أقمار صناعية صغيرة تستعد لتقديم مساهمات كبيرة للعلوم الأساسية


الأقمار الصناعية الصغيرة، بعضها أصغر من حجم صندوق الأحذية، تدور حاليا على ارتفاع حوالي 200 ميلا فوق الأرض، لتجمع البيانات حول كوكبنا والكون. إنها ليست ذات حجم صغير فحسب ولكن أيضا تكلفتها صغيرة مقارنة بالأقمار الصناعية التجارية الكبيرة التي تقوم على سبيل المثال بارسال المكالمات الهاتفية وإشارات نظام تحديد المواقع (gps) في جميع أنحاء العالم . هذه الأقمار الصغيرة (SmallSats) تستعد لتغيير علم الفضاء. فسعرها الرخيص يعني أنه يمكننا إطلاق المزيد منها، والسماح لها بأخذ مجموعة من البيانات في وقت واحد من مواقع مختلفة عدة مرات في اليوم – زياده على أنها تقوم بتحليل البيانات ، التي ستكون باهظة التكاليف مع الأنظمة التقليدية.

تسمي هذه الاقمار (smallsats) ، ويمكن أن يتراوح حجمها بين ثلاجة مطبخ وصولا الى حجم كرات الغولف. كما يوجد نوع آخر من هذه الأقمار أصغر حجما يسمى (nanosatellite)، وزنها ما بين واحد الي 10 كجم.

منذ العام 1999، أنشأ أساتذة من جامعة ستانفورد وكاليفورنيا من كلية العلوم التطبيقية معيارا للأقمار الصناعية الصغيرة جدا (nanosatellites) . فقد ابتكروا نظاما نمطيا (رمزي)، مع وحدات رمزية وهي (1 U cubes) وتساوي 10x10x10 سم لوزن 1 KG وأطلقوا عليها (الكيوب سات) (CubeSats), تختلف في الحجم عن طريق هذه الوحدات بين -1.5U, 2U, 3U, 6U وهكذا. لقد جعلت (CubeSats) استكشاف الفضاء في متناول كثير من الناس والمنظمات، وخاصة الطلاب والكليات والجامعات. كما سمحت لزيادة فرص الاستكشاف في مختلف البلدان – بما في ذلك كولومبيا ، بولندا ، استونيا ، هنغاريا ، رومانيا و باكستان – لإطلاق (CubeSats) كأول الأقمار الصناعية الرائدة  لبرامجها لاستكشاف الفضاء.

 

 

صممت أقمار الكيوب سات (CubeSats) الأولية كأدوات تعليمية لإثبات مفاهيم تكنولوجية، لقدرتها على الطيران وتنفيذ العمليات المطلوبة في بيئة الفضاء القاسية.  كل مستكشفي الفضاء، لديهم القدرة علي التعامل مع الفراغ، والأشعة الكونية، وتقلب درجات الحرارة، والسرعة العالية، والأكسجين الذري وأكثر من ذلك.  حتى اللحظة أطلق ما يقرب من 500 قمر صناعي من هذه الفئة. الأمر الذي أثار مخاوف متزايدة من هذه الأقمار التي تدور حول الأرض، وخاصة أنها في متناول الهواة إلى حد ما.  ولكن كما توقع من هذه (nanosatellites) فقد زادت من قدرة استكشاف الفضاء، و قد اكتسبت مكانة خاصة بها في الفضاء.

 

(عدد أقمار الكيوب سات (CubeSats) الناجحة التي تم إطلاقها في أول 6 سنوات)

 

عند التفكير في الأقمار الصناعية، علينا أن نميز بين المركبة الفضائية نفسها (وغالبا ما تسمى “حافلة الأقمار الصناعية”) والأدوات التي تكون على الأقمار الصناعية(عادة ما يكون أداة علمية أوالكاميرات أو المكونات النشطة التي لها وظائف محددة للغاية). عادة يحدد حجم المركبة الفضائية المدى الذى يمكن لها أن تحمل وتشغل معدات علمية. ومع تحسن التكنولوجيا، تصبح المركبة الفضائية الصغيرة أكثر قدرة على دعم المعدات الأكثر تعقيدا.

وعند تطورالنانو ستالاليت (nanosatellite) وازدياد حجمه أصبح يطلق عليه (smallsats) ويمكن الآن أن يساعدنا على زيادة معرفتنا بالأرض والكون.  تطور (smallsats ) يجري بصورة مدهشة, والعديد من المنظمات غير الحكومية، والشركات الخاصة والمؤسسات تستثمر في تصميم (CubeSat) الذي يهدف للرد على الأسئلة العلمية المحددة، التي تغطي مجموعة واسعة من العلوم بما في ذلك الطقس والمناخ على الأرض ، الطقس الفضائي والأشعة الكونية ، استكشاف الكواكب و أكثر من ذلك بكثير . يمكنها أن تعمل أيضا بمثابة الرواد للبعثات الفضائية الكبيرة الأكثر كلفة  والتي بدورها سوف تدرس تلك المسائل في المستقبل.

 

 

هنا يقود فريق في جامعة ميريلاند، التعاون لصنع (CubeSat) على متن مركبة فضاء علمية. وتم تطويرأداة لقياس استقطاب زاوية قوس قزح وأطلق عليها (HARP),كما  تم تصميم أدوات لمراقبة التفاعلات بين الغيوم والهباء الجوي – جزيئات صغيرة مثل التلوث والغبار، وملح البحر أو حبوب لقاح تعلق في الغلاف الجوي للأرض-. تستعد(HARP) لتصوير الاستقطاب في الفضاء لأول مرة في الولايات المتحدة . مثل هذا النوع من الأعمال لم يكن ممكنا أن يتم باستخدام tiny CubeSat الذي صنع في البداية.

