لقد خدمتنا «الثانية» بشكل جيد لمئات السنين، ولكنها أصبحت غير دقيقة لأن الساعات الذرية التي تحسب لنا الزمن الرسمي تفقد ثانية زمنية كل 200 مليون سنة أو نحو ذلك.

بمقياس البشر يبدو الأمر غير مهم، ولكن في مجالات السفر إلى الفضاء والفيزياء الأخطاء الصغيرة يمكن أن تصنع اختلافات كبيرة.

مع الأخذ ذلك في الاعتبار، فإن الجهود تبذل لبناء ساعات أكثر دقة من أي وقت مضى للحفاظ على الوقت.

السر يمكن في تطوير ساعات قادرة على رؤية أعلى تردد من الضوء المرئي، مما يعني المزيد من الدقة في قياس الوقت.

ويعمل الآن علماء القياس من المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا (نيست) (NIST) بمختبرات بولدر في ولاية كولورادو على أجهزة تصل إلى 100 مرة أكثر دقة من الساعات الحالية.

كل ساعة تؤقت للزمن بناء على إجراء معين، سواء كان حركة البندول، أو – في حالة الساعات الذرية الحديثة – الطول الموجي الدقيق لتذبذبات شعاع الميكروويف اللازم لإثارة العنصر الكيميائي السيزيوم.

كلما تقافزت إلكترونات السيزيوم ذهابا وإيابا بين مستويين من مستويات الطاقة، يمكن استخدام تردد هذه القفزات لقياس الوقت.

ساعات الجيل القادم الذي يتم تطويره في ( نيست ) هي الساعات الذرية البصرية، باستخدام قياس موجات الضوء مع تردد الرنين ستكون أعلى بحوالي 100000 مرة من إشعاع الميكروويف، مما يسمح بدقة أعلى بكثير من ذلك.

يمكن أن تصل دقة هذه الساعات الجديدة إلى فقد ثانية واحدة كل 15 مليار سنة.

باستخدام اثنين من الساعات البصرية ينشر الليزر لتهدئة واعتراض ذرات الإتيربيوم، تمكن الباحثون في (نيست) من الحصول على تزامنهما معا إلى مستوى دقة 100 مرة أكبر من ساعات السيزيوم – من الناحية التقنية 1.4 جزء من 1018.

ستكون هذه هي المرة الأولى التي تتفق فيها ساعتين من نفس النوع على هذا المستوى من الدقة، رغم أن التجارب لم تتم مراجعتها ونشرها في أية مجلة.

وإذا تم التحقق منها، فإنها ستفي بأحد المتطلبات التي حددها المكتب الدولي للأوزان والمقاييس (BIPM) في فرنسا، وهي متطلبات ينبغي الوفاء بها قبل أن تحل هذه الساعات البصرية الجديدة محل نظيراتها القديمة من السيزيوم.

المطلوب الآن مزيد من البحوث للتأكد من الدقة التي يمكن الحفاظ عليها في عدة مختبرات مختلفة في وقت واحد. ونظرًا لتعقيدها، تميل الأجهزة الضوئية الحالية إلى تشغيلها في رشقات نارية قصيرة.

عندما يتم الانتهاء من جميع عمليات التحقق المتبادلة سيكون لدينا ثانية جديدة أكثر دقة – وهو الأمر الذي قد لا يحدث حتى 2026 للحصول على إجازة من أعلى هيئة قياس في العالم، المؤتمر العام للأوزان والمقاييس (GCPM).

ويجتمع هذا المؤتمر كل أربع سنوات، ويوجد في هذا العام أربعة تحديثات لتعريفات جديدة مستكملة : ثابت بلانك، ثابت بولتزمان، ثابت أفوغادرو، وكمية الشحنة الكهربائية في بروتون واحد.

ومن شأن قياسات أكثر دقة لهذه القيم أن تمكن العلماء من تقديم نقاط مرجعية أكثر دقة لما يشكله الكيلوغرام، و الكيلفين، و الأمبير، من بين قياسات أخرى. بعد ذلك، يمكن أن تكون الثانية هي المحطة المقبلة لتعريف جديد.

واحدة من الأسئلة التي لا يزال يتعين الإجابة عليها هو أي نوع من الساعة الذرية البصرية الجديدة ستستخدم – البعض يدعو إلى استخدام شبكة الذرات محايدة، مثل الساعات (نيست)، في حين أن البعض الآخر يستخدم اصطياد الأيونات، ويتم إحراز تقدم عبر كل منهما.

يقول كريس أويتس Chris Oates ، رئيس قسم الوقت والتردد التابع ل نيست «إن هذه الساعات أصبحت أكثر موثوقية وأكثر قوة».


  • ترجمة : مصطفى العدوي.
  • تدقيق: بدر الفراك.
  • تحرير: ندى ياغي.
  • المصدر.