من أين يبدأ الفائزون بنوبل مسيرتهم ؟


يحظى الطلاب الجامعيون في المؤسسات التعليمية المتميزة الصغيرة بأفضل فرص الفوز بجائزة نوبل. وتأتي المدرسة العليا للأساتذة (إيكول نورمال سوبيريور) على رأس القائمة.

توجد العديد من الطرق لتصنيف الجامعات، لكن إحدى هذه الطرق التي يندر أخذها بالاعتبار هي عدد الخريجين الذين يقدمون إسهامات استثنائية في المجتمع. لذا، ركز تحليل جديد على هذه النقطة، مُصنِفًا المؤسسات التعليمية حسب نسبة خريجيها الذين حازوا على جائزة نوبل.

وجاءت كليتان في مقدمة التصنيفات وهما: المدرسة العليا للأساتذة (إيكول نورمال سوبيريور) في باريس ومعهد كاليفورنيا للتقنية (كالتك) في باسادينا. تقبل هاتان المؤسستان الصغيرتان المتميزتان ما يقل عن 250 طالبًا كل عام، لكن عدد الحائزين على جوائز نوبل ممن يتخرجون منهما يفوق ما تحققه في هذا الشأن بعض من كبرى الجامعات عالمية المستوى بمئات المرات.

ويقول جوناثان واي، عالم النفس بجامعة ديوك في دورهام بكارولينا الشمالية والمشارك في هذه الدراسة غير المنشورة: “هذه إحدى طرق التعرّف على الكليات التي لها تاريخ في إحداث تأثير جوهريّ. وهي تقدم لنا أسلوبا جديدا في التفكير بشأن تقييم ما يجعل أية مؤسسة جامعية مؤسسة عظيمة”.

درس واي وستيفن هسو، الفيزيائي بجامعة ولاية ميشيغان في مدينة إيست لانسنغ، 81 مؤسسة تعليمية بجميع أنحاء العالم، وحصل ثلاثة من خريجيها على الأقل على إحدى جوائز نوبل في إحدى الفئات الستة في الفترة ما بين 1901 و2015. ولعقد مقارنة هادفة بين الكليات التي تضم مجموعة متنوعة من الخريجين، قسم الفريق عدد الحائزين على جائزة نوبل بالكلية على العدد المُقدّر للطلبة الذين سيتخرجون منها.

صغيرة لكن مؤثرة

الكثير من الكليات التي تأتي على رأس القائمة من حيث حصول خريجيها على جائزة نوبل كليات خاصة وتحظى بموارد مالية كبيرة. ومن المثير للدهشة أن العديد من كليات الفنون الحرة الأمريكية الصغيرة للغاية جاءت من بين أفضل المؤسسات التعليمية في هذا الشأن، مثل كلية سوارثمور في بنسلفانيا (المركز الرابع) وكلية أمهرست في ماساتشوستس (المركز التاسع).

أفضل المؤسسات الجامعية من حيث حصول خريجيها على جائزة نوبل

أفضل المؤسسات الجامعية من حيث حصول خريجيها على جائزة نوبل

المصدر: جوناثان واي وستيفن هسو

يقول واي: “ما تفعله هذه الكليات الصغيرة قد يمثّل نماذج مهمة يُحتذَى بها فيما يتعلق باختيار الطلبة وتدريبهم”. ويضيف واي أنه على الرغم من أن الالتحاق بإحدى الكليات المذكورة في القائمة لا يضمن تحقيق إنجازات مهمة فيما بعد، فإن احتمالية حدوث ذلك للمقبولين فيها أعلى بكثير من غيرهم.

لقياس التوجهات على مدار الزمن، قسّم واي عينة من 870 فائزًا بجائزة نوبل إلى فئات زمنية تبلغ مدة كل منها 20 عامًا. بدأت الجامعات الأمريكية، التي تمثّل الآن نحو نصف قائمة أفضل 50 جامعة، تحتل السيادة في هذا الشأن بعد الحرب العالمية الثانية. وبينما تراجع التمثيل الفرنسي في تصنيفات نوبل بمرور الزمن، ظلت المدرسة العليا للأساتذة (إيكول نورمال سوبيريور)، التي تأتي في أعلى التصنيف، محتفظة بمكانتها من حيث حصول خريجيها على جائزة نوبل.

سبق وأن أجرى هسو وواي تحليلين مشابهين، لكنهما أوسع نطاقًا، لمعدل تخريج الجامعات الأمريكية لفائزين بجائزة نوبل أو ميدالية فيلدز (في الرياضيات) أو جائزة تورنغ (في علوم الحاسب)، وأعضاء في الأكاديميات الوطنية الأمريكية للعلوم والهندسة والطب. وجاءت التصنيفات الناتجة عن هاتين الدراستين مشابهة للتصنيفات العالمية الجديدة لجائزة نوبل.

الدروس المستفادة

يرى سانتو فورتوناتو، عالم الفيزياء النظرية بجامعة إنديانا بلومنجتون والباحث في توجهات الفائزين بجائزة نوبل، أن هذه التحليلات “مثيرة للاهتمام للغاية”، لكنه ينبه إلى أن المنهجية المستخدمة لا يمكنها إنتاج تصنيف عالي الدقة أو التنبؤية. ويقول فورتوناتو: “ثمة هامش خطأ كبير نظرًا لقلة عدد الباحثين البارزين”.

يوافق واي وهسو على وجود الكثير من جوانب الشك الإحصائية في تصنيفاتهما نظرًا لقلة عدد الجوائز التي يتم الفوز بها كل عام. لكنهما واثقان من أن المدرسة العليا للأساتذة (إيكول نورمال سوبيريور) ومعهد كاليفورنيا للتقنيات (كالتك) يتصدران القائمة، لكن يقول هسو إن التقلبات الإحصائية قد تغيّر ترتيب الكليات التي تحتل المراكز من الثالث إلى التاسع.

يقول الباحثان أيضًا إن نتائجهما تشير إلى أنه يجب الاهتمام أكثر بالدور الذي تلعبه المؤسسات الجامعية في الإنجازات البارزة لخريجيها. ويدافعان أيضا على أن الإنجازات القابلة للقياس هي أفضل مقياس
لجودة الجامعات مقارنة بعوامل مثل السمعة ومعدل التخرج وهيئة التدريس والموارد المالية وتبرعات الخريجين.

ويقول واي: “تحدد نتائجنا الكليات التي تتفوق في إحداث تأثير”.

مجلة نيتشر 538، 152 (13 أكتوبر 2016): مُعرِّف الوثيقة الرقميّ: 10.1038/nature.2016.20757


ترجمة: أميرة علي عبد الصادق
تدقيق: بدر الفراك
المصدر