أدوية السرطان قد تكون المفتاح لعلاج الأيدز.


يتحتّم على الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV) أن يتناولوا مزيجًا من ثلاثة أدوية مختلفة أو أكثر يوميًا لبقية حياتهم. لسوء الحظ، من خلال اتباع خطة العلاج الصارمة هذه، يمكن أن يعانوا من العديد من الآثار الجانبية التي تتراوح بين الدوار الخفيف حتى تدمير الكبد المهدد للحياة.

ومع ذلك، إذا توقفوا عن تناول هذه الأدوية، يمكن للفيروس المختبىء داخل خلاياهم أن يعاود الظهور بشكل عفوي.

في الواقع، يعتبر فيروس نقص المناعة البشرية الكامن الذي يختبئ في الخلايا لسنوات عديدة، حاجزًا حاسمًا أمام العلاج.

واستكشف الباحثون استراتيجيتين رئيسيتين لمعالجة هذه المشكلة – إعادة تنشيط وتدمير الفيروس الكامن (تدعى هذه العملية -الصدمة والقتل-) أو إيجاد وسيلة لإبقاءه على نحوٍ غير مؤذ.

وفي محاولة لمعالجة كلتا الاستراتيجيتين، يدرس فريق من العلماء في معاهد غلادستون (Gladstone) أدوية تعطل كمون الفيروس ويمكن أن تستخدم في نهاية المطاف لعلاج المرضى المصابين.

اكتشف العلماء مؤخرًا كيف يمكن لعقار جديد يسمى( JQ1 )، ويصنّف حاليًا في مرحلة مبكرة من تجارب علاج السرطان البشري، أن يعيد تنشيط فيروس نقص المناعة البشرية الكامن.

تقول ميلاني أوت (Melanie Ott)، الباحثة الرئيسية في غلادستون، التي نُشرت دراستها في مجلة (Molecular Cell): «لقد ولد اكتشافنا من الإحباط، كنا نعرف بالفعل أن الدواء JQ1 يستهدف بروتين يسمى BRD4، ولكن تجاربنا لم تسفر عن نتائج متسقة، ثم بدأنا النظر في أشكال مختلفة من البروتين، وبشكل غير متوقع، وجد أن شكلًا قصيرًا من البروتين يعد بمثابة مفتاح لشلل فيروس نقص المناعة البشرية».

من خلال تحديد هذا الدور الجديد للشكل القصير من بروتين BRD4، يفسر فريق أوت أخيرًا آلية السيطرة على كمون فيروس نقص المناعة البشرية. وأظهر الفريق أن عقار JQ1 يستهدف ويزيل الشكل القصير من بروتين BRD4، والذي يسمح بعد ذلك للفيروس لاستنساخ نفسه.

قول ريان كونراد (Ryan Conrad)، باحث ما بعد الدكتوراه في مختبر أوت، وأول مؤلف للدراسة: «لا يعرف كثير من الناس في هذا المجال حتى أن هناك شكلًا قصيرًا من بروتين BRD4موجودًا بالفعل»

أثناء الكشف عن دور هذا البروتين في فيروس نقص المناعة البشرية، اكتشفنا أنه قد يسهم أيضًا في مكافحة الفيروسات الأخرى المتعلقة بفيروس نقص المناعة البشرية، وبالتالي، يمكن أن توفر نتائجنا رؤىً جديدة لآليات الدفاع الخلوية القديمة ضد الفيروسات التى تغزو أجسامنا.

ويمكن أن تؤثر هذه الدراسة أيضًا على مجموعة واسعة من الأمراض، بالنظر إلى أنه يتم اختبار الدواء JQ1 بالفعل كوسيلة لاستهداف البروتين BRD4 لعلاج السرطان وفشل القلب والالتهاب.

نهج شامل لعلاج فيروس نقص المناعة البشرية

يركز العديد من العلماء على استراتيجية (الصدمة والقتل) كوسيلة لعلاج فيروس نقص المناعة البشرية، ولكن يركز العديد منهم على إسكات وشلل الفيروس.

جدير بالذكر أن الآلية التي اكتشفت في غلادستون يمكنها أن تدعم كلا الإستراتيجيتين – التلاعب ببروتين BRD4 إما لمنع كُمون فيروس نقص المناعة البشرية أو لتعزيز قدرة الجسم على قمعه.

تقول أوت، وهي أيضًا أستاذ في قسم الطب بجامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو(UCSF): «غالبًا ما ينظر إلى عملية إخماد فيروس نقص المناعة البشرية وإعادة تنشيطه على أنهما نهجان متنافسان، ولكنني أعتقد أنه يمكن الجمع بينهما في الواقع لتطوير علاجات أكثر فعالية في المستقبل ،

وتضيف: يمكن أن تبدأ العلاج عن طريق صدمة وقتل الفيروس سهل الاستهداف أولاً، ثم استخدام آليات الإخماد لإبطاء إعادة تنشيط الفيروسات الكامنة».

يمكن لهذه الاستراتيجية أن تسمح للمرضى بالتوقف عن تناول الأدوية، و ذلك لعدة سنوات قبل أن ينشط الفيروس.

بحلول ذلك الوقت، يمكن أن يصبح الجهاز المناعي قويًا بما فيه الكفاية للقضاء على الفيروس عندما يعاود الظهور مجددًا.

وتقول أوت: «هذه هي الطريقة التي أرى فيها مستقبل البحوث لعلاج فيروس نقص المناعة البشرية».

قد لا يتمكن العلماء من القضاء تمامًا على فيروس نقص المناعة البشرية بين عشيةٍ وضحاها، ولكن يعمل فريق الباحثين على إيجاد وسيلة لاستهداف الفيروس حتى يمكن للأشخاص المصابين التوقف عن تناول حبوب الأدوية طيلة حياتهم.


  • ترجمة: علي أبوالروس
  • تدقيق: أسمى شعبان
  • تحرير: زيد أبو الرب

المصدر