تخيل أنك استيقظت في صباحِ يومٍ مُشرق، وتوجهت لتناول وجبة الإفطار، فتناولت علبة الحبوب التي تحتوي على المكسرات صغيرة الحجم، بالإضافة إلى حبات البندق، وسكبت تلك المحتويات في إناءٍ واسع، ستجد أن الإناء قد امتلأ أولًا بحبات البندق، ومن ثم بدأت تتساقط بعض قطع المكسرات الصغيرة.

بالتأكيد هذا الأمر مُخالف تمامًا لخبراتك اليومية، فالطبيعي أن حَبات البندق أكبر حجمًا من المكسرات، وبالتالي لا بُد أن تتواجد في قاع علبة الحبوب وليس على السطح؛ لأنه من البديهي أن تتواجد الأجسام الكبيرة دائمًا في القاع وليس على السطح.

ما شاهدته فعليًا هو مثال حي على «تأثير البندق البرازيلي» أو «ظاهرة الفصل الحُبيبي»: وهي ظاهرة تحدث بسبب انتقال عُلبة الحبوب مسافة ما، فعند انتقال هذه العُلبة من المصنع إلى المتجر، ومن المتجر إلى منزلك.

تهتز محتوياتها الداخلية بسبب وسائل النقل، وبالتالي تتحرك حبات البندق نحو الأعلى، تاركة خلفها فراغات في الأسفل، وهذه الفراغات تملؤها المكسرات الصغيرة والحبوب الصغيرة جدًا، مُترسبة في القاع، وبالتالي عندما تفتح العُلبة تجد أن حبات البندق في الأعلى، بينما تتوضّع المكسرات والحبوب الصغيرة في الأسفل.

صورة توضح تأثير البندق البرازيلي

ظاهرة «تأثير البندق البرازيلي» من الخصائص المميزة للمواد الحُبيبية، وهي المواد المُكونَة من حبوب صغيرة، وهذه المواد تلعب دورًا هامًا في صناعات الأغذية، مثل أغذية الأطفال، والمكسرات، والأرز، والشوكولاته، ومسحوق الكاسترد، ورقائق الذرة، وغيرها من الأغذية.

وتمتد أيضًا تلك الظاهرة لتشمل الكميات الكبيرة المُتراكمة من الثلج، وحبات الرمال. مع العلم أن مُعظم التشكلات الكثبانية للرمال، تخضع لقوانين وخواص المواد الحُبيبية. بالإضافة إلى أنها تلعب دورًا هامًا في صناعة مساحيق التجميل، والأسمدة، والإسمنت.

وتلعب الرياضيات دورًا هامًا في التنبؤ بنمط تدفق المواد الحُبيبية، فتلك المواد لا تمتلك طورًا واحدًا من المادة، ولكنها تمتلك خصائص المواد الصلبة، والسائلة، والغازية، وذلك حسب متوسط الطاقة لكل حبة من تلك الحُبيبات. ولكن بالرغم من ذلك التعدد في الأطوار، فإن تلك الحُبيبات تُظهر خصائص فريدة في كل حالة.

بالإضافة لخصائص أخرى مختلفة عندما تكون في حالة اهتزاز؛ وذلك الاختلاف في السلوكيات يعتمد على نوع حركة الحُبيبات، إذا ما كانت تتحرك بحُريّة، أم أنها مُكدّسة داخل وعاء.

ويستفيد صانعو الغذاء على مستوى العالم من تلك الخواص، وذلك بمحاولة منع تكديس الحُبيبات داخل الصوامع أو داخل أوعية الحفظ الخاصة بها، لأن ذلك قد يسبب لها أضرارًا بالمذاق والصلاحية.


  • ترجمة: مازن عماد
  • تدقيق: رزان حميدة
  • تحرير: رؤى درخباني

المصدر