تعيش البكتيريا المسببة لحب الشباب على جلود جميع البشر، وبالرغم من ذلك فإن واحدًا من كل خمسة أشخاص يعد محظوظًا بما فيه الكفاية؛ بسبب ظهور البثرات لديه في بعض الأحيان فقط، فما السر الذي يكمن وراء ذلك؟
اكتشفت إحدى الدراسات التي تمت في جامعة كاليفورنيا بالتعاون مع باحثين من جامعة واشنطن ومعهد لوس أنجلوس للأبحاث الطبية الحيوية، أن البكتيريا المسببة لحب الشباب تحتوي على سلالات (ضارّة) مرتبطة بظهور البثرات وأخرى (نافعة)، يُعتقد أنها تحمي الجلد.

وقد نُشرت الدراسة ضمن العدد الصادر في 28 شباط لدورية أبحاث الأمراض الجلدية، ويمكن أن تقود نتائج هذه الدراسة إلى عدد لا يحصى من العلاجات الجديدة التي تعالج اضطراب الجلد المُشوَّه.

يقول هويينغ لي، الباحث الرئيسي في هذه الدراسة، والأستاذ المساعد في علم الصيدلة الجزيئي، والطبي في مدرسة جيفين للطب ضمن جامعة كاليفورنيا: “نعلم أنه ليست جميع سلالات البكتيريا المسببة لحب الشباب تؤدي لظهور البثرات، فهناك سلالة واحدة قد تساعد على الحفاظ على صحة الجلد”.

ويتابع قائلًا: “نأمل أن تُطبّق النتائج التي توصّلنا إليها في وضع استراتيجيات جديدة توقف البثرات قبل ظهورها، وتُمكّن أطباء الأمراض الجلدية من تخصيص العلاج؛ كي يتلاءم مع المزيج الفريد من البكتيريا الجلدية لدى كل مريض”.

وقد فحص العلماء إحدى الميكروبات المسببة لحب الشباب، التي تدعى: (Propionibacterium acnes) ، وهي تعيش في أعماق مسامنا الزيتية، وعندما تُنبّه هذه البكتيريا الجهاز المناعي، تسبب التورم وظهور البثرات الحمراء المرتبطة بحب الشباب.

وعن طريق استخدام الشرائط الخاصة بتطهير المسام من أنوف 49 متطوعًا يعانون من البثرات، و52 متطوعًا ذوي بشرة صافية، وبعد استخلاص الحمض النووي DNA الخاص بالبكتيريا، تعقّب الباحثون أحد المؤشرات الوراثية بهدف تحديد السلالات البكتيرية الموجودة في مسامات كل متطوع على حدة، ثم قاموا بتسجيل فيما إذا كان الشخص يعاني من حب الشباب أم لا.

وفي الخطوة التالية، زرع الباحثون هذه البكتيريا المستخرجة من الشرائط بهدف عزل أكثر من 1000 سلالة بكتيرية، ثم قام علماء جامعة واشنطن بتحديد التسلسل النيوكليوتيدي للجينومات التي تعود لـ 66 سلالة لبكتيريا حب الشباب، مما سمح لشوتا توميدا (Shuta Tomida) من جامعة كاليفورنيا – الباحثة المساعدة في هذه الدراسة– بتحديد الجينات الفريدة لكل سلالة.

يقول طبيب الأمراض الجلدية، والمؤلف المساعد لهذه الدراسة الدكتور نواه كرافت (Noah Craft): ” كنا مهتمين بمعرفة فيما إذا كانت السلالات البكتيرية تبدو مختلفة عندما يُؤخذ من البشرة المريضة بالمقارنة مع البشرة الصحية”.

ويتابع قائلًا: “لقد ظهرت سلالتان فريدتان من البكتيريا المسببة لحب الشباب لدى شخص واحد من أصل 5 متطوعين يعانون من حب الشباب، ولكنها نادرًا ما ظهرت لدى الأشخاص ذوي البشرة الصحية”.

يقول لي (Li): ” كنا متحمسين للغاية للكشف عن سلالة ثالثة من بكتيريا حب الشباب التي تعد شائعةً في الجلد الصحي، ولكنه نادرًا ما وجدت عند ظهور حب الشباب”، ويتابع قائلًا: “نعتقد أن هذه السلالة تحتوي على آلية دفاع طبيعية تُمكّنها من التعرف على المهاجمين وتدميرها قبل أن تُصيب الخلايا البكتيرية”.

ويعتقد الباحثون أن زيادة أعداد السلالة (النافعة) من بكتيريا حب الشباب من خلال استخدام كريم بسيط أو غسول، قد يساعد على تهدئة البشرة المصابة بالبثور.

يقول لي (Li): ” إن هذا النوع من السلالات قد يحمي الجلد، مثل العديد من أنواع البكتيريا اللبنية التي تساعد في الدفاع عن الأمعاء من البكتيريا الضارة”، ويتابع قائلًا: “ستكون خطوتنا التالية في التحقق فيما إذا كان كريم البروبيوتيك قادرًا على منع البكتيريا الضارة من غزو الجلد ومن ثم منع البثور قبل أن تظهر”.

وسوف تركز دراسات إضافية على استكشاف العقاقير الجديدة التي تقتل السلالات السيئة من حب الشباب مع الحفاظ على تلك النافعة، من خلال استخدام الفيروسات لقتل البكتيريا ذات الصلة بحب الشباب، واختبار بسيط للجلد للتنبؤ فيما إذا كان الشخص سوف يظهر لديه حب الشباب في المستقبل.

يقول الباحث المساعد جورج وينستوك (George Weinstock)، وهو المدير المساعد لمعهد الجينوم، وأستاذ علم الوراثة بجامعة واشنطن: “إن أبحاثنا تؤكد على أهمية التحليل على مستوى السلالة في عالم الميكروبات البشرية لتحديد دور البكتيريا في الصحة والمرض”، ويتابع: “هذا النوع من التحليل يملك دقةً أعلى بكثير من الدراسات السابقة التي تعتمد على المزارع البكتيرية، أو تلك التي تُمييّز بين الأنواع البكتيرية فقط”.


  • ترجمة: زينب النيال
  • تدقيق: رجاء العطاونة.
  • تحرير : رغدة عاصي
  • المصدر