو السائل الهلامي الذي يملأ الخلية خارج النواة كما هو موضح في مقالة نشرت في عام 2008 عن الالتهام الذاتي في مجلة Scientific American : «إن عمل السيتوبلازم معقد حيث أنه يخضع باستمرار لعملية مضغ مع باقي المخلفات من العمليات الجارية في الخلية».

يعدّ الالتهام الذاتي في مرحلة من مراحله منظفًا للفضلات الموجودة في الخلايا التي تخثر السيتوبلازم مع بقايا لفتات البروتينات وغيرها من الرواسب غير المرغوب بها والتي يجب أن تُنظَّف، وفهم عملية الالتهام الذاتي يمكن أن يسهم في إيجاد حلول لتلف الخلايا العصبية في مرضي الزهايمر وباركنسون (الشلل الرعاشي) وغيرها من الأمراض العصبية، ولكنه احتاج إلى عقود من الزمن فقد كشف العالم البلجيكي (كريستيان دودوف Christian de Duve) في عام 1950 هياكلًا ضمن الخلية لم تكن معروفة سابقًا وأطلق عليها دودوف اليحلولات (الجسيمات الحالة)، ثمّ وجد هو وآخرون أنّ العضية تتضمن العديد من الإنزيمات التي من شأنها في ظل الظروف الصحيحة تمزيق البروتينات وحتى العضيات الأخرى، مما يتيح إعادة استخدام أجزائها من قبل الخلايا الأخرى، وكان واحدًا من ثلاثة أشخاص فازوا بجائزة نوبل بفعل هذا الاكتشاف وغيره من الأعمال في عام 1974، ثمّ في عام 1990 قرر أسومي دراسة تلك الأنزيمات والتي غالبًا ما تستخدم في المختبر كنموذج للعمليات الأساسية في خلايا الكائنات العليا، بما فيها البشر.

وبعد البحث تبين أنّ تشكُل الفجوات في الخميرة يحصل عند نقص المواد الغذائية الواردة إلى الخلايا، وتبدأ عندها عملية التبوغ والتي قد ينتشر إلى المناطق الأكثر خصوبة في الخلية، ولكن أوسومي لاحظ نقصًا في الأبحاث في هذا المجال ووجدها فرصةً فريدةً ليأخذ هذا الحقل من الأبحاث بالكامل لنفسه تقريبًا.

وقال في مقابلة بعد فوزه بجائزة Inamori Foundation’s Kyoto Prize)) في عام 2012: «لقد اخترت نقل المواد إلى فجوات الخميرة كمشروعٍ لبحثي، لأنه لم يدرس من قبل أحد آخر».

أخيرًا، يدرك العلماء اليوم أن الالتهام الذاتي هو أمر أساسي لصحة الخلية، حتى أنهم بدأوا بالتخصص في وصف أنواع معينة من الالتهام الذاتي، مثل الهضم والانحلال (التدرك) في المتقدرات (الميتوكوندريا) المنهكة والبالية والتي هي مصدر قوة الخلية والشبكة الإندوبلازمية والتي تحشد في طياتها البروتينات وترسلها إلى بقية أجزاء الخلية.


المترجم: كمال سلامي
تدقيق: داليا المتني
المصدر