ليس هناك إجماع علميّ على هذه القضيّة، ولكن هناك بعض الأدلة التي تُشير إلى أنّ التعرّض لإشعاعات مُعادلة لتلك المنبثقة من الهواتف المحمولة في فترة التسعينات، مرتبطة بأورام الدماغ عند ذكور الجرذان، وذلك وفقًا لِما ذُكِر في نتائج دراسة للبرنامج الوطنيّ الأمريكيّ للسموم (NTP) والمنشورة الأسبوع الماضي – الأول من تشرين الثاني -.

وصرّح (جون بوتشر –John Bucher)  وهو عالم بارز في (NTP) – برنامج حكوميّ داخل دائرة الصحّة والخدمات الإنسانيّة – في بيانٍ صحفيّ: «إنّ التعرّض للأشعة المُستخدمة في الدراسات لا يمكن أن يُقارن مباشرةً بالتعرّض الذي يواجهه البشر أثناء استخدام الهاتف المحمول».

«تلقّت الجرذان والفئران في دراساتنا إشعاعات التواتر الراديويّ‏ عبر جسدها بالكامل، أمّا البشر – بخِلاف ذلك – فقد تعرّضوا بشكلٍ رئيسيّ للأشعّة في أنسجة موضعيّة مُحدّدة قريبة من المناطق التي يحملون بها الهاتف. بالإضافة إلى أنّ مستويات وفترات التعرّض في دراساتنا كانت أكبر من تلك التي يواجهها البشر».

كما تعرّضت الجرذان لإشعاعات بتردّد 900 ميغا هرتز – والذي يُعادل تردد للهواتف المحمولة المُستخدمة عند تخطيط الدراسة في التسعينات – لمدّة تسع ساعات كلّ يوم، لفترة تدوم سنتين، كما أوضحت النيويورك تايمز.

إنّ أقلّ مستوىً تمّ استخدامه للإشعاع في الدراسة كان مُساويًا للتعرّض الأعظم الذي يُسبّبه الهاتف المحمول – ويبقى ضمن الصلاحيّة الاتحاديّة – كما كانت أعلى المستويات التي تعرّضت لها الحيوانات تساوي أربعة أضعاف ذلك.

تطوّرت لدى 2-3% من ذكور الجرذان – الّتي تعرّضت للإشعاع – أورامٌ دبقيّة خبيثة مقارنةً بعدم إصابة أيّ من الجرذان في مجموعة الضبط (المراقبة) والّتي لم تتعرّض لإشعاع، كما صرّحت التايمز.  

بالإضافة لخطر الإصابة المرتفع بسرطان الدماغ، وُجِد أيضًا “دليل واضح” يُشير إلى وجود رابطٍ بين الإشعاعات وأورام القلب الخبيثة، زِد على ذلك، “بعض الأدلّة” المُشيرة إلى وجود رابطٍ مع أورام (الغدّة الكظرية – adrenal-gland) وفقًا للبيان. ولكنّ الربط بين الإشعاعات والأورام في كلّ من الفئران وإناث الجرذان كان مُبهمًا أو غير مؤكّد.

إنّ التسلسل الهرميّ – من الأكثر إلى الأقل تأكيدًا – للتوصيفات المُستخدمة من قِبَل (NTP)  كان كالآتي:”الدليل الواضح” ،”بعض الأدلة”، “أدلّة مُبهمة” و”لا يوجد دليل”.

إنّ الهواتف المحمولة الموجودة اليوم تَستخدم إشعاعات بترددات أعلى وهي أقلّ قدرةً على النفاذ من أنسجة الحيوانات من الإشعاعات المُستخدمة في الدراسة، كما ذكرت التايمز. علاوةً على ذلك، وبما أنّ الهواتف المحمولة أصبحت أكثر شعبيةً، لم يلاحظ علماء الأورام والأوبئة زيادةً إجماليّة في الإصابة بسرطان الدماغ المعروفة بأورام النسيج الدبقيّ عند البشر.  

تقرير اليوم – وهو الأخير – تضمّن حوالي عقدٍ من الزمن من العمل، ويُعتبَرُ الأخير من عدة نُسخٍ تمّ نشرُها منذ تقديم النتائج الأوليّة في أيّار عام 2016. كما أنّه يُمثّل إجماع علماء (NTP) ومجموعةٍ من المراجعين الخارجيين وفقًا للبيان. بالإضافة إلى ذلك، يُخطّط البرنامج في المستقبل لإجراء دراسات في غرف أصغر من أجل التعرّض للإشعاع، وكذلك استخدام مؤشراتٍ حيويةٍ مثل تضرّر الحمض النوويّ الريبوزي منقوص الأوكسجين – (DNA) لقياس خطر الإصابة بالسرطان. بفضل هذه التغييرات في النظام التجريبيّ، فعلى الدراسات المستقبليّة أن تستغرق زمنًا أقل.

وكما نوّهت (CNN)، على الرغم من عدم إعلان هذه الدراسة عن خطر محتمل على البشر، فإنّه بإمكان الأشخاص الّذين يريدون تقليل تعرّضهم للإشعاعات تحقيق ذلك من خلال استخدام سمّاعات الأذن وحمل الهواتف بعيدًا عن الجسم.


  • ترجمة: عدي بكسراوي
  • تدقيق: آية فحماوي
  • تحرير: زيد أبو الرب

المصدر