لدى الثقافة الروسية تاريخ ثقافي طويل وغني، غارق في الأدب والباليه والرسم والموسيقى الكلاسيكية.

في حين قد يرى الغرباء البلد مريبًا بعض الشيء، فإن روسيا لديها ماضٍ ثقافي عريق، من الأزياء الشعبية الملونة إلى رموزها الدينية المزخرفة، وهنا لمحة موجزة عن العادات والتقاليد الروسية.

 البلد

إن الثقافة الروسية تضع قيمة للوطن والأسرة، ووفقًا لتاليا فاغنر، المتخصصة في الزواج والأسرة مع تخصص في الديناميات الثقافية.

تقول لمجلة لايف ساينس: «ترك الحكم السوفيتي انطباعًا حول الثقافة وخلق خوفًا متأصّلًا وعدم ثقة من الأفراد خارج العائلة والأسرة الممتدة والاتصالات العائلية الأخرى».

حكم الحزب الشيوعي روسيا والأراضي المجاورة لأكثر من 70 عامًا، وتوحدوا تحت مُسمى اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية (USSR)، الاتحاد السوفياتي تفكك في عام 1991.

«إن التحديات التي واجهت الأسر في ظل الشيوعية حوّلت الأفراد للاعتماد بشكل كبير على دعم الأسرة، والتي كانت في كثير من الأحيان تتطلب الجمع بين مواردهم من أجل البقاء»، وتابعت فاغنر: «لقد خلق هذا الأمر ثقافة تقدّر العائلة بامتياز وتحافظ على الصداقات الوثيقة».

عندما يفكر عديد من الناس في روسيا، يفكرون بادئ الأمر في الأراضي الشاسعة المتجمدة، لكن هذا ليس كل شيء تحتويه جغرافيا هذه البلد، روسيا تحوي السهول والوديان والبحار والجبال.

على سبيل المثال؛ في عام 2017 ثار بركانٌ روسيٌ يدعى كامبالني (Kambalny) بعد ما يقرب من 250 عام من خموده، كان الثوران مفاجأة وقد لوحظ عمود الدخان من الفضاء.

وقالت أولكا جيرينا، رئيسة (فريق كامكاجكا للاستجابة للثورانات البركانية) KVERT، لوكالة الأنباء الروسية “TASS”: «لا شيء يشير إلى انفجار محتمل لكامبالني»، «إنها مفاجأة تامة بالنسبة لنا، وها نحن نواصل المراقبة وسنحلل التهديدات المحتملة عندما تأتي البيانات».

ميزة أخرى مذهلة في الجغرافيا الروسية هي بحيرة بايكال، وهي أكبر بحيرة في العالم والتي تمتلك 20٪ من إمدادات العالم من المياه العذبة، وهي أيضًا أقدم بحيرة في العالم كذلك.

تقول جنيفر كاستنر في برنامج روسيا للبيئة في المحيط الهادئ: «بحيرة بايكال هي أقدم بحيرة في العالم، فهي موطن لحوالي 1700 إلى 1800 نوع من النباتات والحيوانات المستوطنة».

السكان والتكوين العرقي

تعد روسيا أكبر دولة في العالم من حيث المساحة، إذ تبلغ مساحتها الإجمالية 6,601,668 ميل مربع (17,098,242 كيلومتر مربع)، وبالمقارنة، فإن مساحة الولايات المتحدة تبلغ 3,794,100 ميل مربع فقط (9,826,675 كيلومتر مربع).

ووفقًا لبيانات 2016 من البنك الدولي، فإن عدد سكان روسيا حاليًا هو أكثر من 144,000,000 نسمة، وهذا يعُدّ انخفاضًا واضح منذ ذروته التي بلغت 148,689,000 نسمة في عام 1992.

روسيا تحتضن ما لا يقل عن 190 جماعة عرقية، وفقًا لمعطيات البي بي سي وتقارير وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) تفيد بأن 77.7٪؜ من الروس ذوي أصل روسي.

