يمكن للمظلات والأحذية المطاطية أن تحميك من الأمطار والثلوج، لكن ماذا كنت لتفعل لو صادفت وابلًا من العناكب أو الأقمار الصناعية أو اللحم؟ على ما يبدو فإن البشر قد اختبروا كافة أنواع الهطولات في أماكن مختلفة من الكرة الأرضية.

في الوقت الذي تم فيه تفسير كافة أنواع الهطولات المطرية الغريبة بواسطة القوى في الغلاف الجوي، بقيت بعض الحالات لمئات السنوات تعتبر كألغاز جوية غير مفهومة (دون حل). سنعرض لكم فيما يلي أغرب الظواهر الجوية التي حدثت على كوكبنا وكيف فسرها العلماء.

سحالي الإيجوانا المتجمدة:

بينما استعد سكان مدينة تالاهاسي (Tallahassee) في ولاية فلوريدا لاستقبال أول هطول ثلجي (قابل للقياس) في شهر يناير منذ 28 عامًا، تعرض بعض سكان فلوريدا لعاصفة من سحالي الإيجوانا المتجمدة. تعتبر السحالي ذوات الدم البارد من الحيوانات المنتشرة في فلوريدا، حيث تحب أن تجعل من أغصان الأشجار في ضواحي المدن بيوتًا لها.

يقول رون ماجيل (Ron Magill) وهو خبير الحياة البرية ومدير الاتصالات في حديقة الحيوان في ميامي: «تتوقف السحالي عن الحركة (تنطفئ حرفيًا) عندما تنخفض درجات الحرارة، ولا يعود باستطاعتها التمسك بأغصان الأشجار».

تتعثر السحالي المشلولة من فوق الأشجار وتبقى دون حركة (لكنها غير ميتة) حتى ترتفع درجات الحرارة، الأمر الذي يسمح لها بالعودة لنشاطها والهرب بسرعة مرة أخرى. شهدت ولاية فلوريدا أيضًا هطولًا من السحالي في العام 2008.

الأسماك:

في المكسيك غالبًا ما تسقط الأسماك من السماء وهناك اسم لهذه الظاهرة (lluvia de peces) وترجمته الحرفية هي «مطر الأسماك». في الواقع تشهد غالبية المدن الساحلية حول العالم من كاليفورنيا إلى إنجلترا وصولًا إلى الهند نسخها الخاصة من هذه الظاهرة السمكية. فما هو تفسير هذه الظاهرة؟

لنضع جانبًا غضب إله البحار بوسيدون، أحد التفسيرات الممكنة (على الرغم من وجود عدة نظريات) هو أن هذه الهطولات السمكية تنتج بسبب ظاهرة جوية تسمى عمود الماء الإعصاري- وهو عبارة عن إعصار يلامس سطح الماء.

في بعض الأحيان تقوم رياح الإعصار ذات الحركة الدورانية بامتصاص أسراب من الأسماك وأنواع أخرى من الأحياء البحرية وتحملها معها في داخل الإعصار. ثم تقوم في نهاية المطاف بإسقاطها على الأرض مع ما تبقى من الماء.

الضفادع:

يمكن تفسير ظاهرة مطر الضفادع بواسطة عمود الماء الإعصاري أيضًا. تم تسجيل سقوط صغار الضفادع من السماء على الأقل منذ العام 1873 عندما وردت في مقالة في Scientific American كالتالي: «وابل من الضفادع سبَّبَ ظلام السماء وغطى الأرض لمسافة طويلة»، وذلك بعد عاصفة مطرية في مدينة كانساس بولاية ميسوري. لم يُعرف السبب الدقيق لمطر الضفادع في العام 1873، لكن العلماء ينطلقون من هذه الفكرة لتفسير هذه الظاهرة: بما أن الرياح القوية قادرة على قلب سيارة أو اقتلاع شجرة من جذورها، فإنها بالتأكيد قادرة على حمل الضفادع بعيدًا عن المستنقعات.

اللحم:

كيف يمكن لقطع من اللحم أن تسقط من السماء؟ حاز هذا السؤال اهتمام الأمريكيين في العام 1876 إذ تعرّض حقل في مقاطعة باث بولاية كينتاكي لهطول مستمر لرقائق اللحم البقري لعدة دقائق. تبعًا لتقرير ورد في Scientific American فقد قام رجلان بتذوق هذا اللحم المحيّر ولم يتفقا فيما إذا كان لحم ضأن أو لحم غزال، فيما أكد رجل ثالث على أنه لحم دب.

أحد المحللين استنتج أنه لم يكن لحمًا على الإطلاق، بل هو نوع من البكتيريا الزرقاء التي تنمو على الطحالب والتي تجمدت وتحولت إلى هلام (جيلاتين) لحمي عند تعرضها للأمطار. بينما كان آخرون مقتنعين بأنه قيء للطيور الجارحة. وما زال هطول اللحم الغامض في كينتاكي لغزًا حتى الآن.

