تستخدم بعض النساء مسحوق التلك(Talcum powder) بعد الاستحمام كمنتج للعناية بالنظافة الشخصية ، ولكن بعض القضايا التي أثيرت مؤخرًا سلطت الضوء على العلاقة المحتملة بين استخدام المرأة المنتظم لمسحوق التلك على أعضائها التناسلية وزيادة خطر الإصابة بسرطان المبيض.

وفي الحادي والعشرون من شهر آب أمرت هيئة محلفين في لوس انجليس شركة جونسون آند جونسون بدفع حوالي 417 مليون دولار كتعويض لامرأة ادّعت أن بودرة الأطفال الخاصة بالشركة أدت إلى إصابتها بسرطان المبيض .

وقالت السيدة إيفا إشيفيريا في الدعوى أنها وضعت سرطان المبيض (كنتيجة مباشرة لطبيعة خطرة وضارة بشكل غير معقول لمسحوق التلك)
وفقًا لأسوشيتد برس: (مسحوق جونسون آند جونسون للأطفال مصنوع من مسحوق التلك والذي هو معدن مكون من المغنيسيوم والسيليكون والأكسجين).

وفي قضية تم تسويتها في شباط من عام 2015 قررت هيئة المحلفين أن عائلة امرأة تبلغ من العمر 62 عامًا من ولاية ألاباما والتي توفيت بسبب سرطان المبيض بعد عقود من استخدام مسحوق التلك للنظافة النسائية، يحق لها الحصول على 72 مليون دولار كتعويض عن الأضرار الناجمة عن استخدام بودرة جونسون آند جونسون، حيث أن الشركة لم تُعلم الزبائن بالمخاطر المحتملة لمساحيقها رغم إدراكهم للمخاطر الصحية المحتملة، وفقًا لما ذكرته صحيفة واشنطن بوست.

وفي قضية سابقة ضد نفس الشركة المصنعة، وجدت هيئة محلفين في عام 2013 شركة جونسون آند جونسون مذنبة بسبب الإهمال وعدم تحذير النساء من خطر الإصابة بسرطان المبيض المرتبط بالاستخدام اليومي للمساحيق المشتقة من التلك.

ومع ذلك، فإن هيئة المحلفين في هذه الحالة لم تمنح المرأة التي أصيبت بالسرطان أي تعويضات مالية.

إن هذه الدعاوى أدت إلى مزيد من الدعاية حول وجود علاقة محتملة بين استخدام المرأة لمسحوق التلك كمنتج للنظافة الشخصية وبين سرطان المبيض وقد أثيرت اقتراحات عدة حول وجود رابط ممكن بينهما في الأوساط العلمية لأكثر من 30 عامًا.

(هذا الاستخدام يعني تطبيق مساحيق مباشرة على الأعضاء التناسلية للمرأة، أو على المناديل الصحية و الحفاظات او الملابس الداخلية).

وهذا الموضوع مثير للجدل لأن الشركات المصنعة تدعي أنه لا يوجد علاقة سببية بين استخدام التلك وسرطان المبيض، وأظهرت الأبحاث حول هذا الأمر نتائج متضاربة.

وفقًا للجمعية الأمريكية للسرطان :(إن النتائج كانت مختلطة) حيث ذكرت بعض الدراسات أن هناك زيادة طفيفة في خطر الإصابة بسرطان المبيض بين النساء اللواتي استخدمن بانتظام مسحوق التلك في منطقة الأعضاء التناسلية، في حين أن دراسات أخرى لم تجد أي خطر متزايد.

واستنادًا إلى الأدلة المحدودة، قررت الوكالة الدولية لبحوث السرطان، والتي هي جزء من منظمة الصحة العالمية، أن استخدام المرأة للتلك في منطقة الأعضاء التناسلية (قد يكون مسرطنًا للإنسان).

بعض المساحيق مثل بودرة الطفل ومساحيق الجسم المختلفة، تحتوي على التلك، وهو من المعادن التي قد تساعد على منع الرائحة والرطوبة والحكة عند تطبيقها على الجلد.

قبل السبعينيات، احتوت منتجات التلك على الأسبستوس، وهو الآن مادة مسرطنة معروفة، ومنذ ذلك الحين، يطلب من مساحيق التلك بموجب القانون أن تكون خالية من الاسبستوس.

تعتبر المساحيق التي تعتمد على نشاء الذرة، والتي لا تحتوي على التلك فيها، آمنة للنساء لاستخدامها في منطقة الأعضاء التناسلية وليس لها صلة معروفة مع أي من السرطانات التي تصيب الأنثى.

وليس هناك أي دليل على أن رش المساحيق المحتوية على التلك على أجزاء أخرى من جسم المرأة، مثلًا على قدميها أو ظهرها، يزيد خطر الإصابة بسرطان المبيض.

البحث عن الأدلة:

أجرى الدكتور دانيال كرامر، أستاذ طب النساء وأمراض النساء والبيولوجيا الإنجابية في كلية الطب بجامعة هارفارد ومدير مركز طب النساء/ أمراض النساء للأوبئة في مستشفى بريغهام ومستشفى النساء في بوسطن، إحدى أولى الدراسات التي تشير إلى وجود صلة بين استخدام التلك في منطقة الأعضاءالتناسلية وسرطان المبايض. ونشر هذا البحث في عام 1982.

ومنذ ذلك الحين، كانت دراسات كرامر من بين تلك التي وجدت صلة بين الإستخدام المنتظم للتلك وزيادة خطر الإصابة بسرطان المبيض بين النساء.

