يميل الشخص نحو الإلحاد في سنّ مبكر مع بداية ملاحظته للتضارب بين مبادئ آبائه وأفعالهم، حسب دراسة نشرتها دوريّة (Religion, Brain & Behavior).

توفّر الدراسة دليلًا عن أهمية الدور الذي يلعبه التديّن في الدفع نحو الإلحاد.

«اهتمامي بهذا الموضوع نابع من كونه جزءًا من دراستي العامة للأسباب خلف تبني الناس للإلحاد»، كما يقول صاحب الدراسة جوزيف لانغستون (Joseph Langston) باحث ضمن تعاونية البحث بالإلحاد (Atheist Research Collaborative) وطالب دكتوراه بجامعة فكتوريا في نيوزيلاندا.

يقول لانغستون: «مفهوم (تعزيز المصداقية – Credibility-enhancing displays) أو (CREDs) أظهر على وجه الخصوص أساس الاقتناع بكل جوانب الثقافة الدينية، ويبقى هذا المفهوم جديدًا نسبيًا، ما يعني أن المزيد من التحقيقات والتحليل في علاقته بتطوّر وانتقال المعتقدات الدينية».

«المشروع انطلق من فكرة أنّ العدد المتزايد للأشخاص اللادينيين ناتج عن الطريقة الضعيفة أو المنفّرة التي قُدِّم لهم بها الإيمان خلال تربيتهم»، يقول لانغستون.

ويضيف: «لكن بقدر ما تعتبر عملية التعليم الاجتماعي والعائلي حاسمة في تمرير الثقافة الدينية أو غيرها، توجد عوامل اجتماعية أخرى تلعب دورًا في فعالية تلك العملية في استمرارية المعتقد بين الأجيال».

يقول لانغستون: «بعض الحالات تعود إلى وجود اختلاف بين معتقدات كل من الأب والأم، أو كون الشخص تربى في جو عائلي تقليدي بحضور كلا الأبوين، جودة العلاقة بين الآباء وأبنائهم، ومدى خوض الفرد لخلافات دينيّة مع والديه خلال تربيته، وكذا مدى ترك الآباء مجال لحرية اختيار المعتقد لأبنائهم».

يشرح لانغستون: «بالتالي تساءلنا عن علاقة “الكريدز” بتوجّه الأجيال الصاعدة نحو الإلحاد بدلالة السن الذي يختار فيه الفرد أن يصبح ملحدًا»، ويضيف: «بتعبير آخر، نحن متأكدون من تلك العلاقة، لكن ما مدى تأثيرها، نسبةً إلى العوامل الأخرى المهمة التي تدخل في تكوين المعتقد لدى الفرد؟».

شملت الدراسة 5,153 ملحدًا بخصوص السن الذي تخلوا عن إيمانهم بالله، أو معتقدات آبائهم وعوامل أخرى.

وجدت أن التزام الآباء بمعتقداتهم، على سبيل المثال من خلال التعامل مع غيره بناءً على معتقده، يعد دافعًا لجعل أبنائهم يتخلون عن ذلك المعتقد في المستقبل.

«يمكن للشخص العادي أن يخرج بثلاثة خلاصات من هذه الدراسة»، يصرح لانغستون.

ويقول: «أولًا، الطريقة التي يقدم بها الوالدان معتقداتهم لأبنائهم تؤثر جنبًا إلى جنب مع عوامل أخرى لتحديد السن المرتقب لترك الابن لذلك المعتقد. إعطاء حريّة اختيار المعتقد يرتبط بسن مبكرة، وكذا شدة الخلاف ذي الطابع الديني».

«ثانيًا، “الكريدز” لوحده سبب غير كافٍ لتحديد العلّة وراء اختيار الفرد لمعتقده.

ثالثًا، للكريدز دور مهم في تحديد سنّ الإلحاد، أهميتها لا تزول أمام مقارنتها بعوامل مجتمعية أخرى، منها العوامل السكّانية، جودة التربية، العلاقة مع المؤسسات الدينية».

«يوجد أمر يمكن توضيحه أكثر، لكننا لم نتطرق له في دراستنا، ولذلك ركّز على سنّ الإلحاد كعامل أساسي»، يقول لانغستون.

يضيف: «الدقة المتناهية لدراستنا كان ستزداد لو شملت رقعة أوسع تضم مجموعة من الملحدين بالإضافة إلى مجموعة من المؤمنين للمقارنة بينهم».

«بما أن الشريحة المدروسة تضم الملحدين فقط، إلى الأخذ بعين الاعتبار كل العوامل التي تحدد معدل الأعمار التي يقرر فيها الفرد التخلي عن معتقده».

«على الأقلّ، نلاحظ أن لهذه العوامل درجة من التأثير على التوقيت، بالتالي على اختيار الإلحاد من عدمه.

حتمًا، ليست بالطريقة المثلى، لكنها تكفي لجعل السن المتغير الأكبر».

«ثانيًا، هل لدى الملحدين هوامش لحرية المعتقد وخلافات معتقدية مختلفة مما لدى المتدينين؟ وهل كل التاركين لدينهم تعرضوا لتربية استبدادية بدل حازمة؟ ثالثًا، هل يمكن أن يكون للآباء ذوي “إيمان قوي” أن يدفعوا، دون قصد، أبنائهم تجاه الإلحاد، في حالة ارتباط الخلافات الدينية بجودة أدائهم لمهامهم التربوية؟».


  • ترجمة: عبد العزيز برقوش
  • تدقيق: صهيب الأغبري
  • تحرير: تسنيم المنجّد
  • المصدر