تعدُّ النسبة بين فوائد وأخطار مشاهدة الأفلام الاباحية واحدةً من أكثر الأمور جدلًا بين العلماء والذي لا يتفق العلماء عليه كليًّا لحدّ الآن.

لكن هنالكَ شيءٌ واحدٌ لا جدالَ فيه: يعشق الأمريكيون مشاهدة الأفلام الإباحية، بل الكثير منهم يعشق ذلك.

وفقًا لموقع Paint Bottle فإن 30% من البيانات التي تنتقل عن طريق الانترنت هي الأفلام الإباحية، بحسب إحصائيات 2015.

صرّح موقع الأفلام الإباحية المذكور أن 70% ممن يشاهدون المحتوى هم رجال، بينما وصلت نسبة النساء إلى 30%.

وطبقًا للموقع فإنّ عدد المشاهدين يتزايد بشكل سريع كلّ أسبوع.

بعد أن اقترح المشرّعون في ولاية فيرجينيا تشريعات تهدف إلى فرض قيود أكثر على مشاهدة الأفلام الاباحية، تتحدث فوكس نيوز (Fox News) إلى ثلاثة علماء نفس لمعرفة المزيد حول ما يعرفونه وما لا يعرفونه عن مشاهدة الأفلام الإباحيّة.

ما هو تأثير الأفلام الإباحية على الدماغ

إن دراسة الأفلام الإباحية وتأثيرها على الصحة أمرٌ شائك، هذا ما يقوله الخبراء.

لهذا فإن العديد من التخصصات تدرس الموضوع -علماء النفس وعلماء الأعصاب وعلماء الاجتماع وآخرون- حيث تتعدد وتختلف منهجيّاتهم وطرق دراستهم للموضوع بشكل كبير.

يقول بول ج.رايت، أستاذ علم النفس والاجتماع المشارك في الدراسة، وأستاذ الإعلام في جامعة إنديانا بلومنجتون، في مقابلة مع فوكس نيوز: «إن السؤال الأهم هو كيف نستطيع بثقة أن نُثبت علميًّا أنّ مشاهدة الأفلام الإباحية تتسبب في العديد من الأضرار التي يتحدث عنها الجميع».

للإجابة عن هذا السؤال يتعيّن على المرء أن يُحدّد فلسفة سبب يتفق عليها الجميع، معايير للأدلة المقبولة، ومن ثمَّ الانخراط في استعراضات منهجية للأدبيات المرتبطة بكل ضرر مُفترض.

واختصارًا للقول، هذا سيحتاج جُهدًا كبيرًا؛ وكالمعتاد سيؤدي كلّ هذا إلى اختلافات في الآراء بين العلماء، لأنه نادرًا ما يُتفق على شيء بنسبة 100%.

وفي تشريعاتهم المُقترحة، يزعم المشرّعون في فيرجينيا أنّ الأفلام الإباحية تعدّ “إدمانية” أي أنّها تجعل المشاهد مُدمنًا عليها، وتعزّز الرغبة في الاغتصاب، وقد تقلل الرغبة في الزواج وتدعم العنف الجنسي وسلوكيّات جنسية خطيرة.

وقال الدكتور ويليام ستروثرز (William Struthers)، أستاذ علم النفس في كلية ويتون، وهي مؤسسة مسيحيّة للفنون الليبرالية غرب شيكاغو: «في حين أنّ الكثير من هذه التشريعات “تبدو معقولة جدًا”، إلّا أنّ تحديًا آخر يواجه الباحثين، وهو أنّ التكنولوجيا تفوق الدراسات العلميّة»

ويقول ستروثرز لفوكس نيوز: «أيّ دراسة من أيّ نوع عن الأفلام الإباحية تكون غير واضحة بشكل كبير».

الكثير من الأبحاث تمّ نشرها منذ 20 إلى 25 سنة تقريبًا، وهذا مختلف تمامًا عن الأفلام الإباحية التي تُشاهد من قبل الشباب في الوقت الحالي.

الحقيقة المُرة هي أنّنا لا نستطيع مجاراة الكمّ الذي يُنتَج من الأفلام الإباحية.

هل يُمكن أن تصبح مُدمنًا؟ ما حقيقة إدمان الأفلام الإباحية

عندما نتحدث عن أشياء مثل الإفراط في شرب الخمر أو لعب القُمار أو شرب المخدرات، فالإجابة تكون واضحة جدًّا، وهي أنّها بالطبع تُسبب الإدمان.

الدراسات أظهرت وبكلّ وضوح العلاقة بين هذه السلوكيات المذكورة والتقلّبات التي تحدُث في كيمياء الدماغ، والتي تقترن بآثار الانسحاب الجسدي إذا تمّت ممارسة تلك السلوكيات.

«لكن لم يُثبت علميًا أنّ مشاهدة الأفلام الإباحية في حدّ ذاتها ضارّة أو تُسبب الإدمان عليها» هذا ما قاله إيان كيرنر (Ian Kerner) لفوكس نيوز وهو طبيب نفسي ومستشار جنسي.

وأضاف: «من تقديري الشخصي لم يكن هناك دليلًا علميًا أو سريريًا مُثبتًا على هذا».