يقول كرامر هناك أدلة قوية لأكثر من عشرين من الدراسات الوبائية والتي تشير لوجود ارتباط كبير بين استخدام التلك على الأعضاء التناسلية وسرطان المبيض،ووجدت هذه الدراسات أن استخدام التلك المنتظم قد يزيد من خطر الإصابة بسرطان المبيض بشكل عام بنحو 30 في المائة.

ويضيف كرامر يبدو أن خطر سرطان المبيض، يزيد بزيادة مدة استعمال التلك على الأعضاء التناسلية أو بزيادة عدد مرات الاستخدام مع مرور الوقت، ومن العوامل التي كان من الصعب على الباحثين تحديدها هو كمية التلك التي تستخدم في المرة الواحدة، ومقدار ما يدخل منها في المهبل.

التلك عبارة عن عامل مسبب للإلتهاب، والإلتهاب المزمن قد يسبق إصابة الشخص بالسرطان، ويضيف كرامر، الذي خدم كشاهد خبير في واحدة من قضايا المحاكم الأخيرة وقدم شهادة مكتوبة في أخرى.

إن علماء الأمراض الذين فحصوا الأنسجة من مبايض مرضى السرطان تحت المجهر وجدوا أن هناك مسحوق التلك في الأنسجة.

كما تم العثور على المعادن في النساء اللاتي لم يصبن بسرطان المبيض.

يمكن العثور على التلك في الأنسجة من العقد اللمفاوية في النساء اللواتي استخدمن مسحوق التلك على الأعضاء التناسلية، الآلية الدقيقة والتي من خلالها قد يحفز التلك تكوين سرطان المبيض في النساء غير معروفة لحد الآن.

ولكن كرامر قال إنه يشتبه في أنه عندما يتم تطبيق التلك على الأعضاء التناسلية، يمكن للجسيمات المعدنية الدخول في المهبل، وفي النهاية تشق طريقها إلى الجهاز التناسلي العلوي، حيث توجد المبايض.

وبمجرد وجوده، يمكن للتلك أن يسبب التهابًا قويًا وربما يسبب تعطيل الجهاز المناعي في تلك المنطقة.

ويضيف كرامر إن الهرمونات، مثل الإستروجين، قد تلعب دورًا في تطور سرطان المبيض لدى بعض النساء اللواتي يستخدمن التلك، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لإثبات هذا التأثير.

التركيز على المخاطر الأخرى :

لا يصل كل من يدرس البحوث عن التلك وسرطان المبيض إلى استنتاج مماثل لما قدّمه كرامر.

تقول الدكتورة سارة تيمكين، أستاذة مشاركة في علم الأورام النسائية في كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز في بالتيمور، إن الأدلة العلمية على وجود صلة بين استخدام المرأة لمسحوق التلك وسرطان المبيض ليست قوية.

وقد فشلت اثنتان من الدراسات الجديدة في إظهار أي اختلاف في خطر الإصابة بسرطان المبيض بين النساء اللواتي استخدمن التلك على الأعضاء التناسلية وأولئك اللواتي لم يفعلن ذلك.

وتقول تمكين: إن الدراسات القديمة التي توصّلت إلى استنتاج زيادة مخاطر استخدام التلك تميل إلى أن تكون دراسات على الحالات المصابة فقط، والتي قد تكون معرضة للكثير من الأخطاء لأنها تتضمن مطالبة النساء بتذكر استخدامهن للمسحوق بعد أن يتم تشخيصهن بالسرطان.

وقالت إنها لا تعتقد أن الأدلة قوية بما فيه الكفاية لتبرير إجبار المصنعين على وضع علامة تحذير على مسحوق التلك لتنبيه النساء إلى مخاطر صحية محتملة نتيجة استخدام المنتج.

إن سرطان المبيض هو مرض نادر، واثنين من أهم عوامل الخطر لهذا المرض هما وجود تاريخ عائلي للإصابة بسرطان المبيض أو\و وجود تاريخ عائلي للإصابة بسرطان الثدي، و هذين الارتباطين معروفان لعقود، ومع ذلك، قد يُفوت مقدمي الخدمات الصحية الفرصة لإبلاغ النساء اللواتي لديهن عوامل الخطر هذه عن فرص الاستشارة الوراثية.

وتضيف تيمكين: أنه من المعروف أيضًا أن النساء اللواتي استخدمن حبوب منع الحمل لمدة خمس سنوات على الأقل قد يقل لديهن خطر الإصابة بسرطان المبيض بنسبة 50 في المائة تقريبًا مقارنة بالنساء اللواتي لم يستخدمن أبدًا وسائل منع الحمل الفموية.

وقالت تيمكين إنها عادة لا تسأل مرضى سرطان المبيض عن استخدامهن للتلك عند أخذ تاريخ طبي، كما أن النساء لا يسألن عادة العديد من الأسئلة حول هذا الموضوع.

ومع ذلك، مع وجود قصص إخبارية عن الأحكام الأخيرة التي تصدرت العناوين، استفسرت اثنين أو ثلاث نساء عن استخدام التلك.

وتضيف: إذا كان هناك ارتباط بين استخدام التلك ومخاطر الإصابة بسرطان المبيض فهي صغيرة جدًا، وهناك عوامل خطر أخرى لسرطان المبيض والتي من الأفضل التركيز عليها بدلًا من التلك.


  • ترجمة : بشار الجميلي
  • تدقيق: أسمى شعبان
  • المصدر