يعيش البشر – وفقًا لتقريرٍ جديد-، حياةً أطول في هذه الفترة عالميًا، وعلى الرغم من تناقص الوفيات الناجمة عن الأمراض الخمجية، وولادات الخدج، إلا أن وتيرة الوفيات الناجمة عن أمراض القلب، والنزاعات، والأحداث الإرهابية آخذة في التزايد.

درس التقرير المُسمى بـ (العبء العالمي لدراسة الأمراض-Global burden of disease study) حالة الصحة العالمية، وذلك عبر تقدير متوسط العمر المتوقع، بالإضافة لعدد الوفيات، والأمراض، والإصابات الناجمة، عن أكثر من 300 سبب، فتوصل التقرير إلى أن معدل متوسط العمر العالمي يصل إلى 75.3 عامًا، لدى النساء، بينما لا يتخطى الـ (69.8) عامًا لدى الرجال، أي أن المعدل تخطى القيمة المسجلة عام 1970م وعام 1990م، البالغة 58.4 عامًا، و65.1 عامًا على التوالي، وفي عام 2016م سجلت اليابان أعلى معدل لمتوسط العمر الذي بلغ 83.9 عامًا، بينما حلت جمهورية إفريقيا الوسطى في المركز الأخير بمعدلٍ لم يتخط الـ (50.2) عامًا.

وقد سُجلت نحو 54.7 مليون حالة وفاة عالميًا، عام 2016م، منها: 72.3% بسبب الأمراض غير المنتقلة – وهي الأمراض التي لا تنتقل من شخص لآخر- مثل: أمراض القلب، والسرطان، والجلطات، بينما نجمت نسبة 19% من الوفيات عن الأمراض المنتقلة، وأمراض الأمومة – التي تحصل أثناء الحمل والولادة-، وأمراض الخُدَّج – التي تحدث في أول أيام الولادة-، وأمراض التغذية – تتضمن نقص التغذية-، وجاءت الإصابات في المركز الأخير، في نسبة الوفيات الناجمة عنها بنسبة 8%.

ووفقًا للتقرير، تناقصت نسبة الوفيات الإجمالية الناجمة عن أمراض الأمومة، والأمراض المنتقلة، وأمراض الخُدَّج، وأمراض التغذية بين عامي 2006م و2016م بنسبة 24%، مع ملاحظة انخفاض كبير في عدد الوفيات بين الأطفال تحت سن الخامسة، الذين تسببت لهم الإنتانات التنفسية أو اختلاطها في أعوامهم الأولى بالوفاة، إذ بلغ عدد وفيات تلك الفئة عام 2016م نحو 5 ملايين حالة وفاةٍ لأول مرة في التاريخ الحديث، بعد أن وصلت إلى 16.4 ملايين وفاة عام 1970م، ثم انخفضت عام 1990م، لتصل إلى 11 مليون وفاة.

وانخفضت نسبة الوفيات بين الأطفال، والبالغين بسبب مرض الإيدز بنسبة 46% منذ العام 2006م، بالإضافة للملاريا، التي انخفضت نسبة الوفيات منها بنسبة 26% منذ العام ذاته.

وقد تزايد عدد الوفيات الكلي من الأمراض غير المنتقلة منذ عام 2006م، إلى عام 2016م بنسبة 16%، ما يعني 5.5 ملايين حالة وفاة إضافية عام 2016م مقارنةً بعشرة أعوامٍ مضت، فكان لمرض نقص التروية القلبية القسم الأكبر من تلك الوفيات، بعد أن حصد أرواحًا بنحو 9.5 ملايين شخص عام 2016م، ما يعني زيادة بنسبة 19% عن عام 2006م.

وزادت الوفيات الناجمة عن السكري عام 2016م، لتصل إلى 1.4 مليون، ما يعني زيادتها بنسبة 31% عما كانت عليه عام 2006م.

لقد تناقص معدل الوفيات في العالم؛ بسبب الأمراض غير المنتقلة بنسبة 12% منذ عام 2006م وحتى عام 2016م، إلا أن ذلك الانخفاض لا يقارن بمعدل انخفاض الوفيات الناجم عن أمراض الأمومة، والأمراض المنتقلة، وأمراض الخدج، وأمراض التغذية الذي وصل إلى 32% خلال الفترة ذاتها.

كتب الباحثون في إصدار (مجلة لانسيت – The Journal of Lancet) يوم 14 سبتمبر/أيلول: “تتغير أنماط الصحة العالمية تغيرًا مستمرًا، مع ملاحظة هبوطٍ سريع في معدل الوفيات الناجمة عن أمراض الأمومة، والأمراض المنتقلة، وأمراض الخدج، وأمراض التغذية، مقارنة بأمراض أخرى وإصابات، الأمر الذي يُعد جديرًا بالثناء، على عكس نتائج الأمراض غير المنتقلة – التي تودي بحياة بالغين كُثُر من فئة الشباب ومتوسطي الأعمار- التي تتطلب اهتمامًا أكبر وإضافةً إلى قائمة الأولويات”.

لقد شهد العالم منذ عام 2006م تزايدًا ملحوظًا في الوفيات التي تخلفها النزاعات والأحداث الإرهابية وراءها، لتصل إلى 150500 وفاة عام 2016م، وتُعد هذه زيادة بنسبة 143% عن عام 2006م، إذ يقع التمركز الرئيس لتلك النزاعات في شمال إفريقيا، والشرق الأوسط.

ووفقًا للتقرير، يُعد تعاطي الأفيون والأمفيتامين، بالإضافة لتعاطي موادٍ أخرى، أحد أسباب تزايد الوفيات، خاصة في دول الدخل المرتفع، إذ يعاني نحو 1.1 مليار شخص حول العالم من أمراضٍ نفسيةٍ، أو اضطرابات تعاطي المخدرات.

وقال الكاتب المساعد في التقرير، ومدير معهد القياسات الصحية، والتقييم في جامعة واشنطن في سياتل في الولايات المتحدة الأمريكية، الدكتور (كريستوفر موراي): “تدل نتائجنا على أن البشر يعيشون حياةً أطول من ذي قبل، إذ سجلنا خلال العقد السابق انخفاضًا ملحوظًا في معدلات الوفيات لأكثر الأمراض فتكًا، مثل: الملاريا، والوفيات لدى الأطفال الذين لم يتخطوا الخمسة أعوام”، وتابع قائلًا: “على الرغم من ذلك التقدم، إلا أننا نواجه (ثالوث المشكلات) المُتفشي بين الأمم، والمجتمعات، المؤلف من: السكري، والبدانة، والأمراض النفسية، التي تتضمن اضطرابات تعاطي المخدرات”.

شارك في هذه الدراسة التي أجراها (معهد القياسات الصحية والتقييم) نحو 2500 شخصٍ ينحدرون من 130 دولةً.


  • ترجمة: باسل غازي الإسماعيل.
  • تدقيق: رجاء العطاونة.
  • تحرير : رغدة عاصي
  • المصدر