لكن يوضّح كيرنر أنّ الإفراط في مشاهدة الأفلام الإباحية غالبًا ما يكون اعتلال مشترك في قضايا صحيّة أخرى، مثل التعرّض للقلق والاكتئاب أو اضطراب ثنائي القطب، حيث يقول: «عندما يتعرّض الناس للاكتئاب، يشعرون بالوحدة مما يؤدي بهم إلى الاستمناء».

وأضاف: «عندما يصاب الشخص بالقلق، تظهر المُشكلة حينما يشعر بأنّ الشيء الوحيد الذي سيجعله يهدأ هو الاستمناء، وفي هذه الحالة تكون الأفلام الإباحية عَرَض وليست مُشكلة».

في الحقيقة في تجربة كيرنر الأخلاقية، وجدَ أنّ الأفلام الإباحية النسوية والتي غالبًا ما تدور حول قصة، دفعت البالغين من الأشخاص لممارسة الجنس بالتراضي.

يساعد هذا النوع من الأفلام الزوجين أن يعززوا من خبراتهم الجنسية، ويجلب لهم مزيدًا من الدفء والإبداعية في ممارسة الجنس.

وقال كيرنر أيضًا: «لعلّه من المحتمل أنّ مشاهدة الأفلام الإباحية تساعد بعض العلاقات في الاستمرار».

يقول كيرنر: «أنا أعرف الكثير من الرجال الذين يسافرون بعيدًا عن شريكتهم، ويلجؤون للاستمناء بدلًا من خيانة زوجاتهم».

ويضيف: «عندما يوجد فوارق في الرغبة الجنسية الطبيعية في علاقة ما (ربّما شريك واحد مهتم بالجنس أكثر من الآخر، أو ربّما شريك منهم لديه رضيع ولا يستطيع ممارسة الجنس، أو ربّما الأمر مَرَضيّ) فتكون عندها مشاهدة الأفلام الإباحية هي أكثر الحلول إيجابيةً في علاج هذه الفوارق.

أمّا بالنسبة للمراهقين الذين يشاهدون الأفلام الإباحية، فإنّ المشرّعين في فيرجينيا يقولون أنّ متوسّط عمر هؤلاء المراهقين يتراوح بين 11 الى 12 سنة، وهو تصريح من شأنه أن يُخيف أي أبوين، ولكن كيرنر يقول: «إذا كانت هذه التصريحات صحيحة، فهذا يفتح موضوعًا أعمق للنقاش».

يقول كيرنر: «إذا كان الأطفال يتعلّمون الجنس عن طريق الأفلام الإباحية، فهذه ليست مشكلة الأفلام الإباحية، لكنّها مشكلة عدم تدريس الجنس بشكلٍ كاف»، ويضيف: «إذا كنّا نعيش في بلد يعلّم الامتناع عن ممارسة الجنس فقط ، فتكون المشكلة الرئيسيّة هي عدم وجود بديل عن الأفلام الإباحية».

ما الذي لا نعرفه عن الأفلام الإباحيّة؟

يرى خبراء مثل ستروثرز أنّ العلوم النفسية الأساسيّة تشير إلى أنّ التعرّض المتكرر للأفلام الإباحية قد يؤدي إلى تطبيع سلوكيّات ضارة.

يقول ستروثرز: «كلّما ازداد تعرّضك لشيء ما، كلما تميل إلى رؤيته على أنّه شيء عادي ومقبول، سواء أكان عنف أو مقامرة أو حتّى نشاط جنسي».

ما يقلق ستروثرز هو التأثير النفسي الذي قد يُحدثه التعرض المتكرر على تطوير الدماغ.

ويضيف: «إنّ الأسئلة الهامة التي نحن بحاجة لإجابات عليها هي حول ماهيّة التأثيرات الثانوية الناتجة عن الأفلام الإباحية، وليس ما تفعله الأفلام الإباحية في السلوك الجنسيّ للشخص، ولكن هل مشاهدة الأفلام الإباحية تؤثّر على قدرتنا في اكتشاف التلميحات الجنسية غير المنطوقة، والتي تحدث بعدم التراضي من قبل أحد الطرفين».

رأيتُ أستاذًا في جامعة إنديانا، الذي أجرى بحوثًا حول التأثير المحتمل للأفلام الإباحية على سلوك الشباب، وتكهّن بأنّ معظم العلماء في هذا المجال وعلى هذا المستوى من النقاش، يتفقون مع بعض ادّعاءات المشرعين، لكن حتّى الآن يختلفون مع الادّعاءات الأخرى.

لكنّه قال أنّ أكثر شيء يُتفَق عليه هو أنّه يمكن القيام بالمزيد.

ويضيف «هل هناك ما يكفي من الأدلّة التي توحي بالضرر من حيث الإدمان والتنشئة الاجتماعية تجاه المواقف والسلوكيّات التي ينظر إليها معظم الناس على أنّها معادية للمجتمع، والتي تستحق من العلماء أن تدعم الجهود السياسة التي تدعو إلى مزيد من البحوث، والبرامج المجتمعية، والتعليم المدرسي، والبرامج الرامية إلى منع الآثار الضارة؟».

وقال: «رأيت في رسالة بالبريد الالكتروني، “أعتقد أنّ أغلبية العلماء ممن هم على دراية بالبحث في هذا المجال سوف يقولون،” نعم”».


  • ترجمة: يوسف مجدي.
  • تدقيق: لؤي حاج يوسف.
  • تحرير: عيسى هزيم
  • المصدر