ملخص

كشف فريق من باحثين متعددي الجنسيات عن شكل هندسي غير معرَّف من قبل تتخذه الخلايا الظهارية خلال التطور الجنيني، فيمكّنها من تخفيض استهلاكها للطاقة ما أمكن وزيادة الثباتية الرزمية لأقصى حدودها.

تنطوي أنسجة الجنين، أثناء تطوره، لتشكل بنى ثلاثية الأبعاد تعطي الأعضاء فيما بعد، وتعدّ الخلايا الظهارية أساسات هذه العملية التي تشكل -على سبيل المثال- الطبقة الخارجية من الجلد، وتبطن الأوعية الدموية والأعضاء لدى جميع الحيوانات.

وتترتب هذه الخلايا مع بعضها بشكل وثيق، لتلائم الانحناءات الحاصلة أثناء التطور الجنيني، وكان يُعتقد أنها تتخذ أشكالًا اسطوانية أو مشابهة للقوارير، ولكن أثناء تعمق مجموعة من العلماء في تفحص هذه الظاهرة، اكتشفوا شكلًا هندسيًا جديدًا.

فقد بيّنوا أن الخلايا الظهارية تتخذ خلال تطوي الأنسجة شكلًا غير معرّف سابقًا، يمَكّنها من تقليل استهلاكها للطاقة ما أمكن؛ مقابل الحفاظ على ثباتية رزمية قصوى، وسيتم نشر هذه النتائج في دورية (Nature Communications) ضمن مقالة بعنوان «الأشكال من النوع (scutoid) حلٌ هندسي للرَّزم ثلاثي الأبعاد للظهارة».

وتمثل هذه الدراسة نتاج تعاون الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، وذلك بين فريقي لويس م. إسكوديرو (Luis M. Escudero) من جامعة إشبيلية (Seville University) في إسبانيا، وخافيير بوسيتا (Javier Buceta) من جامعة ليهاي (Lehigh University) في الولايات المتحدة الأمريكية.

كما ألّف الدراسة بشكل رئيسي كل من بيدرو غوميز غالفيز (Pedro Gomez-Galvez) وبابلو فيسِنتيه منويرا (Pablo Vicente-Munuera)، بمشاركة علماء آخرين من المركز الأندلسي للبيولوجيا التطورية، ومركز سيفيرو أوتشوا للبيولوجيا الجزيئية، وغيرهما.

فأحرز بوسيتا وزملاؤه اكتشافهم من خلال التصميم المحوسب المعتمد على مخطط فورونوي (Voronoi diagramming)، وهو أداة مستخدمة في العديد من المجالات لاستيعاب الترتيب الهندسي.

فيشرح بوسيتا: «خلال عملية التصميم، بدت لنا النتائج غريبة، فقد توقع نموذجنا أنه ومع ازدياد انحناء الأنسجة، لم تطوّر الخلايا الأشكال الاسطوانية والمشابهة للقوارير وحسب، وإنما يوجد شكل إضافي، وللمفاجأة، لم نجد له تصنيفًا في الرياضيات! ولا يحظى المرء بفرصة تسمية شكل جديد كل يوم».

فأطلق الفريق اسم (scutoid) على هذا الشكل الجديد، وذلك لتشابهه مع الترجيتة الخلفية (scutellum)؛ وهي الجزء الخلفي من صدر الحشرة أو قسمها الأوسط.

وللتحقق من توقعات نموذجهم، تحرّى الفريق الرزم ثلاثي الأبعاد لأنسجة مختلفة تعود لحيوانات متنوعة، وقد أكدت البيانات التجريبية اتخاذ الخلايا الظهارية لأشكال وعناصر رزم متكررة ثلاثية الأبعاد مشابهة لتلك التي توقعها النموذج الحاسوبي.

ويجادل الفريق، باستخدام مقاربات فيزيائية بيولوجية، بأن الأشكال من النوع (scutoid) تثبّت الرزم ثلاثي الأبعاد، وتجعله فعالًا طاقيًّا، فكما يقول بوسيتا: «لقد اكتشفنا مقاربة الطبيعة لتحقيق الانحناء الفعال للظهارة».

وقد تمهّد هذه النتائج الطريق لفهم الترتيب ثلاثي الأبعاد للأعضاء الظهارية، وتؤدي إلى تطور هندسة الأنسجة، فيشير الباحثون في دراستهم: «بالإضافة لهذا الجانب الأساسي للتخلّق، تعتمد قابلية هندسة الأنسجة والأعضاء في المستقبل بالضرورة على القدرة على فهم الترتيب ثلاثي الأبعاد للخلايا، ومن ثم التحكم به».

ويضيف بوسيتا: «فعلى سبيل المثال، إذا كنت تسعى لإنماء أعضاء اصطناعية، قد يساعدك هذا الاكتشاف على تصميم سقالة تحفز هذا النوع من الرزم الخلوي، للمحاكاة الصحيحة للطريقة الطبيعية في تطوير الأنسجة بشكل فعال».

يوضح الشكل (a) ظهارة مسطحة وحيدة الطبقة أسطوانية/مكعبية الخلايا، وبتجريد خلاياها تظهر بشكل موشوري، أما الشكل (b) فيُظهر طيّة في الظهارة المذكورة، وبالتالي تأخذ الخلايا شكل القارورة 23، والذي يمكن تبسيطه كمخروط ناقص، بينما يعبر الشكل (c) عن نموذج رياضي لأنبوب ظهاري.

ويوضح الرسم (d) نموذجًا يجسد شكلين متداخلين من النوع (scutoid)، ومخططين لجسمين صلبين من النوع ذاته، ويتميز الـ(scutoid) برأس واحد على الأقل في مستوى مختلف عن القاعدتين، بالإضافة إلى أسطح منحنية.

ويبيّن الشكل (e) منظرًا ظهريًا لخنفساء (Protaetia speciosa) من عائلة (Cetoniidae)، وتميّز الخطوط البيضاء عليها تشابه كل من الترجيتة الوسطى (scutum)، والترجيتة الخلفية (scutellum)، والأجنحة مع الشكل الهندسي (scutoid).

ويشير الشكل (f) إلى إعادة تصميم ثلاثية الأبعاد للخلايا على هيئة أنبوب، كما يوضح العنصر المتكرر والمكون من 4 خلايا (الخضراء، والصفراء، والزرقاء والحمراء) تداخلًا خلويًا بين القمة والقاعدة.

وفي الشكل (g) تفصيل للتداخل القمي-القاعدي، يوضح كيف تلتقي الخليتين الزرقاء والصفراء في القسم القمي دون القاعدي، كما يبيّن الشكل السطوح المقعرة للأشكال الهندسية من النوع (scutoid).


  • ترجمة: سارة وقاف
  • تدقيق: دانه أبو فرحة
  • تحرير: تسنيم المنجّد
  • المصدر