جيل جديد من الأمواج البصرية المنعزلة المكتشفة حديثًا


توّصل مجموعة من العلماء التطبيقين في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا الذي ترأسهم كيري فآهالا “Kerry Vahala ” إلى نمط جديد من الأمواج البصرية المنعزلة التي تأخذ مسارها في أمواج منعزلة أخرى، حيث تسافر على متنها وفي نفس الوقت تتغذى من طاقة هذه الأمواج.

نجد أن الأمواج المنعزلة هي أمواج موضعية أي تتصرف كأنها جسيمات: فخلال سفرها عبر الفضاء، تحافظ على شكلها وصيغتها، بدون تشتت مثل باقي الأمواج. تم اكتشافها عام 1834 عندما لاحظ المهندس الاسكتلندي جون سكوت راسل “John Scott Russell” أمواجًا غير عادية تشكلت بعد التوقف المفاجئ لبارجة في القناة التي تربط بين Falkirk وEdinburgh. راسل قام بتعقب الأمواج التي نتجت عن التوقف لمسافة ميل أو ميلين، ولاحظ أنها حافظت على شكلها أثناء مسيرها، حتى فقد أثرها.

أطلق راسل على اكتشافه اسم “موجة الترجمة”. بنهاية القرن السابع عشر، تم تفسير هذه الظاهرة رياضيًا، وإعطاؤها أخيرًا مفهوم الموجة المنعزلة.

تحت الظروف الطبيعية، تميل الأمواج أثناء سيرها لأن تتبدد خلال تحركها في الفضاء. ارم حجرًا في بركة ماء، التموجات ستتبدد في بطء كلما انتشرت بعيدًا عن نقطة التأثير أي مكان رمي الحجر. بينما من جهة أخرى، الأمواج المنعزلة لا تتبدد.

بالإضافة إلى أمواج الماء، فإنّ الأمواج المنعزلة يمكن أن تحدث في هيئة أمواج الضوئية. فريق فاهالا قام بدراسة أمواج الضوء المنعزلة بتدويرهم إلى مالانهاية في دارات دائرية في النطاق الميكروي تسمى بالفراغات الميكروية البصرية. نجد أن الأمواج المنعزلة لها تطبيقات في إنشاء الساعات البصرية عالية الدقة، ويمكن أن تستخدم في ذبذبات الأمواج الميكروية التي يتم استعمالها في الملاحة وأنظمة الرادار، وفي استخدامات عديدة أخرى.

وبرغم دراستها لمدة عقود، لم يلاحظ أبدًا أن الأمواج المنعزلة تسلك سلوكًا اعتماديًا (يكاد يكون طفيليًا).

“هذه الأمواج المنعزلة الجديدة تتراكب مع أمواج منعزلة أخرى- أي بشكل أساسي مع مسار الأمواج الأخرى. كما أنها تسحب الطاقة من أمواج منعزلة غيرها لذا فأنها تحافظ على ذاتها، بل ويمكن لها أن تزداد بشكل أكبر من مضيفها” بحسب كلام فاهالا، تيد، وجنجر جنكينز Ginger Jenkins) ) أستاذ في المعلومات العلمية والتقنية وعالم فيزياء تطبيقي ومدير منفذ للفيزياء التطبيقية والعلوم المادية في قسم الهندسة والعلوم التطبيقية.

فآهالا يشبه الأمواج المنعزلة المكتشفة حديثا للأسماك الطائرة، وهي أسماك استوائية آكلة اللحوم، تسبح بجوار أسماك القرش مهمتها التقاط العوالق الفائضة من وجبة سمك القرش. وبسبب السباحة جانب القرش، تقل مقاومة الماء على جسم الأسماك الطائرة، لذلك تتحرك ببذل أقل جهد.

العالِم فاهالا هو الكاتب الرئيسي لورقة بحثية منشورة في نشرة فيزياء الطبيعة Nature Physics، حيث أعلن ووصف النوع الجديد من الأمواج المنعزلة، مطلقاَ عليها اسم” أمواج ستوكس”. (الاسم Stokes”” قد تمّ اختياره لأسباب تقنية متعلقة بكيفية سحب الأمواج المنعزلة للطاقة من المضيف). الموجة المنعزلة الجديدة تمت ملاحظتها من قبل طالبين متخرجَين من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا يدعيان ( كي فان يانغ-Qi-fan Yang) و(إكسيو واي-Xu Yi). بسبب قدرة الأمواج المنعزلة على محاكاة شكل ومكان الموجة المنعزلة الأصلية، فإن رد الفعل المبدئي للموجة المنعزلة لكل من الطالبين يانغ و واي كان بالشك أن أدوات المخبر متعطلة.

يقول يانغ: “لقد تأكدنا أن الإشارة ليست عطلا في الأجهزة عن طريق مراقبة الإشارة على مقياسي طيف. عندها عرفنا أنها كانت حقيقية وتوجب علينا معرفة لماذا الموجة المنعزلة تظهر بتلقائية بهذه الطريقة”.

التجاويف الميكروية التي استخدمها فاهالا وفريقه تضمنت الليزر من بين المدخلات كي تزود الأمواج المنعزلة بالطاقة. هذه الطاقة لا يمكن أن تُمتص بشكل مباشر من قبل أمواج ستوكس- أي “السمكة الطائرة”. بدلا من ذلك، الطاقة تستهلك من قبل الموجة المنعزلة التي تحاكي سمكة القرش. لكن بعد ذلك، وجد فاهالا وفريقه أن الطاقة تسحب من قبل أمواج الأسماك الطيّارة المنعزلة، التي تزداد حجمًا بينما الأمواج المنعزلة الأخرى تتقلص.

وكما قال واي:” عندما فهمنا البيئة الضرورية للحفاظ على الموجة المنعزلة الجديدة، أصبح من الممكن تصميم تجاويف بصرية لضمان شكلها وتنظيم خصائصها مثل الطول الموجي- وهو اللون بشكل أساسي “. واي و يانغ تعاونا أيضا في هذا البحث مع طالب متخرج يدعى (كي يول يانغ – Ki Youl Yang).


ترجمة: ناجية الأحمد
تدقيق: إبراهيم الصيام
المصدر