لدينا جميعًا هذا الصديق الذي يأتي إلى مواعيده متأخرًا، فبغض النظر عن أهمية المقابلة التي سيتوجه إليها سواء كانت مقابلة مع الأصدقاء أو محاضرة له في الجامعة فإنه سيكون متأخرًا عليها.

حسنًا أعتقد أن الوقت قد حان لكي تلقي باللوم على نفسك قليلًا يا صديقي، فبالرغم من كل المنبهات التي تتخذها لكي تأتي في الوقت المحدد، تجد نفسك تترك المنزل متأخرًا، فهل لعلم النفس رأي في ذلك؟

أجريت العديد من الأبحاث لمعرفة السبب العلمي لهذه الظاهرة، طبقًا لكاتب السيكولوجي والمحاضر ألفي كون (Alfie Kohn) في مدونة في مجلة (Psychology today) يقول أن وصف هؤلاء الأشخاص باللامبالاة بالآخرين صحيح، إلّا أنَّ ذلك ليس سببًا علميًا لهذه الظاهرة.

يقترح كون سببين لهذه الظاهرة؛ الأول هو استمتاع هؤلاء الأشخاص بكونهم محل الانتباه عندما يصلون إلى الميعاد متأخرين، أو ربما كونهم مشغولين جدًا بأعمال حياتية تخصهم، ويجب علينا أن نراعي لهم تلك الظروف.

بالطبع إن هذا لا ينطبق على المتأخرين جدًا على كل مواعيدهم، مما يجعلهم يفقدون أشياءً مهمة مثل رحلات الطيران أو يطردون من فعاليات يريدون حضوره، فضلًا عن ذلك فإن تأخرهم هذا يجعلهم مصدرًا لازعاج الآخرين، فبينما يتفقد بعض الناس الساعة كلما اقترب ميعاد حضورهم أمر مهم، البعض الآخر غير جيد في ذلك.

وفي ذلك يكتب كون: «ربما لديهم ميل أن ينسوا أنفسهم في ما يفعلونه أيًا كان، ولا يشعرون بالوقت حتى يصبحوا متأخرين للغاية».

ربما نلوم آلية دماغهم في التعامل مع الوقت

في دراسة أجريت بواسطة جامعة واشنطن عام 2016، من علماء النفس إيملي والدن (Emily Waldun) ومارك ماكدانيال (Mark McDaniel)، نظرت في هذه النظرية.

ووصفتها بالذاكرة المستقبلية المبنية على الوقت (Time-Based Prospective Memory). في التجربة يعطى كل مشارك مهمة معينة، ويتاح له أن يتفقد الساعة كل حين.

صُممَت تلك المهام بحيث تكون من نوعية المهام التي تجعل المشارك ينشغل بها، مثل حل الألغاز، يحث يكون مشغولًا جدًا ولا يتفقد الوقت. أظهرت النتائج اختلافًا واضحًا في تفقد الوقت بين المشاركين.

إنَّ ذلك يشبه تفقدك لأحد الأنشطة الملهية مثل تصفح فيسبوك أو إنستاغرام، فبينما تفتح التطبيق لتفقده لمدة خمس دقائق فقط قبل ذهابك للعمل، تتفاجيء بمرور 20 دقيقة وتأخرك عن العمل، وطبقًا للدكتورة سوزان كروس وايتبورن (Susan Krauss Whitbourne) من جامعة ماساتشوستس.

فإن الأشخاص التي أبليت حسنًا في التجربة يبدو أن لديهم قدرة أعلى عند الحديث عن التحكم بالوقت، لذلك فمن المهم أن تحسب الوقت التي تتطلبه كل مهمة بالتحديد.

على سبيل المثال، يمكنك استخدام تطبيق «خرائط غوغل» لمعرفة الوقت المحدد المطلوب للوصول لمكان معين، ولكن ذلك أيضًا لن يعفيك من بعض الزلات مهما كانت خطتك صلبة نظرًا لتغير المواعيد الخارجية.

أو ربما تكون تلك هي طبيعة شخصيتك

تقول وايتبورن أن السيكولوجيين الفرويديين ربما يعتقدون أن هذه السمة تعود لنوع الشخصيات التي تدمر ذاتها بنفسها، حيث إنهم يتركون نفسهم في حلقة من التأخر ثم معاقبة النفس.

يقول كون أيضًا أن هذا ربما يعود ببساطة إلى فقدان هؤلاء الأشخاص للسيطرة على أنفسهم والنظام. حيث يجدون بعد أنفسهم عن الأنشطة التي تجلب لهم المتعة مستحيلًا.

يقول عالم النفس والكاتب أدوري دورايباه-هاريسون (Adoree Durayappah-Harrison) في مدونة أخرى، أن بعض الناس تتأخر عن الميعاد فقط لأنهم لا يحبون أن يأتوا مبكرين.

فقد يكون وصولهم للميعاد مبكرًا أمرًا غير مريح، كذلك فإنهم لا يرغبون في الانتظار قبل أن يأتي أصدقائهم.

هناك طريقة أخرى للنظر لهذه الظاهرة، فربما تحدث بسبب التفاؤل غير الواقعي، ويعتقد الشخص أن بإمكانه الوصول لميعاده بعد 10 دقائق، في حين أنه سيكلفه 25 دقيقة. بغض النظر عن السبب، فإنك على قدرة أن تخرج من هذه العادة، إلّا إذا كنت لا تريد ذلك.


  • ترجمة: محمد إيهاب.
  • تدقيق: صهيب الأغبري.
  • تحرير: رؤى درخباني.

المصدر
مواضيع ذات صلة: