يُعدّ الفريق العالمي بقيادة علماء في مؤسسة الصحة القومية الأولَ في اكتشاف طريقة جديدة تُمكّن الخلايا من إصلاح نوع خطير من الأضرار التي تلحق بالحمض النووي، وهو ما يُطلق عليه ( DNA-protein cross-link )، ويرمز له ب DPC))، وهو عبارة عن تشابك وارتباط الحمض النووي مع البروتين بروابط غير طبيعية.

وجد الباحثون أنّ بروتينًا يُدعى ZATT) ) قادرٌ على التخلص من DPC)), وذلك بمساعدة بروتين أخر يعرف ب (TDP2).

ينتج DPC)) عندما يتلقى المرضى بعض أنواع العلاجات الخاصّة بمرض السرطان, وبالتالي من خلال معرفة وفهم آلية عمل البروتينيين (ZATT) و ((TDP2 في إصلاح هذا النوع من الضرر، نحصل على نتائج صحية أفضل لمرضى السرطان.

ونُشرت نتائج الدراسة في مجلة Science .

وحسب تصريح المؤلف (سكوت وليماز) الحاصل على الدكتوراه, ونائب رئيس معمل سلامة الجينوم والأحياء البنيوية في المؤسسة القومية لعلم الصحة البيئية التابعة لمؤسسة الصحة القومية, بأنّ العلماء قد أدركوا مسبقًا أنّ بروتين (TDP2) ضروري لإصلاح التشابك في الحمض النووي, لكنّهم لم يتوصّلوا لمعرفة آلية توجيهه لمكان ((DPC.

قام وليامز وفريقه باستخدام أسلوب متعدد المحاور للتعرف على بروتين ZATT)) كمشارك جديد في عملية الإصلاح وتحديد كيفية توجيه بروتين (TDP2) لمكان (DPC) لإصلاح الضرر.

ولتصوُّر كيفية قيام هذه البروتينات بعملية إصلاح DPC)) , يجب فهم كيفية حدوث التشابك في البداية.

يقول (ماثيو شلينبرغ) الحاصل على درجة الدكتوراه، وزائر في المؤسسة القومية لعلم الصحة البيئية، والكاتب الرئيسي لهذه الورقة أنّه عندما يتشابك الحمض النووي داخل الخلية, تستخدم الكائنات حينها بروتين يسمى topoisomerase 2 (ويرمز له TOP2) لفكّ هذا التشابك.

يقول شلينبرغ: «تخيّل الحمض النوويّ وكأنّه عبارة عن كرة عملاقة من خيوط الغزل, عندها سيقطع (TOP2) ويربط كل خيط على حدة لفك التشابك الحاصل في كرة الغزل».

يوضح شلينبرغ أنّ ((TOP2 يخفي أطراف الحمض النووي المقطوعة داخل مركز بروتين ((TOP2الذي يطوّق الحمض النوويّ.

وبهذه الطريقة يستطيع البروتين إكمال الجزء الثاني من عمله وهو إلصاق أطراف الحمض النووي.

لكن تعترض بعض الأدوية الكيميائية أو الكيماويات البيئية أحيانًا قدرة البروتين على إعادة ربط الحمض النووي, فيظل (TOP2) عالقًا مع الحمض النووي.

وهذه الحالة تشكل مركّب مستقر من تشابك الحمض النووي مع البروتين بالإضافة إلى وجود بروتين (TOP2) ويرمز له بـ(TOP2-DPC) , ممّا يؤدي إلى تراكم الحمض النووي المقطوع والذي بدوره يسبب موت الخلايا.

شبه وليامز ((TOP2-DPC بالقنبلة الموقوتة للخلايا، وأشار إلى أنّ هذا المركب المؤذي للخلية يتم تحفيزه بتفاعل بروتين ((TOP2 مع السموم البيئية, الكيماويات الاستقلابية, والتعرض للتبغ أو لضرر الحمض النووي الناتج عن التعرض للأشعة فوق البنفسجية.