بتمويل من مكتب تكنولوجيا علوم الأرض التابع لناسا، فإن (HARP) سوف تكون مع (CubeSat) على متن سفينة الفضاء التي وضعتها جامعة ولاية يوتا, اتخذ فريق (HAPR) نهجا مختلفا.  فقد تم تحسين أدوات وأجزاء متخصصة لأداء متعدد الزوايا، وقياسات الاستقطاب متعدد الأطياف الذي سوف تتطلبه مهام رحلة ال(HAPR).

من المقرر إطلاق (HARP) في يونيو 2017 إلى محطة الفضاء الدولية.  وبعد ذلك بوقت قصير تصبح مستقلة تماما لجمع بيانات الأقمار الصناعية.

 

(شكل (HARP) وادواتها في مراحل مختلفه اثناء تطورها)

 

(SmallSats) – علم كبير

تم تصميم (HARP)لنرى كيف يتفاعل الهباء الجوي (الضباب)مع قطرات الماء وجزيئات الجليد التي تشكل الغيوم.  الهباء الجوي والسحب التي ترتبط عميقا في الغلاف الجوي للأرض – إنها جسيمات الهباء الجوي هي البذور أو القطرات التي تكون السحابة التي تصيرغيوم التي تسقط في نهاية المطاف مع هطول الأمطار.

ويعني هذا الترابط أن تعديل مقدار ونوع من الجزيئات في الغلاف الجوي، عن طريق تلوث الهواء، سوف يؤثر على نوع وحجم وعمر السحب، وكذلك عندما يبدأ هطول الأمطار. وهذه العمليات تؤثر على دورة المياه العالمية للأرض ،و توازن الطاقة والمناخ.

 

 

عندما يتفاعل ضوء الشمس بجزيئات أو قطرات السحابة في الغلاف الجوي، وينثر في اتجاهات مختلفة تبعا لحجم وشكل وتكوين ما واجهت ذلك،  سوف تعمل(HARP)علي قياس الضوء المتناثر الذي يمكن رؤيته من الفضاء. والذي سوف يكون قادرا على تقديم استنتاجات حول مقادير الهباء الجوي وأحجام قطرات في الغلاف الجوي، والمقارنة بين الغيوم النظيفة والغيوم الملوثة.

 

(تلوث الضباب يؤدي الي تغيرات في هطول الأمطار)

 

من حيث المبدأ، فإن (HARP) لديه القدرة على جمع البيانات يوميا، والتي تغطي العالم كله؛ على الرغم من حجمها الصغير الا أنها تجمع كميات هائلة من البيانات لرصد الأرض.  هذا النوع من القدرة لم يسبق لها مثيل في قمر صناعي صغير ويشير إلى مستقبل أرخص وأسرع لبعثات أكبر وأكثر تعقيدا.

(HARP) هي واحدة من العديد من البرامج الجارية حاليا للاستفاده من مزايا (CubeSats) ل جمع البيانات العلمية . وكالة ناسا والجامعات وغيرها من المؤسسات يستكشفون التكنولوجيا الجديدة وعلوم الأرض ، دورة الأرض الإشعاعية ، انبعاث الموجات الأرضية الدقيقة، الغيوم، الجليد وغيرها من العديد من التحديات العلمية والهندسية.  في الآونة الأخيرة تم تمويل معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لإطلاق كوكبة مكونه من 12 CubeSats سميت (المناطق المداريه) (TROPICS) لدراسة هطول الأمطار وشدة العواصف في الغلاف الجوي للأرض.

 

 

في الوقت الراهن، لا يزال الحجم يهم

ولكن طبيعة CubeSats لا تزال تقيد العلم فيما يمكنها القيام به.  هذه القيود تكون في الوقود، والتخزين، والأهم من ذلك، القدرة على نقل المعلومات إلى الأرض التي تعيق قدرتنا على تشغيل (HARP) بشكل مستمر ضمن منصة CubeSat.

سوف نركز جزء آخر من جهودنا لمراقبة كيفية عمل (HARP) لتسجيل الملاحظات العلمية. هنا في جامعة ميريلاند، مقاطعة بالتيمور قمنا بإنشاء مركز في الأرض وآخر في الفضاء لدراسة كيف تجيد هذه الأقمار الصناعية الصغيرة الإجابة على الأسئلة العلمية فيما يتعلق بنظم الأرض والفضاء.  هذا ويتم تحوي البيانات الخام الى (HARP) وتفسيرها.  بعد الإجابة على الأسئلة حول التفاعلات بين الغيوم / الهباء الجوي، الهدف التالي هو تحديد أفضل السبل لاستخدام SmallSats وغيرها من التقنيات والتطبيقات للارض وعلوم الفضاء. ورؤية ما يصلح وما لا يساعد للبعثات الفضائية الكبيرة والعمليات المستقبلية.

الثورة SmallSat عززت من إمكانية الوصول إلى الفضاء عبر CubeSats، نندفع الآن نحو الثورة القادمة.  وسوف تكون (nanosatellite) الجيل القادم من التقدم في مجالات علوم الفضاء.  قد لا تلغي NanoSats الحاجة للأقمار الصناعية أكبر وأكثر قوة، ولكن سوف تستمر NanoSats لتوسيع دورها في سباق مستمر لاستكشاف الأرض والكون.


ترجمة: أحمد عزب
التدقيق: أسامة القزقي

المصدر