إنّ تقويمك الزمنيّ الاجتماعيّ قد يساهم بشكلٍ أو بآخر بإخراج المتعة من الأنشطة التي من المفترض أن تكون ممتعة ومريحة، وفقًا لاقتباس كتبٍ من قبل البروفيسور الذي يدرس إدارة الوقت، هذه الورقة تُثبت أنّه عندما نقوم بنشاطٍ ترفيهيٍّ بشكلٍ مخطط له دون أن نتركه على عفويته فنحن نستمتع به أقل.

هذا لأننا نميل إلى تكتيل جميع نشاطاتنا المجدولة عقليًّا في دلوٍ أو إناءٍ واحدٍ، سواء أكان موعدًا لطبيب الأسنان أو تناول القهوة مع صديق وهذا يجعل من الأنشطة الممتعة أكثر صعوبة.

«تصبح جزءًا من قائمة مهامنا» هكذا كتبتْ (Selin A. Malkoc) إحدى كاتبي الدراسة، في مراسلةٍ بريديّةٍ إلى صحيفة واشنطن بوست، «ونتيجةً لذلك، تصبح هذه الأنشطة أقلّ متعة».

هذه الورقة، التي ستُنشر في مجلّة (الرأي الحاليّ في علم النفس-Current Opinion in Psychology) في أبريل، هي من تأليف مالكوك؛ وهي أستاذ مساعد في التّسويق في جامعة ولاية أوهايو وغابريلان. تونيتو وهي أستاذةٌ مساعدةٌ في كليّة روتجرز لإدارة الأعمال.

هذه الورقة تثبت أنّه يوجد العديد من الأشياء تستولي على أوقات فراغنا.

نحن نقوم بجدولة أنشطتنا الواحدة تلو الأخرى خشية عدم تحقيقها جميعًا، مالكوك التي لديها خبرةٌ جيّدةٌ في وعي الناس لأوقاتهم وكيف ينفدونه تربط الزيادة في جدولة الناس لأوقات فراغهم بالقيمة التي يضيّعونها على الإنجاز للشعور بالرضى.

وكتبت الصحيفة: التّركيز على الإنتاجيّة واسع الانتشار لدرجة أنّ الناس يسعون جاهدين لإظهار أنّهم يقضون أوقات فراغهم بشكلٍ مثمر ويتبجحون أو يتفاخرون بكونهم منشغلين، لهذا فنحن نفعل المزيد ولكننا نستمتع أقل.

تقول مالكوك في مراسلتها البريدية: «عندما نجدول المهام في أوقات فراغنا فإننا سنشعر بمرونةٍ أقلّ وبأننا مجبورون على القيام بها وهذا مايسلبها فائدتها».

وتعتمد الورقة بشكلٍ جزئيٍّ على الأبحاث التي نُشرت عام 2016 في مجلة أبحاث التسويق (Journal of Marketing Research) والتي كتبت فيها مالكوك وتونييتو أكثر من 13 دراسة قاموا بتحليلها للتّمتُّع بالأنشطة الترفيهية.

وخلصوا إلى أنّ جدولة الأنشطة التي تضمنت أشياء مثل غسيل السيارات، واختبار قيادة السيارة ومشاهدة فيديو ممتع، كان لها تأثيرٌ خفيف لكنه فريدٌ.

في إحدى الدراسات، أُعطي 163 طالبًا جامعيًّا تقويماتٍ (جمع تقويم) افتراضيةٍ للدروس والأنشطة.

طُلب من بعض الطلاب تحديد موعد لتناول اللبن المجمّد مع صديق قبل يومين، وإضافته إلى التقويم الخاص بهم، وقيل للباقي إنهم التقوا بصديق صدفة وانتهى بهم الأمر إلى تناول اللبن المجمد بصورة عفوية، ثم سُئلوا عن شعورهم حيال ذلك.

«إن أولئك الذين أدرَجو في جدولهم الحصول على الزبادي المثلّج فسّروه بأنه أشبه بالعمل، وفقًا للصحيفة».

إذا كان من المفترض ألّا نجدول أو نخطط لأوقات فراغنا، فكيف نتوقع إنجاز أيّ شيء؟ أو رؤية أصدقائنا؟

الجواب كما تقول مالكوك هو «جدولة تقريبية»، وهذا يعني الاجتماع لتناول طعام الغداء أو مشروبٍ ما بعد العمل ولكن بدون تحديد الوقت.

كتبت في رسالتها الإلكترونية: «إنّ الأمر يبدو تافهًا، لكن له تأثيرًا مهمًّا على نفسية الإنسان، إنّه يعيد المرونة إلى المهام التي ننجزها في وقت الفراغ».

وأضافت أنّه في حال عدم التوصُّل إلى نتائجَ واسعةٍ أو حرٌة في اللّقاءات، فإننا قد نحصل على نتائج أفضل في بعض الحالات.

إذا لم تنجح الأمور، فمن المرجّح أنَّ أحد الأطراف على الأقل قد أَجبر نفسه على تحقيقها، وبالتالي سوف يستمتع بها أقلّ، لذا ربما تكون الأمور تطوّرت نحو الأفضل أو عملت بشكلٍ أفضل، أليس كذلك؟.

في حياتها الاجتماعية الخاصة، عندما يحاول أصدقاؤها أن يلزموها بوقتٍ محدّد، فإنّها تستشهد بأبحاثها وتجد أنهم مستعدّون للعب دائما.

واحدةٌ من الدراسات التي كتبتها هي و تونييتو حول دعم فكرة نجاح الجدولة التقريبيّة، قامتا في هذه الدراسة بتوظيف 148 طالبًا جامعيًّا خلال الأوقات النهائية للجامعة والذين وافقوا على أخذ استراحة من القهوة والكعك بشكلٍ مجاني.

أُعطي نصف هؤلاء الطلاب وقتًا محددًّا لتناول وجبةٍ خفيفةٍ، وأُعطي النصف الآخر فرصةً مفتوحةً لمدة ساعتين، ووفقًا للدراسة، فإنّ الطلاب الذين مُنحوا وقتًا معيٌنًا، أفادوا بأنّهم استمتعو أقلّ في استراحة القهوة من أولئك الذين مُنحوا وقتًا حرًّا.

بالإضافة إلى (الجدولة التقريبية)، هناك نصيحةٌ أخرى قدمتها مالكوك تتمثل في التوقّف عن محاولة الملاءَمة (السعي نحو جعل معيار معين في حياتنا).

فهي تقترح بدايةً قياس (مدى) استمتاعنا بالأنشطة وليس (بالكمّ) منها.

وكتبت: «كن أكثر انتقائيّة في اختيار ما ستفعله، خذ حريّةً في ترك الأمور تجري كما تشاء».

هذا لا يعني أننا يجب ألّا نخطط أبدًا، ولكن يمكننا تحديد أولويات أفضل وترك خوفنا من أن نفقد أشياء قد تضيع منا.


  • ترجمة: عبد الرحمن السيد
  • تدقيق: ماجدة زيدان
  • تحرير: صهيب الأغبري
  • المصدر