الحياة مليئة بـ الخطوة التالية. فى المحاضرات الأكاديمية فإن هذه الأمور تُسمى “الآثار الجانبية من الدرجة الثانية second order effects”.

ولكنها فى واقع الحياة تُدعى عواقب (أو عواقب غير مقصودة). كل فعل نقوم به له تأثير فورى، ومجموعة من التأثيرات المختلفة على المدى الطويل.

على سبيل المثال، التأثير قصير المدى من تناول هامبورجر ماكدونالز قد يكون الاستمتاع والشبع، ومع ذلك؛ فقد يكون التأثير طويل المدى هو النعاس، أو زيادة الوزن فى نهاية المطاف.

الجانب العظيم من الحياة يكمن فى تحقيق التوازن بين المدى القصير والمدى الطويل، لذا يمكن للمرء أن يستمتع ويحافظ على سلامته – متعة مع الغرض-. ولكن فى معظم مجالات الحياة، نحن نولى اهتماما صارما بالعواقب المباشرة للأشياء.

ننظر إلى النتائج المباشرة لسياسة اجتماعية أو اقتصادية ونسميها انتصارا (أو فشل ذريع). ننظر فى المرآة بعد كل تمرين، على أمل أن نرى تغيرات كبيرة فى دهون البطن أو اللياقة البدنية.

نحن نلعب لعبة ما لأنها تمثل “الكثير من المرح”، ونتجاهل حقيقة أنها تُبعدنا عن دراستنا القيّمة أو أعمالنا أو الأوقات الاجتماعية. ماهو غير موجود فهو دائما ناقص التمثيل، والفرصة البديلة هى شيطان غير مرئى يسرقنا إلى العمى عندما ننظر إلى الصواب من خلالها.

لحسن الحظ، هناك ترياق لهذا النوع من التفكير قصير المدى. إنه سؤال بسيط: “وماذا بعد ذلك؟” “?And then what”.

(توماس سويل Thomas Sowell) الخبير الاقتصادى العظيم قال ذات مرة أن جوهر الاقتصاد يكمن فى سؤال “وماذا بعد ذلك؟”.

المشكلة هى أن عددا قليلا منا بذل جهدا للقيام بذلك الشئ البسيط جدا. هذا مفهوم؛ لأننا نعيش اللحظة، ولا نستمتع بالتفكير بشكل خاص فى دقيقة واحدة تفصّل كل لحظة فى حياتنا.

ولكن فى الحقبة القادمة، سيصبح ذات أهمية كبرى بالنسبة لنا أن نسأل هذه الأنواع من الأشياء، وترابطنا يجعل الأفكار، والتكنولوجيات الحديثة تنتشر بشكل أسرع من أى وقت مضى.

إذا فكرنا فى خطوتين أو ثلاثة للأمام؛ فمن الممكن بالنسبة لنا اجراء تغييرات صغيرة فى منتجاتنا، وخدماتنا التى يمكن أن توفر علينا الكثير من التعب والهم على المدى الطويل.

الفيسبوك Facebook، ذلك البرنامج المثير للجدل الذى شارك مشتريات المستخدمين على مواقع أخرى (مثل: Blockbuster and Overstock)؛ قد عمل بشكل جيد فى طرح هذا السؤال عند فرض بعض الرسوم.

ولسوء الحظ، فإن نظام التغذية بالأخبار الفورية فى الفيسبوك Facebook’s social feed كان مرتبطا بها، ووجد الكثير من المستخدمون أنفسهم يشعرون بالصدمة والخيانة؛ لأن سلوكيات التسوق الخاصة بهم قد تم نشرها على القاصى والدانى فى نطاقهم الاجتماعى. عشرة دقائق من تمرين “وماذا بعد ذلك؟” كان يمكن أن يمنع خطأ مثل هذا.

بالطبع، التفكير الجماعى groupthink هو شئ قوى، وكل صناعة فردية أو منظمة تقع فريسة لهذا الدافع الإنسانى الأساسى.

نحن مخلوقات قبلية، ونربط أنفسنا معا فى العديد من المستويات المختلفة للحياة، لنحس بشعور من الانتماء، ولكى نصل إلى الأوضاع المفيدة لأهدافنا ورغباتنا. لكن، فهم تعقيد العالم، والآثار من الدرجة الثانية والثالثة أمر ضرورى لبناء التكنولوجيا، والرقص جنبا إلى جنب مع فوضى الحياة.

نحن التكنولوجيين يمكننا بالفعل استخدام مفكرة صغيرة من وقت لآخر…وماذا بعد ذلك؟


اعداد: مصطفى رزق

المصدر