هكذا خطط العلماء طريقة انتشار الفيروسات في مقصورة الطيران


غالبًا ما ترى نفسك مُصابًا بالزُكامِ بعد عودتكَ من رحلة على متن الطائرة، إن حصل ذلك معك فعلًا، فإن العُلماء يخبروك بأنهم قاموا بتحديد طريقة انتشار الفيروسات داخل مقصورة الطيران ووجدوا بأن احتمال إصابتك بالزُكام يعتمد إلى حدٍ كبير على مدى تحركك داخل الطائرة.

بالاستناد إلى نماذج الإنفلونزا المختلفة، فقد أظهرت دراسة جديدة بأن فرصة إصابة شخص ما بالإنفلونزا هي 80% إن كان جالسًا في الصف الأمامي أو الخلفي أو بين مقعدين في أي من الجانبين، فيما عدا ذلك ستنخفض فرصة تعرُضك للعدوى إلى .3%

ولكن هذا يفرض عليك أن تبقى ساكنًا في مكانك، أما عند تحركك فإنك ستصبح أكثر عُرضةً للاحتكاك والملامسة مع أحد الركاب أو طاقم عمل الطائرة وقد يكون أحدهم مصابًا بالزكام، لذا إن كُنت ترغب بالبقاء على ما يرام حتى نهاية رحلتك، فعليك الحدُّ من كمية التنقّلات والمشي أثناء الطيران.

يقول عالم الرياضيّات هاورد ويس (Howard Weiss) من معهد جورجيا للتكنولوجيا: «لقد وجدنا أنه من غير المحتمل انتقال المرض مباشرة للراكب المصاب خارج مساحة 1متر، ولقد تطرّقت قليلٌ من الأبحاث لهذا السؤال من قبل، ومن أجل هذه الحالة قام فريق مكون من عشرة أشخاص بالطيران على متن عشرة رحلات مختلفة عبر القارات، ومُزوّدين بأجهزة “iPad” لتتبّع حركات المسافرين وطاقم العمل.»

تُظهر الصورة عمليّة تتبّع لتحرّكات الركّاب على جهاز iPad.

حيث قام الفريق بتسجيل الملاحظات عبر أخذ 229  عينة من الهواء والسطوح على متن الطائرات، وذلك بحثًا عن آثار 18 فيروسًا شائعًا يصيب الجهاز التنفسي.

وإن أحد أبرز الأشياء الواجب التحدث فيها هو أن العلماء لم يعملوا على اقتفاء أثر الإنفلونزا أو مدى انتشارها، بل قاموا بدلًا من ذلك بتتبّع تحرّكات الركاب والطاقم، ومن ثم قاموا بتطبيق النماذج الحالية – لكيفيّة انتشار الفيروسات-  على هذه البيانات.

تُظهر الصورة إحدى المخططات التي تتبّع تحرّكات الركّاب

ويُضيف العالم ” Weiss”: «تُقدّم لنا عملية المُحاكاة دليلًا قويًّا على أنّك إذا بقيتَ خارج نطاق المِتر الذي يُعرّضك للإصابة بالعدوى، وكنت محافظًا على نظافتك، فمن غير المرجح أن تُصاب بها أثناء الرحلة.»

كان ذلك مدعومًا بنتائج تلك العينات ذات 229 نموذج، والتي أظهرت بأن حوالي 40% من المُسافرين لا ينهضون أبدًا على متن الرحلات الأقصر والتي تعبر القارات، أما نسبة 40%  الثانية من المسافرين فإنهم ينهضون مرّة واحدة على الأكثر، في حين أن 20% المتبقيّة فإنّهن ينهضون مرّتين أو أكثر.

كما وتوحي الدراسة بأن احتمال نهوضك أكثر من مرّتين يعتمد على مكان جلوسك، فإن نسبة هذا الاحتمال ستكون أكثر بمرّتين إن كنت جالسًا في الممر بدلًا من جلوسك على النافذة، وفي الوقت نفسه، فإن متوسّط الوقت الذي يقضيه الركّاب بعيدًا عن مكان جلوسهم هو 5 دقائق.

لقد أظهر نموذج البحث أيضًا أن أي أحدٍ من أفراد طاقم عمل الطائرة المُصابين بالزكُام بإمكانه أن ينقل العدوى إلى ما متوسّطه (4.6) راكب في الرحلة الواحدة، وكما قلنا سابقًا، فقد استخدم البحث نماذج لأنماط الانفلونزا بدلًا من تتبّع انتشار الحشرات في مقصورة الطيران.

واقتصرت الملاحظات التي أخذها الفريق المُشارك بالبحث على الرحلات القصيرة التي تصل إلى 5 ساعات، وعند ذكر الرحلات القصيرة فهذا يعني أيضًا الرحلات التي تكون بالطائرات الصغيرة ذات الممر المُفرد، فمن المعلوم أنّها الأفضل في الحد من انتشار العدوى.

برغم كل ما قيل سابقًا إلا أنه ما يزال نظرة مفيدة ونادرةً جدًا في طريقة شقّ المرض لطريقه في مقصورة الطائرة، وبشكل خاص في طريقة تحرّكناـ

وبحسب عالم الأحياء الجزيئية إدسل موريس سالفانا (Edsel Maurice Salvaña)  من جامعة الفلبين، والذي لم يُشارك بهذا البحث: «بالتأكيد نحن بحاجة لفهم المزيد عن سبب مرض الرّكن4اب أثناء سفرهم، وكيف يمكن للزُكام والسعال أن ينتشر، وقد قام الفريق الدارس بتخطيط تحرّكات المريض وقام بخطوة إضافيّة لاختبار لوحة تتضمّن 18 فيروس تنفسيّ باستخدام اختبار الحمض النووي عالي الحساسيّة.»

إذًا فلماذا يبدو بأن الكثير منّا يتلقّون العدوى عندما يكونون على متن رحلة جويّة، هل هو محض خيال أم أن هناك فعلًا ارتفاع في مستوى المرض بالنسبة للمسافرين؟
قد يكون قد تلقّى العدوى من المطار كما اقترح الباحثون القائمون على هذه الدراسة، أو يمكن من رحلات متصلة أُخرى تستغرق وقتًا أطول.

بالطبع هذا الأمر يتطلّب دراسات أكثر تفصيلًا قبل التمكّن من معرف حقيقة ما يحدث، ولكن في الوقت نفسه، قد لا تكون فرصتك بتلقّي العدوى عالية كما تعتقد، إذ يمكنك تقليل هذه المخاطر عن طريق غسل يديك مما يحمي الانتقال غير المباشر لها.

يختم “Weiss” قائلًا: «من الممكن القضاء على خطر انتقال العدوى بشكل غير مباشر داخل مقصورة الطيران، وذلك إذا ما حاول كلٌ من المسافرين وطاقم عمل الطائرة أن يُحافظوا على ممارسة النظافة الشخصيّة وإبقاء أيديهم بعيدةً عن عيونهم وأنفوفهم.»


  • ترجمة: رامي الحرك
  • تدقيق: مينا أبانوب
  • تحرير: زيد أبو الرب

المصدر