ويتكون باقي السكان من 3.7 ٪؜ من التاتار، و 1.4٪؜ من الأوكرانيين، و 1.1٪؜ من الباشكير، و 1٪؜ من التشوفاش، و 1٪؜ من الشيشان، و 10.2٪؜ أخرى، في حين أن 3.9٪؜ هي فئة غير محددة.

اللغات

في حين أن اللغة الروسية هي اللغة الرسمية للبلاد، فإن العديد من الروس يتحدثون الإنجليزية كلغةٍ ثانية.

أكثر من 100 لغة يتم التحدث بها في روسيا اليوم من قبل الأقليات وفقا لبي بي سي.

اللغة الثانية الأكثر شعبية هي الدولكانك، يتحدث بها أكثر من 5.3٪؜ من سكان البلاد وفقا لوكالة المخابرات المركزية.

وتشمل لغات الأقليات الأخرى التتارية والأوكرانية والتشفاش والبشير وموردفين والشيشانية.

على الرغم من أن هذه الأقليات تشكل نسبة مئوية صغيرة من إجمالي السكان الروس، فإن هذه اللغات بارزة في المناطق الإقليمية.

الديانات

تقول فاغنر: «لقد كان الدين دائمًا عنصرًا أساسيًا في الحياة الروسية، لاسيما في أوقات الاضطهاد».

هناك ما يقرب من 5000 جمعية دينية مسجلة في روسيا، يتبع أكثر من نصف السكان الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، وفقًا لوزارة الشؤون الخارجية في الإتحاد الروسي.

الإسلام هو ثاني أكبر دين ويقدّر بحوالي 10٪ إلى 15٪ من الروس يعتنقون الإسلام، حسب كتاب حقائق العالم.

تقول كريستينا دي روسي، عالمة الأنثروبولوجيا في كلية بارنيت وساوثجيت في لندن: «ثالث أكثر الديانات شعبية في روسيا بعد المسيحية والإسلام هي التنغرست، وهي شكل من أشكال الدين الوثني والديناميكي والشاماني».

تنبع التنغرية من السكان الأتراك والمغول في آسيا الوسطى و تتمتع بنهضة في أجزاء من روسيا حيث يُنظر إليها كجزء من هوية عرقية آسيوية معينة من قبل بعض حركات الاستقلال الإقليمية.

الفنون والآداب والهندسة المعمارية

الباليه هو شكل فني مشهور جدًا من روسيا، تأسست فرقة بولشوي باليه عام 1776، وهي شركة باليه كلاسيكية مقرها مسرح بولشوي في موسكو وتشتهر في جميع أنحاء العالم.

أما فرقة ماريانسكي باليه في سانت بطرسبرغ فهي شركة باليه شهيرة أخرى في روسيا.

بيتر إيليتش تشايكوفسكي، مُلحّن روسي من القرن التاسع عشر، مشهور عالميًا ألّف «بحيرة البجع» و «مفاتحة1812»، من بين قطعه الفنية الأخرى.

هناك العديد من المتاحف، بما في ذلك منزل طفولته، ويعرض فيه أغراضه الشخصية والتحف الموسيقية.

كما كان للأدب الروسي تأثير عالمي، مع كتاب مثل ليون تولستوي صاحب (آنا كارنينا و الحرب والسلام) وفيودور دوستويفسكي صاحب (الجريمة والعقاب و الأخوان كارامازوف) اللذان لا يزالان يقرآن حتى يومنا في جميع أنحاء العالم.

الدمى الروسية المتداخلة هي رمز معروف للبلاد، تتكون هذه المجموعات من الدمى، والمعروفة ايضًا باسم دمى الماتريوشكا، من شخصية خشبية يمكن تفكيكها لتكشف عن نسخة أصغر أخرى من نفس الصورة في الداخل، وهكذا..

غالبًا مكونة من ستة دمى أو أكثر متداخلة داخل بعضها البعض، ترسم كل دمية، والتي عادة ما تكون متقنة للغاية لصورة فتاة فلاحة روسية في الزي التقليدي.

