تتم مشاهدة المواد الإباحية من قِبل الملايين من الناس حول العالم، على الرغم من كونها مستهلكة على نطاق واسع جدًا، إلا أنها تعتبر مصدر للعديد من الاضطرابات في المجتمع.

وقد بدأت المواد الإباحية على مدى العقود القليلة الماضية بالانتشار بكثرة، ويرجع ذلك إلى توافر الإنترنت والإتصالات على شبكة الإنترنت بشكل سريع.

في وقت سابق من العام الماضي، حذر باحثون من جامعة نيوكاسل في المملكة المتحدة من الأثار السلبية الضارة بالعلاقات الشخصية وتشجيع السلوك الضار نتيجة مشاهدة المواد الإباحية، حيث أن ذلك ينطوي على إمكانية طمس الخط الفاصل بين الواقع والخيال.

ولكن ماذا تقول الأدلة في الواقع عن الكيفية التي قد تؤثر بها الأفلام أو لا تؤثر على الناس؟ هل يمكن أن توفر الأبحاث أي إجابات؟ والحقيقة هي أنه من الصعب على العلماء أن يدرسوا هذا الأمر، حيث أن مثل هذا النوع من الدراسات يعتمد بدرجة كبيرة على الإبلاغ الذاتي من قِبل الأشخاص الذين يشاهدون المواد الإباحية، ومما لا شك فيه أن هذا الأمر يكون محرج قليلًا أيضًا.

العنف الجنسي  SEXUAL VIOLENCE

مشاهدة المواد الإباحية يؤدي الى تشجيع وتطبيع أو حتى تحريك أعمال الاغتصاب والعنف الجنسي بين عامة الناس، ففي عام 2010، حلل الباحثون أكثر من 300 مشهد إباحي فوجدوا أن 88٪ من هذه المشاهدات تحتوي على العنف الجسدي، ومعظم الجناة كانوا من الذكور، وأهدافهم من الإناث، وكان رد الفعل الأكثر شيوعًا للعنف هو لغرض إظهار المتعة.

وقد أجرى نيل مالاموث في جامعة كاليفورنيا-لوس أنجلوس العديد من الدراسات التي تدرس العنف الجنسي، بما في  ذلك واحدة شملت 300 رجل، وخلُصت الدراسة إلى أن الرجال الذين هم بالفعل عنيفون جنسيًا يستهلكون الكثير من المواد الإباحية التي تحتوي على العنف الجنسي وبالتالي هم أكثر عرضةً لارتكاب الأعمال العنيفة جنسيًا.

الدماغ والجسم BRAIN AND BODY

وفقًا لدراسة أُجريت في عام 2014, وُجد أن مشاهدة المواد الإباحية يمكن أن تُقلص جزءًا من الدماغ وخاصة الجزء المرتبط بالمتعة.

كما أجرى باحثون في معهد ماكس بلانك في برلين دراسة على أدمغة أكثر من 60 رجلًا نظروا إلى الصور الإباحية، فوجدوا أن المنطقة أو الجزء المسئول عن التحفيز والرغبة والجزء المسئول عن التعلم والمشاعر الإيجابية، وخاصةً تلك التي تنطوي على المتعة كعنصر أساسي (مثل الفرح والنشوة) في الدماغ يكون صغيرًا عند أولئك الذين شاهدوا الكثير من المواد الإباحية، وهذا يعني أنها قد تتطلب المزيد من المواد الإباحية لغرض الإثارة.

العلاقات RELATIONSHIPS

“صديقي يريد صديقته في لباس يشبه لباس نجمات المواد الإباحية وتفعل ما تفعله نجمات المواد الإباحية.

المواد الإباحية يمكن الوصول إليها بسهولة، حيث ترى الرجال يشاهدونها في غرفة الدرس، وعلى هواتفهم أو حتى في الحافلة” ظهر هذا الاقتباس  في التحقيق الذي أجرته الحكومة البريطانية مؤخرًا حول التحرش الجنسي والعنف الجنسي في المدارس على الطلاب الذين تبلغ أعمارهم 17 عاما، وبالتالي فإن هذا الأمر يؤثر على العلاقات – وخاصة بين الشباب.

إن مشاهدة المواد الإباحية تجعل الرجال يفقدون الاهتمام بشركائهم، وجاءت التحذيرات بعد دراسة أجراها دوغلاس كنريك في عام 1989 وكانت الدراسة “مؤثرة بشكل كبير” في علم النفس.

وخلافًا لذلك، وجدت دراسة نُشرت في مايو من هذا العام أن بدء مشاهدة المواد الإباحية يمكن أن يكون أحيانًا مؤشرًا للطلاق بين الأزواج.

