زرع آذانٍ جديدة

في تسعينيات القرن الماضي، نمت أذنٌ على ظهر الفأر المشهور (فأر فاكانتي- Vacanti mouse) وقد أدّى هذا إلى إثارة الجدل، وأعطى الأمل للباحثين والمرضى في جميع أنحاء العالم.

الآن في دراسةٍ جديدةٍ، حصل أطفال لديهم إذنٍ غير متطورة في حالة طبية تُسمى ( صغر صيوان الأذن -Microtia )  على آذانٍ جديدةٍ نمت من خلاياهم الخاصة.

وقد بيّنت تيسا هادلوك من ( مستشفى ماساتشوستس للعيون والأذن –   Massachusetts Eye and Ear) في بوسطن لمجلة  (New Scientist) « هذا الإنجاز هو الأول على مستوى العالم، ومن الممكن أن نكون قريبين من استعادة بنية الأذن الحقيقية».

العلاج النموذجي لهذه الحالة هو إما أذن صناعيّة أو غضروف يُؤخذ من أضلاع المريض ذو شكل يشبه شكل الأذن. وكل من هذين الخيارين لديه مشاكل كبيرة – الأذن الصناعية تكون مُعرّضة لحدوث خمج، وصنع أذن زائفة من غضروف الأضلاع يتطلب دقةً فنيّةً كبيرةً ومن الممكن أن تكون هذه العملية مؤلمة للطفل وقد لا يستطيع تحملها.

تمت هذه الدراسة في (جامعة جياو تونغ – Jiao Tong University ) الواقعة في شانغهاي، حيث بنى جواندونغ زو وزملاؤه هيكل قابل للتحلل ذو شكلٍ يشبه الأذن الحقيقية وأضافوا إليه خلايا من الطفل بأنفسهم. وقد بُني الهيكل ليتحلل عندما تنمو الأذن بصورة تامة.

وهذه ليست المحاولة الأولى للفريق في زراعة أذن بطريقةٍ مشابهةٍ. فقبل سنتين ونصف استخدموا (موسع الأنسجة -Tissue Expanser) وهو جهاز مصنوع من البلاستك يستخدمه الجراحون في تكوين نسيجٍ إضافي للجلد أو العظم أو أيّ نسيج آخر، وضعوه في مكان الأذن غير المتطورة واستخدموا هيكل مسامي قابل للتحلل وُضِع في قالب ثلاثي الأبعاد مع عينة من خلايا الأذن.

وكانت العملية ناجحة، وتكوَن الغضروف وتحللت المادة، ولا يزال الفريق يتابع هذه الحالة وقد ذكروا أنّ هذه المريضة وأذنها في حالة جيدة.

إنّ الطب في تغيرٍ مستمرٍ

وبعد هذه العملية الأولى، حدثت أربع عمليات أخرى مع أطفال آخرين. على الرغم من أنّ هذه العمليات لها مستقبل واعد، إلّا أنّ النتائج الجمالية النهائية كانت مختلفة. جميع الآذان المزروعة قد نمت بصورة سليمة، ولكن البعض منها قد تشوه شكلها منذ العملية الأولى.

ستتطلب هذه العملية متابعة مكثّفة لتظهر لنا ما إذا كان من الممكن أن تنشأ الآذان بهذه الطريقة مع الحصول على شكل أفضل من الشكل الأولي لها؛ الإذن المزروعة يجب أن يكون شكلها أفضل من الخيار الصناعي القائم لنتمكن من تسميتها عملية ناجحة.

وقد قالت هادلوك: «إذا كان سيتغير شكلها قليلًا بعد سنة ونصف، فان الآباء سيريدون معرفة كيف ستبدو بعد 15 عام»

وهنالك عقبة أخرى يجب على الفريق تجاوزها وهي أنّ المادة القابلة للتحلل التي تعطي للآذان الجديدة شكلها من الممكن أن تذوب في الماء وتسبب فيما بعد انتفاخ. بالإضافة إلى هذا، فإنّ عوامل النمو المستخدمة في إنماء الخلايا الجديدة في هذه الدراسة قد شُكك بسلامتها على البشر.

بما أنّ هذه الدراسة جديدة، فإن الوقت سيساعد الباحثين في معرفة المشاكل المرتبطة بالعملية وفهم إمكانياتها. وعلى الرغم من وجود عدد من العوائق قبل اعتماد هذه العملية للعامة، إلّا أنّها تحمل مستقبلًا واعدًا.

أخبر جوس مالدا من (جامعة اوترخيت –  Utrecht University ) في هولندا مجلة (New scientist): «هذه هي الخطوات التي يجب علينا القيام بها لجعل هذه التقنية متوفرة للمرضى، يا له من إنجازٍ مهم»

هذه العملية ليس من الممكن أن تتطور للاستعمال السريري فقط، بل من الممكن أن تُطبّق يومًا على التشوهات الخلقية الأخرى أو للمرضى الذين يعانون من مجموعة من الاضطرابات.


  • ترجمة: سنان حربة
  • تدقيق: رَنْد عصام
  • تحرير: أحمد عزب
  • المصدر

مواضيع ذات صلة: