من لا يرغب بالنمو بوصةً إضافيةً طولًا؟، ماذا عن التعرّق؟، وفقًا لعلماء ناسا فمن الممكن أن تنمو بوصةً أو أكثر طولًا فقط عن طريق التخلص من وزن الماء.

ولكن هذا سينفع فقط لو كنت جبلًا!

لاحظ الباحثون في مختبر الدفع النفَّاث التابع لوكالة ناسا في باسادينافي ولاية كاليفورنيا أنّ سلسلة جبال سيرانيفادا نمت نحو بوصة (2.5 سنتيمترًا) طولًا بعد فترةٍ من الجفاف الطويل بين تشرين الأول 2011 وتشرين الأول 2015، وكان السبب تسرب كمياتٍ كبيرة من المياه من الصخور والتربة إلى الخارج وإلى الأرض أدناه.

وقال دونالد أرغوس (باحث في مختبر الدفع النفاث ومؤلف رئيسي للدراسة): “هذا يوحي أنَّ الأرض الصلبة لديها قدرةٌ أكبرعلى تخزين المياه مما كان يُعتقد سابقًا”.

وقد نُشرَت نتائج الفريق مؤخرًا في مجلة (الأرض الصلبة- Solid Earth) للبحوث الجيوفيزيائية.

لماذا ترتفع الجبال وتنخفض؟

هناك عددٌ لا يُحصى من الأسباب التي تجعل الجبال وغيرها من التضاريس تكسب أو تفقد الارتفاع بمرور الوقت.

بشكلٍ عام، سطح الأرض يهبط بسبب وزن الماء، ويعود ليرتفع عند تسرب المياه عن طريق الصرف أو التبخر، ويمكن أن تسهم كلٌّ من حركة الصفائح التكتونية والنشاط البركانيّ (مثل الزيادة الكبيرة في الصهارة في القارة القطبية الجنوبية)، وحالات الضغط الجوي المرتفع أو المنخفض برفع مستوى السطح أو هبوطه.

إنَّ كل هذا يحدث بشكلٍ طبيعيّ، لكنَّ النشاط البشريّ (مثل ضخ المياه الجوفية) يمكن أن يكون له تأثيرٌ ملحوظ.

في دراسةٍ جديدة قام أرغوس وزملاؤه بتحليل بيانات لأحد عشر عامًا من 1300 محطة تابعة لنظام تحديد المواقع العالميّ (GPS) في جبال كاليفورنيا وأوريغون وواشنطن لرصد التغييرات في ارتفاع مجموعة جبال سييرانيفادا بدقة الميليمتر.

في البداية، اعتقد الباحثون أن أهم مسببات النمو الملحوظ للجبال بين عامي 2011 و 2015 كان ارتفاع الطبقات التكتونية والضخ الكبير للمياه الجوفية في وادي كاليفورنيا القريب، فعندما تصطدم طبقتان تكتونيتان يمكن أن تصل الصهارة إلى السطح، والتي ستبرد وتتصلب مما سيؤدي إلى زيادة طول الجبال.

ومع ذلك، كشفت الحسابات أن من أصل البوصة من الارتفاع الزائد يكون 0.2 بوصة فقط (0.5 سم) بسبب ضخ المياه الجوفية، وأقل من نصف ذلك بسبب الحركات التكتونية، والثلثان الباقيان (1.7 سم) من الارتفاع المتزايد جاءت من استجابة الأرض المرنة لفقدان المياه من الجبال.

ووجد الفريق أنه بين عامي 2011 و 2015 حوالي 10.8 ميل مكعب (45 كيلومترًا مكعبًا) من المياه خرجت من الشقوق في الجبال وتسربت في الأرض الصلبة أدناه.

وعندما تتحرر الجبال من وزن المياه تخضع لعمليةٍ تُسمى الارتداد المرن، فتعود ببطءٍ مرةً أخرى إلى الارتفاع الأصليّ قبل ضغط الماء عليها.

وللمقارنة، فإن المياه المفقودة في مجموعة جبال سييرانيفادا في غضون أربع سنوات تصل إلى حوالي 45 ضعف كمية المياه التي تستخدمها لوس أنجلوس في سنةٍ واحدة.

ووفقًا لهذا البيان، فإنَّه من فقدان المياه المقدَّر في نماذج دورة الماء في الطبقات الأرضية في العامين التاليين- اللذين شهدا تساقطًا أكبر للثلوج والأمطار-استعادت الجبال نحو نصف كمية المياه، وانكمشت نحو نصف بوصة من الارتفاع، وحتى الآن هي أطول بنصف بوصةٍ مما كانت عليه في عام 2011.

وقال الباحثون: “إن المياه التي تخرج من الجبال تتسرب عميقًا جدًا بحيث لا يمكن الوصول إليها، ومع ذلك فإن التقنيات المستخدمة في هذه الدراسة لتحليل فقدان المياه والارتفاع تمهد الطريق لفهمٍ أكثر دقة لتأثيرات المياه الجوفية الجبلية”.

وقال جايفاميليتي(عالم المياه في مختبر الدفع التابع لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا) في بيانٍ صحفيّ: “أحد أهم الأحداث المجهولة في علم المياه الجبلية هو ما يحدث تحت التربة”.

هل توجد كميةٌ كبيرةٌ من المياه الجوفية المخزنة داخل الجبال؟ ،نحن لا نملك إجاباتٍ بعد، وتحدد هذه الدراسة مجموعةً من الأدوات الجديدة لمساعدتنا في الحصول على إجابات.


  • ترجمة: حبيب بدران.
  • تدقيق: تسنيم المنجّد.
  • تحرير: سهى يازجي.
  • المصدر