هل يجد مشروع الاستماع للفضاء حياة ذكية قرب نجم غير تقليدي؟


أثار نجم تابي (Tabby’s star)(1) كثيرًا من الإثارة خلال العام الماضي بعد أن انطلقت تكهنات تشير إلى أنه يستضيف حضارة متطورة جدًا قادرة على بناء بنى عملاقة مدارية تلتقط طاقة النجم.

وهكذا انطلق مشروع الاستماع الاختراقي (Breakthrough Listen) لتخصيص ساعات من زمن تلسكوب الضفة الخضراء (Green Bank radio telescope) الراديوي في جامعة بيركلي كاليفورنيا، وذلك لمعرفة إذا كانت توجد أي إشارات من كائنات فضائية ذكية.

يقول أندرو سيميون (Andrew Siemion)، مدير مركز بيركلي للأبحاث (SETI) والمدير المشارك في برنامج الاستماع «إن برنامج الاستماع يمتلك أقوى معدات البحث عن حضارة ذكية (SETI)(2) على هذا الكوكب، ويتمتع بالوصول إلى أكبر التلسكوبات على الأرض.»

ويضيف «يمكننا البحث مع مزيد من الحساسية وعبر مجموعة واسعة من أنواع الإشارات، أكثر من أي تجربة أخرى في العالم.»

برنامج الاستماع الاختراقي، الذي أُنشئ العام الماضي بتمويل قدره 100 مليون دولار أمريكي لمدة تمتد لعشر سنوات من مؤسسة جائزة بريكثرو (Breakthrough) ومؤسسها، مستثمر الانترنت يوري ميلنر (Yuri Milner)، لن يكون الأول الذي يبحث عن حياة ذكية حول هذا النجم.»

ويقول سيميون «الجميع، كل تلسكوب في برنامجSETI ، أعني كل فلكي لديه أي نوع من التلسكوبات وفي أي طول موجي يمكنها أن ترى نجم تابي، قد نظر في هذا الأمر»

ويضيف «بدأ الأمر مع تلسكوب هابل، ثم مع تلسكوب كيك، ثم نُظر في الأمر عبر طاقة الأشعة تحت الحمراء وموجات الراديو العالية، وكل شيء يمكنك تخيله، ويشمل ذلك مجموعة كاملة من تجارب البحث عن حضارة ذكية ولم يتم العثور على أي شيء.»

وعلى الرغم من أن سيميون وزملائه يشككون في أن السلوك الفريد لهذا النجم هو علامة على وجود حضارة متقدمة، فإن ذلك لا يعني أنهم يرفضون إلقاء نظرة على الأمر.

لقد تعاونوا مع الفلكي الزائر من جامعة كاليفورنيا في بيركلي، جايسون رايت (Jason Wright) وتابيثا بويجيان (Tabetha Boyajian)، الأستاذ المساعد في الفيزياء وعلم الفلك في جامعة ولاية لويزيانا، والذي دُعي النجم باسمها، لرصد النجم بالمعدات المتطورة التي ركبّها فريق المشروع حديثًا على التلسكوب البالغ طوله 100 متر.

يعمل رايت في مركز الكواكب خارج المجموعة الشمسية والعوالم الصالحة للعيش في جامعة ولاية بنسلفانيا.

ومن المقرر أن يتم الرصد لمدة ثماني ساعات كل ليلة، ولمدة ثلاث ليال خلال شهرين، ابتداءَ من مساء الأربعاء في السادس والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر.

وسيسافر رايت وبويجيان وسيميون إلى مرصد الضفة الخضراء في ريف غرب فرجينيا لبدء الرصد، ويتوقع أن يتم جمع حوالي بيتابايت واحد من البيانات عبر مئات الملايين من قنوات الراديو الفردية.

ويقول سيميون «تلسكوب الضفة الخضراء هو أكبر تلسكوب لاسلكي قابل للتوجيه بشكل كامل على هذا الكوكب، إنه الأكبر، والأكثر حساسية ولديه القدرة على رصد نجم تابي بعد تحديد موقعه في السماء.»

ويضيف «لقد نشرنا أداة بحث عن حضارة ذكية جديدة ورائعة متصلة بالتلسكوب، تمكنه من النظر خلال مليارات القنوات الإذاعية بترددات جيجاهرتز من نطاقات العرض الترددي في آن واحد، وذلك حتى نتمكن من استكشاف الطيف الراديوي بسرعة كبيرة جدًا»
ولن تُعرف نتائج ملاحظاتهم قبل أكثر من شهر، بسبب الحاجة لتحليل البيانات اللازمة لانتقاء الأنماط في انبعاثات الراديو.

