تقنية جديدة تفتح المجال أمام التصوير خماسي الأبعاد للكائنات الحية


تقنية جديدة لتحيل الصور تُدعى (HySP)، تلك التقنية التي تُسهل إيجاد الجزيئات البيولوجية الهامة بما فيها علامات الإصابة بالمرض، كما أنها أيضًا تساعد على معرفة كيفية تفاعلها في الكائنات الحية بشكل أسرع وأقل تكلفة بكثير. كما يمكن استخدام تقنية تحليل الصور الطوري فائق الطيفية في تشخيص ورصد الأمراض باستخدام صور الهاتف الخلوي، حيث يستخدم الباحثون التصوير بضوء الفلوريسنت لتحديد أماكن جزيئات البروتين والجزيئات الأخرى داخل الخلايا والأنسجة.

وتعمل هذه التقنية عن طريق صبغ الجزيئات بأصباغ تتوهج بتعرّضها لأطياف ضوئية معينة، وهو المبدأ ذاته الذي يقوم عليه ما يسمى بـ »التصوير بالضوء الأسود«.

 

 

وتمكّن طريقة التصوير هذه العلماء مِن فهم أي الجزيئات يجري إنتاجها بكميات كبيرة في الخلايا السرطانية أو حالات الأمراض الأخرى، إذ أن تلك المعلومات تفيد في التشخيص كما في تحديد الجزيئات المستهدفة بالعلاجات.

لسوء الحظ، لا توفّر هذه التقنية صورة واضحة عن كيفية تصرّف هذه الجزيئات في الواقع، على الرغم من أن ملاحظة الجزئيات على المستوى الفردي في عينات الخلايا أو الأنسجة يبدو واضحًا إلى حدّ ما، لذا يحتاج العلماء لتوسيع مدى مراقبتهم.

صرّح فرانسيسكو كوتريل (Francesco Cutrale)، زميل جامعة جنوب كاليفورنيا لأبحاث ما بعد الدكتوراه: «إن الأبحاث البيولوجية تتجه حاليًا نحو استخدام الأنظمة المُركبة عن طريق عدة أبعاد، لفهم كيفية تفاعل العناصر المتعددة بمرور الزمن». قام فرنسيسكو كوتريل أيضًا بمساعدة سكوت فريزور (Scott Fraser) واليزابيث جاريت (Elizabeth Garrett) أستاذ العلوم البيولوجية التقاربية ونائب رئيس كلية العلوم البيولوجية، بتطوير تقنية تحليل الطور فائق الطيفية بمركز التصوير الحركي بجامعة جنوب كاليفورنيا ضمن مشروع مشترك بين معهد دورسيف وكلية فيتريبي للهندسة بالجامعة.

 

 

كما صرح كوتريل أنه: «بمراقبة الاهداف المتعددة أو بمشاهدتها تتحرك بمرور الزمن، يمكننا الحصول على رؤية أفضل بكثير لما يحدث فعليًا داخل الأنظمة الحية المعقدة». والآن، ينبغي على الباحثين النظر إلى العلامات المختلفة كلٍ على حِدة، ومن ثمّ تطبيق التقنيات الأكثر تعقيدًا لجمعها في إطار واحد وفهم كيفية تفاعلها. وكما صرّح كوتريل فإن هذه العملية تكلّف الوقت والمال؛ بينما توفّر التقنية الجديدة إمكانية ملاحظة الجزيئات المختلفة في الوقت ذاته.

يتساءل كوتريل قائلًا: «تخيل أنه يمكنك ملاحظة 18 هدفًا دفعة واحدة، نعم نستطيع ملاحظة كل هذه الأهداف في نفس الوقت بدلًا من القيام بثماني عشر عملية ملاحظة مختلفة ثم محاولة ربطهم ببعضهم البعض. «علاوة على ذلك، يعمل منهاج التحليل بكفاءة لتبيُّن الإشارات الحقيقية، حتى وإن كانت تلك الإشارات ضعيفة للغاية، تمامًا مثل إيجاد إبرة في كومة قش. ويمكن للتقنيات الحالية لمختبر الدفع النفاث بناسا أن تقوم بأداء المهمة ذاتها. ولكن، تستغرق هذه العملية وقتًا طويلًا كما أن المعدات المستخدمة ذات تكلفة باهظة.