وقد ظهرت القبب الملونة التي تبدو كالبصل لأول مرة في عهد إيفان الرهيب (Ivan The Terrible)، حسب موقع لونلي بلانيت، فهي شائعة في العمارة الروسية وهي في الغالب هيكليات لكنيسة.

وقد تم التكهن بأنهم يمثلون الشموع المحترقة أو خزائن إلى السماء وغالبًا ما تظهر في مجموعات ثلاثية تمثل الثالوث الأقدس.

قبب كاتدرائية القديس باسيليوس في موسكو على شكل بصليّ رمزًا للهندسة المعمارية الروسية.

الأطعمة والمشروبات الروسية

واحدة من أكثر الأطعمة التقليدية الروسية المعروفة التي قد تبدو غريبة المظهر هي البورش (borscht) وهو حساء البنجر المليء بالخضار واللحوم وعادة ما يقدم مع دهن من القشدة الحامضة، والتي تعد من العناصر الرئيسية في العديد من الأطباق الروسية.

پيروژكيس(Pirozhkis) هي كعكات صغيرة مخبوزة يمكن ملؤها بالبطاطس واللحوم والملفوف أو الجبن.

(لا ينبغي الخلط بينه وبين بيروجيس، التي هي زلابية بولندية، مسلوقة ثم مقلية ومحشوة باللحم والجبن والبطاطا أو مخلل الملفوف).

الكافيار، المصنوع تقليديًا من بيض سمك الحفش الموجود في البحر الأسود وبحر قزوين، يتم تقديمه غالبًا على الخبز الأسمر المقرمش أو البليني، الذي يشبه الفطائر أو الكريب.

كما يتم تقديم البليني مع مجموعة متنوعة من الحشوات المختلفة، كالمربى أوالجبن أو البصل، أو حتى شراب الشوكولاتة.

الفودكا: هو مشروب كحولي روسيٌ شهير يتم تحضيره تقليديًا من تقطير البطاطا المخمرة، كما يتم استهلاك البيرة والشاي على نطاق واسع ايضًا.

الفولكلور والعطلات

روسيا لديها تقليد غنيّ من الحكايات الشعبية والتي تُستمد من عدد من الأساطير والتقاليد السلافية، وفقًا لـ (دي روسي-De Rossi).

فالشخصيات الشعبية الروسية متعددة للغاية، كما أنها تخون جذور الوثنية القديمة: فعلى سبيل المثال، بابا ياجا امرأة عجوز تشبه الساحرات تعيش في الغابة في منزل يستند على أرجل الدجاج وتحيط بها الجماجم والعظام.

تحكي قصة أخرى عن الطائر الناري (فاير بيرد)، وهو مخلوق مسحور بالريش الناري الذي يصعب التقاطه، لذا فإن التقاطها أو نتف ريشتها هو في الغالب التحدي الذي يواجه البطل.

تقول دي روسي إن كل من بابا ياجا وفاير بيرد يمكن أن يكونا إما جيدين أو سيئين، مرعبين أو مخادعين، ويمكنهم أن يمنحوا السحر القاتل أو العدواني، قبل كل شيء، يجب ألا يعاديهم أحد أبدًا!

ويحتفل بعض الروس بعيد الميلاد يوم 7 يناير كعيد رسمي لميلاد المسيح، وفق التقويم اليوليوسي الذي استخدمته الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، بينما يحتفل آخرون يوم 25 ديسمبر كما في باقي بلدان العالم.

يتم الاحتفال بيوم روسيا في 12 يونيو، ويشير هذا اليوم في عام 1990 إلى أن البرلمان الروسي أعلن رسميًا السيادة الروسية من الاتحاد السوفياتي، وفقًا لمدرسة الدراسات الروسية والآسيوية.

في البداية، أطلق عليه يوم الاستقلال الروسي، ولكن تم تغيير اسمه لاحقًا ليوم روسيا، وهو الاسم الذي قدمه بوريس يلتسين في عام 2002.


  • ترجمة: ليث أديب صليوه
  • تدقيق: قُصي السمان
  • تحرير: تسنيم المنجد
  • المصدر