رحلة مادة البكتين من صناعة حلوى الجيلي اللذيذة إلى الأنظمة الإلكترونية!


يعرف مُعظمنا أنَّ عُنصُرَ البكتين مُقوِّمٌ أساسيٌّ لصناعة حلوى الجيلي اللذيذة والمربى، ولا نعرف أنه عنصرٌ لجهازٍ هجينٍ مُعقَّدٍ يقوم بربط الأنظمة البيولوجية والإلكترونية.

لكنَّ فريقًا من علماء إيطاليين قد قاموا بالعمل منطلقين من النقطة التي سبق التوصل إليها في هذا المجال مستخدمينَ عُنصرَ بكتين ذو درجةٍ عاليةٍ من المَيْثَلية (إضافة مجموعة ميثيل إلى الركيزة) كوسيطٍ لخلق هيكلٍ جديد لجهازٍ هجينٍ متعدِّد الإلكتروليت مزدوج الطبقة والذي يقود وحده سلوكًا تذكُّريًّا.

يمكن اعتبار الجهاز التذكُّري كنظيرٍ لتشابكٍ عصبيّ أو وصلةٍ عصبيَّةٍ، بمعنى آخر يمكن اعتباره جهازًا ذو ذاكرة. ببساطة، يعتمد سلوكه في لحظةٍ معينة على نشاطه السابق، على غرار الطريقة التي يتم نقل المعلومات بها من خليةٍ عصبيةٍ لأخرى داخل الدماغ البشري.

شرح الفريق ما يخص إنشاء جهازٍ هجينٍ في مقالةٍ نُشرت مؤخرًا في مجلة AIP Advances. وقالت أنجليكا سيفارالي المرشحةُ للدكتوراة في جامعة بارما الإيطالية أنَّ <<فكرة استخدام قدرة “التخزين المؤقت” لهذه المواد الحيوية كمتعدد الإلكتروليت الصلب تُعدُّ فكرةً مُبتكرةً تمامًا كما يُعدُّ عملنا المرَّةَ الأولى التي يتم خلالها استخدام البوليمرات الحيوية في أجهزةٍ ترتكز على بوليمراتٍ عضويةٍ وفي أجهزةٍ تذكُّرية>>.

يمكن للذاكرة المقاومة (الممرستور) توفيرَ جسرٍ لربط الدارات الإلكترونية بالأنظمة العصبية، مما يُقرِّبنا من تحقيق مستقبلاتٍ ذات طبقةٍ مزدوجة، عنصرٌ يمكنه أداء وظائفَ تصنيفٍ بعد إجراء تعلُّمٍ كافٍ.

كانت الصعوبةُ الأساسيَّةُ التي واجهها الباحثون هي فهمُ التفاعل الكهروكيميائي المعقد والذي يُعدُّ الأساسَ للسلوك التذكري، والذي سيمنحهم الوسائل للتحكم به.

قد عالج الفريق هذا التحدي باستخدام بوليمرات تجارية، والقيام بتعديل خصائصها الكهروكيميائية على المستوى المجهري.

وكانت النتيجةُ الأكثر إثارةً للدَّهشةِ هي إمكانيةُ فحص الاستجابة الكهروكيميائية للجهاز عن طريق تغييرِ تشكيلِ المواد الهُلامية (الجيلية) التي تعمل كمتعدد الإلكتروليت (محلول كهربائي ذو وزنٍ جزيئيّ مرتفع)، مما أتاح دراسة التغيرات الأيونية المرتبطة بالهدف البيولوجي، الذي يُنشِّط الاستجابة الكهروكيميائية للبوليمر الموصل.

كما قالت أنجليكا <<قد فتحت التطورات التي قمنا بها الباب أمام صناعة بوليمراتٍ موصلةٍ متناغمةٍ مرتكزةٍ على أجهزةٍ ذات وسيطٍ ينبغي أن يكون طبيعيًّا وحيويًّا ومتناغمًا كهروكيميائيًا ووظيفيًّا>>.

الخطوةُ التاليةُ هي ربط شبكة الممرستور (الذاكرة المقاومة) بكائناتٍ حيَّةٍ أخرى، كالنباتات على سبيل المثال، وتحقيق أنظمةٍ هجينةٍ في نهاية المطاف والتي يمكنها “تعلُّم” وأداء وظائفَ منطق/تصنيف.

ملاحظة:
البكتين عبارة عن:.
عديد سكاريد يدخل في تركيب الجدار الخلوي الرئيسي في النباتات الموجودة على سطح الأرض.
يتوافر البكتين تجاريًاً كمسحوقٍ يتراوح لونه بين الأبيض والبني، ويُستخلص بشكل رئيسيّ من الحمضيات، ويُستعمل في مجال الأغذية والصناعات الغذائية كمادةٍ ماسكةٍ للقوام gelling agent خاصةً في المربيات والحلوى الهلامية (جيليه jellies يدخل البكتين أيضًاً في مجال الحلويات وكمادةٍ مثبِّتةٍ في عصائر الفواكه وكمصدرٍ للألياف الغذائية.


ترجمة: نهى سليمان
تدقيق بدر الفراك
المصدر