ممرٌ سرِّيٌّ لم نعلم بوجوده أبدًا…

هل كنت تعلم أنّك تملك قنوات صغيرة جداً في رأسك؟

لا عليك فلا أحد آخر كان يعلم بذلك حتى وقت قريب!

لكن ذلك بالتحديد هو ما وجده فريق من الباحثين الطبّيين عند الفئران والإنسان وهو عبارة عن قنوات صغيرة كانت تصل نخاع عظام الجمجمة ببطانة الدماغ.

وأظهر البحث أنّ هذه القنوات ربّما وفّرت طريقًا مباشرًا للخلايا المناعية لتصل لنخاع العظم داخل الدماغ في حالة حدوث ضرر.

لقد اعتقد الباحثون سابقًا أنّ الخلايا المناعية كانت تُنقل عبر مجرى الدم من الأجزاء الأخرى للجسم لتتعامل مع التهابات الدماغ الناتجة عن سكتة دماغية أو إصابة أو مرض دماغي.

ولكن يشير هذا الاكتشاف الجديد إلى أنّ هذه الخلايا كانت تملك طريق مختصر طوال الوقت.

لقد تم الكشف عن هذه القنوات الصغيرة عندما كان فريق من الباحثين يُجهِّز لمعرفة فيما إذا كانت الخلايا المناعية الواصلة للدماغ بعد السكتة الدماغية أو التهاب السحايا أُنتجت من الجمجمة أو من أكبر عظمتين في الساق وهي الظنبوب-Tibia.

كانت الخلايا المُتعقّبة هي الخلايا المتعادلة-Neutrophils؛ أي “المستجيبات الأولى” لمجموعة النجدة المناعية، فعندما يفشل شيءٌ ما تكون هذه الخلايا من بين الخلايا الأولى التي يرسلها الجسم إلى الموقع للمساعدة في التخفيف من كل ما يسبب الالتهاب.

طوّر الفريق تقنيةً لوسم الخلايا بصباغ غشاء الفلورسنت والذي يعمل كمتعقِّب الخلايا، وعالجوا هذه الخلايا بالأصباغ ثم حقنوها داخل مواقع نخاع العظم في الفئران، فتم حقن الخلايا الموسومة باللون الأحمر داخل الجمجمة بينما الخلايا الموسومة باللون الأخضر حُقنت داخل عظمة الساق الأكبر.

وبمجرد أن استقرت الخلايا بمكانها قام الباحثون بتحريض عدة نماذج من الالتهابات الحادة، بما في ذلك السكتة الدماغية والتهاب السحايا والدماغ بالتحريض الكيميائي.

ووجد الباحثون أنّ الجمجمة أعطت وبشكل كبير خلايا متعادلة أكثر في الدماغ في حالة السكتة الدماغية والتهاب السحايا من الساق.

لكن ذلك أثار سؤالاً جديدًا؛ كيف تم تسليم الخلايا المتعادلة؟

قال Matthias Nahrendorf من كلية الطب بجامعة هارفارد ومستشفى ماساتشوستس العام- Massachusetts General Hospital في بوسطن: «بدأنا بتحليل الجمجمة بحذر شديد وفحصناها من كافة الزوايا محاولين اكتشاف كيف تصل الخلايا المتعادلة للدماغ، وبشكلٍ غير متوقع وجدنا قنواتٍ صغيرة تربط بين نخاع العظم مباشرةً مع البطانة الخارجية للدماغ».

باستخدام طريقة تنظيف الأعضاء مجهريًا، والتي تَستخدم حوض الغسل للحفاظ على سلامة الأنسجة أثناء فحصها، قام الفريق بتصوير السطح الداخلي لجمجمة الفأر، ووجدوا قنواتٍ من الأوعية الدموية المجهرية تربط نخاع العظم بالأم الجافية مباشرةً والغشاء الواقي الذي يغطّي الدماغ.

تجري خلايا الدم الحمراء عادةً من خلال هذه القنوات من داخل الجمجمة إلى نخاع العظم ولكن في حالة السكتة الدماغية تمّ تجميعها لنقل الخلايا المتعادلة بالاتجاه المعاكس من نخاع العظم إلى الدماغ.

ولكن كان هذا عند الفئران.

لمعرفة ما إذا كان البشر لديهم شيء مماثل فقد حصلوا على قطع من الجمجمة البشرية من الجراحة وأجروا عمليات تصوير مفصلة.

لاحظوا أن القنوات هناك أيضًا خمسة أضعاف قُطر القنوات في جماجم الفئران في كُلّ من الطبقات الداخلية والخارجية للعظم.

إنّه اكتشاف مُدهش وذلك لأنّ الالتهاب يلعب دورًا في العديد من أمراض الدماغ وهذا يمكن أن يساعد العلماء على فهم المزيد عن الآليات الجارية في لعب هذا الدور.

كما يمكن أن يساعد أيضًا على فهم أمراض كالتّصلب المتعدد؛ إذ تقوم الخلايا المناعية بمهاجمة الدماغ.

ولكن سيكون هناك حاجة لإجراء المزيد من الأبحاث لتحديد أنواع الخلايا بالإضافة إلى الخلايا المتعادلة التي تستخدم القنوات الصغيرة والدور الذي تلعبه في الأمراض المختلفة.


  • ترجمة: عدي بكسراوي
  • تدقيق: براءة ذويب
  • تحرير: كنان مرعي
  • المصدر