 

 

ويقول فريزور، المسؤول عن التخصص المشترك بين كلية فيتريبي وكلية كيك الطبية بجامعة جنوب كاليفورنيا: «تستهلك تقنية (HySP) وقتًا أقل على الحاسوب، ولذلك نحن لسنا بحاجة لأجهزة التصوير باهظة الثمن».

وفي بحث نشر على الانترنت في 9 يناير عام 2017 بواسطة صحيفة «Nature Methods»، قاما كوتريل وفريزور بمعاونة باحثين من كلية كيك الطبية ومعهد كاليفورنيا التقني وجامعة كامبريدج باختبار وتطوير التقنية الجديدة بتطبيقها على نوع من الأسماك الصغيرة المُخططة، وقد نجح نظام التقنية الجديدة على العينة الاختبارية بشكل جيد جدًا، فهل يمكن أن تنجح هذه التقنية على البشر؟

ويضيف فريزور قائلًا: «يمكننا تعديل الجينات لتمييز الجزيئات في النموذج الاختباري، ولكن لا يمكن تطبيق هذا الأمر على البشر؛ بل يجب استخدام الإشارات الفعلية الذاتية لهذه الجزيئات».

وأضاف فريزور أيضًا بأن تلك الإشارات الأصيلة الكامنة، أي ومضات الجزيئات الحيوية الطبيعي، تظهر عند التصوير. كما أن استخدام خوارزمية الحاسوب الجديدة تمكّن الباحثين من تحديد مواقع تلك الإشارات الضعيفة في الجسم بدقة حتى وإن كانت الخلفية مشوشة.

 

 

ويأمل العلماء في العامين المقبلين باختبار هذه العملية على الجنود الذين تضررت رئاتهم بفعل المواد الكيمائية والمواد المهيّجة التي تعرّضوا لها في ساحات المعركة، وذلك عن طريق إدخال مجسّ ضوئي إلى الرئة المتضررة، بينما يقوم المجسّ بتصوير الأنسجة باستخدام الضوء الفلورسنتي، ومن ثمّ يقومون بتحليل (HySP) لرسم خريطة فلورسنتية، ومقارنة تلك الأنسجة بأنسجة الرئة السليمة لتمييز الضرر؛ وإذا تمّ الأمر بنجاح فربما يساعد تطوّر هذه التقنية على إيجاد علاجات موجهة للرئات المتضررة يومًا ما.

ويأمل كوتريل وفريزور أنه ربما سيتمكّن الأطباء يومًا ما من إجراء هذا التحليل باستخدام صورة ملتقطة بواسطة الهاتف الخلوي للإصابات الجلدية، لمعرفة إذا ما كانت مهدّدة بالتحوّل إلى خلايا سرطانية.

ويقول كوترل: «يمكننا ملاحظة تغير لون أو شكل الإصابة الجلدية بمرور الوقت». بناءً على ذلك، يمكن للأطباء فحص المريض للتأكد من مدى صحة التشخيص ومدى الاستجابة للعلاج بصورة مناسبة.

كما يرى كوتريل وفريزور أن هذه التقنية تعدّ بمثابة خطوة عملاقة في مجال الطب والأبحاث.

فيقول كوتريل: «سيتمكّن كلا العلماء والأطباء الممارسون من إجراء الفحوصات بشكل أسرع وبقدر أكبر من الثقة في النتائج. تلك هي المكافأة، الحصول على نتائج أفضل، وأسرع، وأرخص».


ترجمة: فادي سامح روماني
تدقيق: وائل مكرم

المصدر