ذكر باحثون من البرنامج الوطني الأمريكي لطبِ السموم بأنّه ثمة أدلّةٍ على أنّ الإشعاعات المُنبعثة تزيد مِن نسبة خطر الإصابة بنوعٍ نادرٍ مِن أورام الأعصاب؛ على الأقل هذا ما أدّت إليه التجارب على الفئران الذكور.

وما تزال مخاطرُ هذهِ الإشعاعات على البشر قيد البحث والنقاش.

وتُسمّى الأورام التي تمّ تشخيصها في الفئران، (شفاني) -ورم غمد الليف العصبي- ، وظهرت هذه الأورام في قلوب الفئران الذكور، لا الإناث؛ وقد يكون السبب هو الكُتلة الأكبر لأجسام الذكور، فتكون قَدْ قامت بامتصاصٍ أكبر للإشعاع، وفقًا لما قاله كبير الباحثين الدكتور (جون بوشر-John Bucher).

ومن الجدير بالذِكر أنّ أورام (شفاني) نادرةٌ لدى البشر، وحتى لدى الفئران، فالنسبةُ التي أُصيبت بها كانت 6% من العيّنة التي تمّ تعريضها للإشعاع.

ووجدت الدراساتُ آثارًا عضويّةً أخرى، فصِغار الفئران التي عُرِّضت للإشعاع وُلِدتْ بأوزانٍ أقلّ مِن الفئران الأخرى. كما عُثِر على ضررٍ في الحمض النووي DNA في أنسجةِ بعض الفئران.

اختبار إشعاعات الهاتف المحمول:

لخص الباحثون نتائجهم مِن دراسةٍ امتدت لعشر سنواتٍ، بميزانية 25 مليون دولار في المعهد الوطني لطبّ السموم الأمريكي.

وقد وظّف الباحثون منهجيةً معروفةً في دراسات علم السموم، حيث يُعرّضون الحيوانات المخبريّة لمقاديرٍ متزايدةً مِن الإشعاع لتحديد أمرين:

  • ما إذا كان للإشعاع أي آثارٍ بيولوجية.
  • وإذا ثبتَ ذلك، ففي أيّ مستوىً تحدث الآثار.

وللقيام بهذه الدراسة، تمّ تجميع 3000 جرذٍ وفأر في غرف مصمّمة خصيصًا لتعريضها لنفس الدرجة مِن الإشعاعات المنبعثة مِن أجهزة المحمول.

وعُرِّضت الفئران للإشعاعات قبل الولادة ولمدةٍ طالت لسنتَين بعد الولادة.

وقد اختبر الباحثون نفس الموجات الراديويّة المُستخدمة في الشبكات اللاسلكية 2G و 3G.

أمّا شبكات 4G فتُصدِر نفس أنواع الموجات المُستخدمة لإجراء المكالمات الصوتية وإرسال الرسائل النصية القصيرة.

نتائج الدراسة:

ذكر بوشر بأنّهم لاحظوا بعض الآثار العضوية الناجمة عن التعرّض للإشعاع، ولكنهم لحد الآن لم يصلوا لتفسيراتٍ دقيقةٍ لأهمية نتائجهم.

وهذا ما ستقوم به الدراسات اللاحقة والتي سيُراجعها خُبراءٌ في شهر مارس 2018.

وأفادَ بوشر بأنّه شخصيًالم يغيّر مِن عادات استخدامه للهاتف المحمول بعد نتائج الدراسة، ولم يقُم بأيّ تغييرٍ يخصّ عادات أطفاله.

في الجهة المقابلة، يرى خبراءٌ آخرون بأنّ هذه النتائج، مع ما سبقها مِن أبحاث، يجبُ أنْ تدفعَنا إلى الاستعمال الحذِر للهواتف المحمولة.

وفي هذا الصدد تذكُر الدكتورة (ديفرا ديفيس-Devra Davis) بأنّه: «ثبت في أكثر مِن دراسةٍ وجودُ ضررٍ يلحق بالحمض النووي لبعض الأنسجة الحيوية بسبب إشعاعات الهواتف المحمولة».

والدكتورة ديفيس مختصة في طبّ السموم وكانت تعملُ مراجِعةً علميةً للدراسات في المركز الوطني لطب السموم، وتُديرُ الآن منظمةً غير رِبحيةً للصحة في ولاية وايومينج، وتنشطُ في مجالِ رفع وعي الناس بمخاطر الأجهزة المحمولة.

يتوجبُ على الآباء أن يتوخّوا الحذر بخصوص السماح للأطفال باللعب بأجهزة الهاتف المحمولة، لأن أنسجة الأطفال الذين في مرحلة النمو تكونُ عُرضةً للضرر أكثر مِن غيرها.

تقول الدكتورة ديفيس: «علينا أنْ نكُفّ على التعامل مع الهاتف المحمول على أنه لعبةٌ يُمكن تركُه بأيدي الأطفال».

وأخيرًا حذّرت ديفيس بأنّ الأجهزة تكون في أخطر مستوىً لها عندما تكون إشارة الاستقبال ضعيفةً.

فهذه الهواتف ذكيةٌ فِعلاً، ولذلك ترفعُ مِن إنتاجها للطاقة (وبالتالي الإشعاع) في محاولةٍ للاتصال بأبراج الهاتف.


  • ترجمة: رامي أبو زرد.
  • تدقيق: رَنْد عصام.
  • تحرير: سهى يازجي.
  • المصدر