ذكر بويجيان نجم تابي والذي يطلق عليه على وجه الدقة (KIC 8462852) لأول مرة في أيلول/سبتمبر من العام 2015، ثم تمت الإشارة إليه في دراسة ما بعد الدكتوراه في جامعة ييل، من علماء موطن اكتشافه بسبب نمط العتمة في بريقه غير الاعتيادي.

وكان هؤلاء المتطوعون يبحثون في النجوم كجزء من مشروع إنترنت لصيد الكواكب، والذي يسمح للجمهور للبحث عن الكواكب التي تدور حول نجوم أخرى، وذلك في البيانات المأخوذة من المرصد الفضائي كيبلر التابع لناسا، والذي راقب 150000 نجم لرصد الإعتام المنتظم في البريق والذي يشير إلى مرور كوكب يمر أمامه.

ويحدث معظم هذا الإعتام نتيجة عبور الكواكب لفترة وجيزة ومنتظمة، فيعتم ما بين 1 أو 2 في المئة فقط من ضوء النجم، إلا أن بريق نجم تابي يبهت لعدة أيام في كل مرة، بنسبة تصل إلى 22 في المئة، وعلى فترات غير منتظمة.

وبينما تكهنت بويجيان في ورقتها البحثية عام 2015 أن الإعتام غير المنتظم يفسر بمرور سرب من المذنبات التي تتفرق عند اقترابها من النجم، أشارت ملاحظات الرصد اللاحقة للنجم، والذي يقع على بعد 1500 سنة ضوئية من الأرض في كوكبة الدجاجة، أن ذلك النمط أبعد ما يكون عن التفسير بأنه نتيجة مرور سرب من المذنبات.

فهذا الإعتام تم بمعدل ثابت خلال القرن الماضي.

انطلقت تكهنات في نهاية المطاف بأن هذا الإعتام سببه بنية دايسون (Dyson structure)، وهي مجموعة هائلة البنى من جامعات الطاقة الشمسية التي اقترحها الفيزيائي فريمان دايسون (Freeman Dyson) بكونها شيئًا طبيعيًا لحضارة معينة تقوم بالبناء، والتي تحتاج إلى المزيد من الطاقة.

نظريًا، يمكن لمثل هذا البنيان أن يحيط بالنجم بشكل كامل – سماه كرة دايسون – والتقاط كامل طاقة النجم تقريبًا.

يقول دان ويرتهايمر (Dan Werthimer)، كبير العلماء في SETI بيركلي، «كيف يمكن حدوث ذلك؟ أنا لا أعتقد أن حدوث ذلك مرجح جدًا – واحد من ما يقارب من مليار احتمال- لكن على الرغم من ذلك، نحن في طريقنا للتحقق منه،»

وأضاف ” ولكنني اعتقد أنه اذا تم اكتشاف اي تي (ET)(3) ، فانه سيبدو شيئا من هذا القبيل.

وسيكون غريبًا بعض الشيء أن يجده أحد بالصدفة.

لا يتوقع أحد حدوث ذلك، لكننا سننظر بعناية أكثر ونقول: يا هذا، هناك حضارة.»

يراقب مشروع الاستماع الاختراقي العديد من النجوم الأخرى ويستخدم ثلاثة تلسكوبات يمكنها رصد جميع قطاعات الكون وهي: تلسكوب باركس (Parkes Telescope) في استراليا، وتلسكوب الضفة الخضراء للبحث عن البث الإذاعي (Green Bank Telescope) ، والمكتشف الكوكبي الآلي في مرصد ليك (Lick Observatory) في ولاية كاليفورنيا للبحث عن البث الليزري البصري.


(1) (Tabby’s star)، نسبة إلى اسم Tabetha Boyajian أول من اشارت للنجم في دراستها.
(2) (SETI) اختصارا ل (Search for extraterrestrial intelligence) ، البحث عن حضارة ذكية خارج كوكب الأرض.
(3) (ET)، نسبة إلى شخصية (اي تي) في فيلم الخيال العلمي الأمريكي عام 1982 الذي يحمل الاسم ذاته.

ترجمة: صقر محمد عبدالرحمن أسعد
تدقيق: أحمد شهم شريف
المصدر