يمكن اعتبار الثقوب السوداء أكثر الظواهر الكونية غرابة و كثافة، لدينا بحث جديد يكشف لنا أن ما نجهله عن الثقوب السوداء أكثر بكثير مما كنا نعتقده.

بعد عقود من بقاء الفرضية الفيزيائية التي احتلت مشهد الصدارة في تفسير الفضاء الذي يحيط بهذا الفراغ الذي يستهلك المادة، تبدو الآن كما لو كانت غير صحيحة، يبدو الآن أن هذا الإكتشاف سيمحو عقود من النظرية العلمية المقترنة بالثقوب السوداء.

لنكن منصفين، يبدو أن دراسة الثقوب السوداء هو أمر بالغ الصعوبة.

بالنسبة للمبتدئين، هي تلك البقع الخلابة غير المرئية القادرة على سحب كل شيء في محيطها حتى الضوء المرئي – و هذا ما يفسر لماذا لا يمكن رؤيتها – بالإضافة إلى ذلك، هناك أشكال أخرى من الأشعة الكونية تقترن بالثقوب السوداء مثل (أشعة إكس – X rays).

لكن ليس بسبب أنه لا يمكن رؤيتها بالعين سنعتبر أنها غير موجودة.

يقول الفيزيائي (غيوم لويسل) من مختبرات (سانديا) الوطنية في (البوكيركي) بولاية نيو مكسيكو: «بالطبع لا يمكن رصد الانبعاثات مباشرة من الثقوب السوداء ».

»سنلحظ وجود انبعاثات من المادة المحيطة قبل أن تستهلك من قبل الثقب الأسود، وتأخذ هذه المواد المحيطة شكل القرص، يتم تسميته بـ ( القرص المُزوِّد – accretion disk )

وذلك لأنه عندما يتم سحب المادة إلى القرص المُزوِّد حول الثقب الأسود، يصبح ساخنًا بشكل مكثف وينتج وهجًا مشرقًا يمكن رصده بواسطة الأجهزة التي تكشف أشعة إكس.

مكن هذا النوع من التقنية العلماء من اكتشاف أشياء مثل المادة المتذبذبة حول الثقوب السوداء، وقياس تدفقات الغاز المنبعثة منها، وتسجيل أحداث تقطع الجذب – حيث يمكن للثقوب السوداء أن تمزق النجوم إربًا.

لكن يبدو ان ثمة مشكلة من أحد جوانب النظرية التي تصف الثقوب السوداء وانبعاثات قرصها المُزوِّد و التي تؤثر على كثير من البحوث التي أجريت في العقدين الماضيين.

يقول (جيم بيلي) أحد أحد أفراد فريق البحث: «إن مصيدة الثقوب السوداء – كيفية الاستدلال عليها – هي أن البلازما التي تنبعث منها الأشعة السينية غريبة، والنماذج المستخدمة لتفسير أطيافها لم تختبر في المعمل حتى الآن».

و لإعادة إنتاج الظروف حول ثقب أسود بقدر الإمكان، استخدم الباحثون (آلة سانديا – Sandia’s Z machine) – أقوى مولد أشعة سينية.

كان هدفهم هو اختبار شيء يسمى تدمير رنين الثقب – الفكرة القائلة بأنه في ظل الثقل الهائل للثقب الأسود والإشعاع المكثف، لا تنبعث إلكترونات الحديد النشط الضوئية على شكل فوتونات.

وكان هذا الافتراض الدعامة النظرية الأساسية للثقب الأسود لمدة 20 عامًا، ولكن في تجربة ضخمة لمدة خمس سنوات في سانديا، وجد الفريق أن تدمير رنين الثقب لم تحدث عندما تم تسليط طاقات الأشعة السينية المكثفة على فيلم من السيليكون.

وفقًا للباحثين، السيليكون يُحدث تأثيرًا مُدمرًا رنين الثقب أكثر من الحديد، وبالتالي فإن الاختبارات يجب أن تثبت هذه الظاهرة في العمل إذا كان الافتراض صحيحًا..

يقول لويزيل: «إذا كان تدمير رنين الثقب فعالًا، ينبغي أن يظهر هذا في تجربتنا لأن لدينا نفس الظروف، نفس كثافة العمود، نفس درجة الحرارة».

«تظهر نتائجنا أنه إذا كانت الفوتونات ليست موجودة، فإن الأيونات يجب ألا تظهر كذلك».

قد تكون النتيجة النهائية انتصارًا لإظهار قوة (آلة Z) التي تحاكي فعل الثقب الأسود، ولكنها تشي بإعادة تقييم علوم الثقب الأسود، لأنه قد يعني أن بعض أبحاث الفيزياء الفلكية في العقدين الماضيين يمكن أن تكون معيبة .

أما بالنسبة لما يمكن أن يفسر الطريقة التي نكتشف بها انبعاثات القرص المزود إذا كان تدمير رنين الثقب ليس واقعيًا ، فمازال الباحثون غير متأكدين تمامًا.

يقول لويزيل : « تضمين (واحد) يمكن أن تكون خطوطه من أيونات الحديد المشحونة موجودة، ولكن لم يتم التعرف على أي منها حتى الآن».

«هذا لأن الثقوب السوداء تنقل الخطوط الطيفية – بشكل كبير يرجع ذلك إلى حقيقة أن الفوتونات لديها صعوبة في الهروب من حقل الجاذبية الشديدة».

مع الكثير من العمل في المختبر في الوقت الحاضر، سيعود إلى النماذج النظرية، والتي سوف تحتاج إلى استيعاب ما أو خلاف ذلك إعادة النمذجة لتدمير رنين الثقب.

قد لا يكون ذلك سهلًا – لا شيء في الفيزياء النظرية سهل في الحقيقة – ولكن الفريق متفائل بشأن أفضل العلماء لدينا الذين بإمكانهم إنهاء هذه المهمة.

يقول لويسل: «تشير أبحاثنا إلى أنه سيكون من الضروري إعادة صياغة العديد من الأبحاث العلمية المنشورة على مدى السنوات العشرين الماضية».

و أضاف «إننا متفائلون بأن علماء الفيزياء الفلكية سيقومون بتنفيذ أي تغييرات يتم العثور عليها»


  • ترجمة: مصطفى العدوي
  • تدقيق: عبدالرحمن ربيع صوفي
  • تحرير: ناجية الأحمد
  • المصدر