تموت إمرأةٌ كلّ 90 ثانية لأسبابٍ متعلّقة بالحمل أو تبعات الولادة، إحصاءٌ حزين ومقلق ولكنّه بنفس الوقت دافعٌ قويّ لتحسين خدمات العناية الصحيّة في الدّول النّامية، بحسب أخصّائيين في كليّة الصحّة العامّة التّابعة لجامعة هارفارد الأمريكيّة (Harvard School of Public Health – HSPS).

مهمّة حماية النّساء المقبلات على الولادة ما زالت أحد أكبر التحدّيات والمشاكل الصحيّة المتجذّرة التي تواجه عالمنا، بحسب جوليو فرينك، عميد كليّة الصحّة العامّة في هارفارد. ومع أنّ خفض معدّل الوفيّات النّفاسيّة (الوفيّات المتعلّقة بشكلٍ مباشر بالحمل، الولادة، وتبعاتهما) هو أحد الأهداف أو المرامي الإنمائيّة للألفيّة (Millennium Development Goals)، إلاّ أنّ الواقع أثبتَ أنّه من أصعب الأهداف والغايات لتحقيق أيّ تقدّم تجاهه.

التقدّم كان وما زال بطيئًا لأسبابٍ عديدة. المعيق ليس التّكنولوجيا أو المعرفة الطّبيّة اللّازمة لإنقاذ حياة الأمّهات اللواتي يعانين من المضاعفات الصحيّة النّاتجة عن الحمل أو الولادة. فلقد تمّ إكتشاف وتوفير حلول لمعظم المشاكل الصحيّة التي تواجه المرأة الحامل في الدّول المتطوّرة منذ زمنٍ بعيد. المعيق أو المشكلة الحقيقيّة هي أنّ الغالبيّة السّاحقة من الوفيّات تحدث في أفقر دول العالم، حيث لا يُتاح للنّساء فرصة الوصول إلى المرافق الصحيّة التي قد تساهم في الحفاظ على حياتهنّ. بحسب آنا لانجر، بروفيسورة ممارسات الصحّة العامّة في جامعة هارفارد، “هذه المضاعفات الصحيّة تحدث لكلّ النّساء في كلّ مكان. الفارق الوحيد الذي يمنح بعض النّساء الفرصة للعيش لمدّة أطول هو فرصة التحصّل على عنايّة طبّيّة بجودة عالية.”

من الجدير بالذّكر أيضًا أنّ هنالك عوامل إجتماعيّة هامّة تزيد من صعوبة المشكلة وتشكّل عائقًا أمام محاولة توفير حلول عمليّة لها. بحسب لانجر، “النّساء [في هذه المجتمعات] لا تقدّر بشكلٍ كافٍ حتّى يستثمر المجتمع مواردَهُ في محاولة حلّ مشاكلهن الصحيّة. ولذلك، حتّى نحلّ المشكلة بشكلٍ نهائيّ لا بدّ من تغيير جدّي وجذري في ثقافة وعقليّة هذه المجتمعات.”

ومع أنّ أعداد النّساء اللواتي يتعرّضن للموت جرّاء المضاعفات المرتبطة بالولادة أو الحمل ما زالت أعدادًا هائلة، إلاّ أنّ هنالك تقدّم إيجابي بسيط في هذا الجانب. بعدما تمّ التّركيز على مشكلة الوفيّات النّفاسيّة في مؤتمر المرامي الإنمائيّة للألفيّة في العام 2001، انخفضت أعداد الوفيّات من نصف مليون (500000) سنويًّا في 2001 إلى قرابة الرّبع مليون (280000) سنويًّا في العام 2010.

الجهد المتركّز حول منع الوفيّات النّفاسيّة يحمل في جعبتِهِ فوائد متعدّدة. إنقاذ حياة الأم لن يتوقّف على التّأثير الإيجابي على حياة وليدها أو وليدتها، ولكنّ الفوائد قد تمتدّ لتؤثّر على حياة أطفالها الآخرين وعلى المجتمع بشكلٍ عام. النّساء يتّخذن كثيرًا من القرارات المتعلّقة بالرّعاية الصحيّة في عوائلهنّ، كما أنّ مساهمتهنّ في العمل والإنتاج قد تعود بفوائد إقتصاديّة على بيتها وعلى المجتمع عمومًا. بالإضافة إلى ذلك، البرامج المصمّمة لخفض الوفيّات النّفاسيّة قد تدفع عجلة تقوية وتحسين نظم الرّعاية الصحيّة بشكلٍ أعمّ، وذلك لأنّ هذهِ البرامج تتطلّب عياداتٍ وطاقم مدرّب ومؤهّل من العاملين.

المصدر:
http://news.harvard.edu/gazette/story/2012/10/mothers-in-peril