المطر الدموي:

في بعض الأحيان يمكن للكائنات الدقيقة أن تكون سببًا لبعض الظواهر الجوية. مثال على هذه الحالة هي الظاهرة التي تعرضت لها بعض القرى في شمال غرب إسبانيا في العام 2014 عندما تحولت مياه النوافير إلى اللون الأحمر الدموي. هذه الصبغة لم يكن سببها دمٌ بشريٌ من جريمةٍ ما، بل بسبب نوع من الطحالب المجهرية التي وصلت للمنطقة بعد سقوط الأمطار.

أكدت الدراسات بأن المطر الدموي كان مليئًا بنوع من طحالب المياه العذبة تسمى “Haematococcus pluvialis” والتي تنتج صبغة حمراء عند تعرضها للضغط الجوي.

العناكب:

سقطت ملايين العناكب الصغيرة من السماء في العام 2015 في أستراليا، ولم تكن تلك هي المرة الأولى. تسمى هذه الظاهرة «مطر العناكب» أو «شعر الملائكة» (بسبب الخيوط الحريرية الشبيهة بالشعر التي تتركها العناكب خلفها)، وتحدث عندما تبدأ مجموعات ضخمة من العناكب بنفس الوقت بتنفيذ سلوك يسمى «ركوب المنطاد» أو «الانتفاخ».

يقول ريك فيتر(Rick Vetter) وهو عالم متقاعد مختص بالعناكب في جامعة California Riverside لموقع Live Science: «لتبدأ ظاهرة ركوب المنطاد تقوم العناكب بتسلّق منطقة مرتفعة وترفع مؤخراتها في الهواء (تصبح شبيهة بالمنطاد) وتقوم بإطلاق الحرير، ثم تطير في الهواء. هذه الظاهرة تحدث من حولنا طوال الوقت لكننا لا نلاحظها»

كرات الجولف:

تبعًا لصحيفة إخبارية محلية فقد تناثرت مئات كرات الجولف في شوارع بونتا جوردا بولاية فلوريدا بعد هطول غزير للأمطار في العام 1969. هذه الكرات حيرت سكان الواجهة البحرية لفلوريدا، إذ لم يُبَلِّغ أي ملعب جولف في المنطقة عن فقدان هذه الكمية من الكرات. ا

لتفسير المرجح هو مرور إعصار مائي فوق بركة مائية قريبة من أحد ملاعب الجولف، وهذه البركة كانت مليئة بالكرات الخاطئة ذات التصويب السيء.

الذهب الروسي:

أمطرت السماء ذهبًا في سيبيريا لعدة دقائق في مارس 2018، حدث هذا الأمر عندما أفرغت طائرة شحن قديمة حمولتها من الذهب والألماس والبلاتين والمقدرة ب 378 مليون دولار عن طريق الخطأ عندما كانت تقلع من مطار ياكوتسك Yakutsk.

تبعًا لمسؤولي المطار، تعطّل باب تحميل الطائرة وانفتح خلال إقلاع الطائرة مسببًا سقوط حوالي 200 صخرة ذهبية صلبة وتبعثرها على أرضية مدرج المطار. لسوء حظ صائدوا الكنوز فقد قامت الشرطة باسترداد كل الحمولة المتناثرة.

خفافيش مسلوقة:

في شهر يناير 2018 تساقطت مئات الخفافيش من على الأشجار في كامبل تاون بأستراليا بعد أن ضربت المنطقة موجة حر تسببت في ارتفاع درجات الحرارة لتصل حتى 44.2 درجة مئوية.

الخفافيش وهي من نوع Pteropus poliocephalus يمكن أن تتحمل درجات حرارة تصل حتى 30 درجة مئوية قبل أن تبدأ الحرارة بتخريب أدمغتها. قالت كيت رايان (Kate Rayan) وهي مديرة مستعمرة الخفافيش في كامبل تاون لإحدى الصحف المحلية: «عند درجات الحرارة المرتفعة تبدأ الخفافيش بالغليان فعليًا، وقد وجدنا أكثر من 200 خفاش نافق غالبيتهم من الصغار».

محطات فضائية متنوعة:

من المرهق الدوران حول الأرض لمسافة 28000 كيلومتر كل ساعة. عادة ًما تعتبر الأقمار الصناعية جيدةً لأداء هذا العمل بسرعة وسهولة، لكنها أحيانًا تفقد قوة الدفع اللازمة وتسقط. على سبيل المثال، القمر الصناعي لمحطة الفضاء الصينية التجريبية (النموذج الأولي) Tiangong-1 والذي يزن 9.4 طن (8.5 طن متري) يتعثر ويسقط بقوة وعنف في هذه الأثناء باتجاه الأرض، ومن المتوقع أن يتفكك في الغلاف الجوي للأرض في الأسابيع القليلة القادمة.

إنها ليست المرة الأولى التي تحدث فيها هذه الظاهرة، فعلى مدى الخمسين السنة الماضية، بقي أكثر من 5900 طن (5400 طن متري) من الحطام الفضائي سليمًا عند إعادة دخوله إلى الغلاف الجوي للأرض. لحسن الحظ، إن احتمال إصابتنا بمثل هذا الحطام هو أصغر بملايين المرات من احتمال فوزنا بالجائزة الكبرى.


  • ترجمة: يازد حسامو
  • تدقيق: وائل مكرم
  • تحرير: إيناس الحاج علي
  • المصدر