ويضيف أنّ أكثر المركبات فعالية في تكوين مركب (TOP2-DPC) هي الأدوية المستخدمة في إزالة الخلايا السرطانية, ممّا يجعل مركب (TOP2-DPC) سلاح ذو حدين.

إذا لم تتمّ إزالته, فإنّه يحفّز موت الخلية، وبالرغم من أنّ أدوية السرطان تحث على تكوين مركب (TOP2-DPC) لمعالجة السرطان, إلا أن مركب (TOP2-DPC) قد يكون مسبّبًا للمرض أيضًا, وذلك عن طريق تحفيز إعادة ترتيب الجينوم للخلايا مما يؤدي إلى السرطان.

لهذا السبب يقول وليامز وزملائه بأنّه من الضروري معرفة كيفيّة تحديد مكان DPC)) وتعطيله.

يقول وليامز: «اكتشفنا من خلال هذه الدراسة آلية جزيئية لتعطيل هذه القنابل القاتلة للخلايا».

وأضاف: «يعمل بروتين ((ZAT مثلما يبحث الكلب عن القنابل بالشم, حيث أنّه عندما يحدد الهدف, يقوم بإطلاق إنذار لاستدعاء بروتين ((TDP2 , والذي بدوره يقطع السلك الأحمر لتعطيل هذه التهديدات».

نوّه شلينبرغ بأنّ الأدوية الكيمياوية مثل عقار الإيتوبوسيد, ليست وحدها الأدوية التي تحفّز (DPC)، فهناك الكثير من المضادات الحيوية الموجودة فى السوق حاليًّا والتي تستخدم نفس الطريقة لإتلاف الحمض النووي الخاص بالبكتريا.

وأوضح أنّ عمله كان جزءًا من مجهود كبير لمعرفة كيف يمكن للباحثين استخدام قابلية الخلايا لتكوين DPC)) المؤذي في تحسين الصحة.

ونهايةً يقول شلينبرغ: «اكتشفنا كيف تتم الحماية ضد هذه الآلية القاتلة الفعّالة، ونأمل أن تُمكّن هذه المعلومة من تطوير دواء جديد يستهدف هذه الدفاعات، إذ أنّه بتقليل هذه الدفاعات, نجعل الأدوية تقتل الخلايا السرطانية بفاعليّة أكثر».


  • ترجمة: محمد عبد الرحيم محمد بابكر
  • تدقيق: سهى يازجي
  • تحرير: ناجية الأحمد
  • المصدر

مواضيع ذات صلة:

  •  هل تؤثر تجاربك على حمضك النووي؟ الجواب هو نعم، خاصة اثناء الطفولة المصدر
  •  كل خمسين سيجارة تسبب طفرة واحدة في الحمض النووي ل كل خلية رئوية المصدر
  •  الباكتيريا تعيد تدوير الحمض النووي من بيئتها المصدر
  •  علاج السرطان: تقنية جديدة قد تستبدل العلاج الكيميائي المصدر
  •  محاولة لعلاج السرطان: لا سيرين ولا جليسين بعد اليوم المصدر
  •  النطاف لعلاج السرطانات النسائية؟ المصدر
  •  قفزة علمية جديدة في مجال علاج السرطان « البكتريا الممغنطة تحمل الأدوية المضادة للسرطان إلى الأورام »
  • المصدر
  •  عقار جديد يعمل على علاج السرطان في مراحله المتقدمة المصدر
  •  أضخم قاعدة بيانات عن الأمراض ستستخدم الذكاء الاصطناعي للكشف عن سبل جديدة لعلاج السرطان المصدر
  •  الطحالب أحدث إضافة في تكنولوجيا النانو لعلاج السرطان المصدر
  •  آلية جديدة يقاوم من خلالها السرطان العلاج المناعي المصدر
  •  هل تكون أدوية السرطان مفتاحًا لعلاج الإيدز؟ المصدر
  •  كيف يتفادى السرطان العلاج المناعي ؟ المصدر
  •  بروتين يتعرض ل طفرة في نصف عدد السرطانات ، و علاج يهدف إلى إصلاحه قبل فوات الأوان المصدر