إعلان حالة الطوارئ في نيودلهي بسبب التلوث!
ماذا يحدث هناك؟


أعلنت الحكومة الهندية حالة الطوارئ لوصول حجم التلوث في العاصمة نيودلهي أعلى بـ 16 مرة من الحد الأدنى للسلامة.

تم إغلاق 1800 مدرسة لإبقاء الأطفال داخل منازلهم بينما قام مُدرّسو المرحلة المتوسطة والمغتربين بالسفر خارج المدينة ووصل الأمر لقيام رئيس الوزراء الهندي أروند كجريوال (Arvind Kejriwal) بنعت المدينة بـ”غرفة الغاز”.

ذكر كجريوال في تصريح صحفي في عطلة نهاية الأسبوع: <<وصل التلوث في نيودلهي إلى حد أن الخروج لشوارعها أصبح مشابهًا للدخول لغرفة غاز>>.

قد يبدو الأمر مبالغًا به، لكنّ المدينة وضعت في المنطقة الحمراء لمؤشّر جودة الهواء لأكثر من أسبوع الآن مع ازدياد الأمور سوءًا.

عند دراسة حجم تلوث الهواء يقوم العلماء بدراسة نوعين من الجزيئات: (PM10) وهي جزيئة يبلغ حجم قطرها 10 ميكروميتر(μm) أو أقل و (PM2.5) وهي جزيئة يبلغ حجم قطرها (2.5μm).

تشمل الدراسة جزيئات السخام والدخان والتراب التي قد تدخل إلى الرئتين وتسبب مشاكل صحية على المدى الطويل مثل الربو وأمراض الجهاز التنفسي المزمنة والتي تعد نسبتها في الهند أعلى من جميع بلدان العالم.

هنالك بعض الأدلة التي قد تثبت أن الجزيئات المعدنية في الهواء والناتجة عن احتراق الوقود قد تسبب مرض الزهايمر.

يتم قياس نوعي التلوث من خلال المعدل في المتر المكعب من الهواء ووفقًا لنظام جودة الهواء والتنبؤات الجوية والبحوث  (SAFAR).

وجدت نيودلهي إن معدل PM10  قد وصل لـ 876 μm/m3. ومعدل PM2.5 وصل لـ ( 680 μm/m3.)

لوضع هذه النتائج في المنظور الصحيح فإن الحد الآمن لـ PM10 هو 100 μg/m3 و لـ PM2.5 هو ( 60 μg/m3.)

ُتعدّ هذه الأرقام الحّد الأعلى للجزيئات وأنّ هذه المستويات قد تسبّب مشاكل صحية شديدة.

وفقًا لوكالة حماية البيئة الأمريكية فإن الـ PM2.5 يصبح خطرًا عند عبوره الـ 35.5 μg/m3 ووفقًا لتوصيات منظمة الصحة العالمية (WHO) فإن معدل ال PM2.5 يجب أن لا يبلغ 10 μg/m3.

على الرغم من اعتبار نيودلهي من أكثر المدن تلوثًا في العالم إلا أن الوضع لم يكن بمثل هذا السوء.

في الواقع، عندما قامت قاعدة بيانات (WHO) بوضع نيودلهي في المرتبة الأولى في قائمة أكثر البلدان تلوثًا في مارس الماضي وصل معدل الـ PM2.5 لـ (153 μg/m) والذي يُعدّ “غير صحي بالمرة” لكنه لا يقترب حتى من المعدل الحالي.

ماذا حصل؟

اقترح كجريوال أن “سحابة ضخمة” من الدخان قد نزحت من منطقة مجاورة مثل البنجاب أو الهاريانا وقد كثفت الضباب الدخاني إلى نيودلهي وصرّح لوسائل الإعلام: <<يبدو أن السبب الأكبر هو حرق القش بكميات كبيرة في الحقول الزراعية في الهاريانا و البنجاب>>.

قام المسؤولون إيضًا بإلقاء اللوم على مئات وآلاف الألعاب النارية التي تم إشعالها في نيودلهي بمناسبة مهرجان ديوالي و الذي يقام في نهاية شهر أكتوبر.

كما صرح مايكل صافي (Michael Safi) لدورية (The Guardian) أن هذه الألعاب النارية تترك دخانًا يستمر ليومين أو ثلاثة، لكنه استمر لمدة أسبوع في هذا العام.

قال كجريوال: <<ساهمت هذه الألعاب النارية بشكل طفيف في زيادة التلوث لذا فإن المسبب الرئيسي للضباب الدخاني هو الدخان من حرائق المزارع>>.

يقوم المواطنون الآن بالاحتجاج لإجبار الحكومة المحلية للسيطرة على الوضع.

تشمل الإجراءات حاليًا منع المركبات في شوارع المدينة – مع نتائج متضاربة- واقتراح المزيد من الإجراءات الصديقة للبيئة للمزارعين.

و صرح كوارتز (Quartz): <<فرضت المدينة في السادس من نوفمبر حظرًا مؤقتًا على عمليات بناء وهدم الأبنية وعلى مولدات الكهرباء التي تعمل على وقود الديزل كما تنوي تنظيف الشوارع وبدأت برشّ المياه لرصّ الغبار>>.

الزمن وحده كفيل بإثبات فعالية هذه الطرق ولكن نأمل بهبوب الرياح قريبًا لتحريك غيمة الضباب.

مع اقتراب نهاية الشتاء في المدينة ستصبح الأمور أكثر سهولة إيضًا فقد اكتشف الباحثون أنّ الرياح المنخفضة واستعمال أجهزة التدفئة في المنازل تجعل تلوث الهواء في نيودلهي أسوأ بكثير.

إن كان هنالك أي أمل فهو دخول البنجاب في المنطقة الحمراء في ديسمبر مع وصول مستويات PM2.5 ( 634 μg/m3) وانخفاضها لـ (263 μg/m3 ) التي لا تزال سيئة لكنها بالتأكيد أفضل من قبل.

نأمل أن يتحسّن الوضع قريبًا لكي يعود الطلاب إلى مدارسهم ويعود السكان إلى بيوتهم.


ترجمة: زينب الأنصاري
تدقيق: جعفر الجزيري
المصدر