واستنادًا إلى ثلاث مجموعات من البيانات بين عامي 2006 و 2014 وجد الباحثون أن احتمال الطلاق تضاعف بالنسبة للأمريكيين الذين بدأوا في مشاهدة المواد الإباحية وخاصةً أولئك الذين قالوا بأنهم يشاهدون المواد الإباحية مرتين إلى ثلاث مرات في الشهر حيث يكون لديهم احتمال أعلى للانفصال.

الحياة الجنسية SEX LIFE

لطالما اتُهمت المواد الإباحية بالتأثير على الحياة الجنسية بين الأزواج، قد يكون هذا بسبب نوع المواد الإباحية المستهلكة، فقد وجدت بعض الدراسات أن الرجال الذين شاهدوا المزيد من المواد الإباحية كانوا أقل رضًى عن حياتهم الجنسية، والعكس كان صحيحًا بالنسبة للنساء.

ويُعزي الباحثون السبب في ذلك أن المرأة تكون أكثر عُرضة لمشاهدة المواد الإباحية مع شريكها، بدلًا من أن تكون بمفردها؛ بينما الرجال عادة ما يشعرون بالقليل من الرضى عندما يشاهدون الأفعال الجنسية بمفردهم.

ووجدت دراسة أخرى أن أولئك الذين يشاهدون المواد الإباحية مع شركائهم أفادوا أنهم يشعرون بمزيد من التفاني والرضى الجنسي في علاقتهم بالمقارنة مع أولئك الذين شاهدوا ذلك بمفردهم.

الإدمان ADDICTION

من الآثار السلبية للعديد من المواد الإباحية أنها تؤدي إلى الإدمان وعادة ما يكون الإدمان بنسب عالية وفي مقدمة القائمة، وشبهت إحدى الدراسات التي أجرتها جامعة كامبريدج أن الإدمان على المواد الإباحية أشبه بالإدمان على المخدرات، بعد أن اكتشفت أن كلًا منهما يؤثر على الدماغ بطريقة مماثلة.

وبشكل صريح عندما طُلب من الذكور المشاركين تقييم مقاطع الفيديو الجنسية وغير الجنسية على التوالي، حيث كان نصفهم مع السلوك الجنسي القهري أو العنيف والنصف الآخر كان دون ذلك.

وغالبًا ما يُشار إلى الإدمان الجنسي بأنه ينطوي على هاجس الأفكار الجنسية أو السلوكيات التي يمكن أن تسبب بأضرار للأشخاص، كما وتؤثر سلبًا على عملهم وعلاقاتهم وغيرها من مجالات حياتهم.

وظهر أن ثلاث مناطق في الدماغ تكون أكثر نشاطًا لدى الأشخاص المدمنين على مشاهدة المواد الإباحية، وهذه المناطق ذاتها يتم تنشيطها أو تفعيلها أيضًا لدى الأشخاص مدمني المخدرات.

كما أن أولئك الأشخاص الذين يشاهدون المواد الإباحية باستمرار تكون لديهم رغبة كبيرة في الحصول على مقاطع فيديو جنسية صريحة أكثر، وهذا بدوره يتطابق مع نظرية إدمان المخدرات، حيث يسعى المدمنون على زيادة إدمانهم وليس من أجل الاستمتاع بها.

كما أشارت هيئة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة بأن الإدمان على الجنس شبيه بالإدمان على المخدرات، وبالتالي فإن هذا الأمر يدل على أن وجود عادة الإباحية يمكن أن تخرج عن نطاق السيطرة.

الاستنتاجات  CONCLUSIONS

يرتبط مشاهدة المواد الإباحية بعدد كبير من المشاكل للأفراد بشكل خاص والمجتمع بشكل عام، كما أن مشاهدة المواد الإباحية يؤدي إلى العنف الجنسي بين الأزواج، ويؤدي هذا الأمر إلى حصول المزيد من المشاكل فيما بينهم، وفي كثيرٍ من الأحيان يؤدي إلى الانفصال أي حصول حالات الطلاق بين الزوجين.

بالإضافة إلى التأثير السلبي للمواد الاباحية على الدماغ وخاصة المنطقة المسئولة عن التعلم، وكما ذكرنا أعلاه بأن العديد من الباحثين يُشير إلى أن خطر المواد الإباحية أشبه بخطر تناول المخدرات أي أن الإدمان على المواد الإباحية أشبه بالإدمان على المخدرات كَون الإثنين يشتركان في تأثيرهم على نفس المنطقة أو نفس الجزء من الدماغ.


  • ترجمة: أحمد علي حسين
  • تدقيق: حسام التهامي
  • تحرير: أحمد عزب
  • المصدر