إحدى الصعوبات التي تعترض تطوير الحواسيب كمومية واستغلال كامل إمكاناتها هي مشكلة التشويش.

هذه الحواسيب حسّاسة جدًا لدرجة أن أدنى تشويش من البيئة المحيطة يمكنه أن يسبب أخطاءً في حساباتها.

لحل هذه المشكلة، اقترح باحثون طريقة تعويض جديدة للحوسبة الكمومية.. طريقة تمكننا من التأكد من أن التغيرات البدئية في متغيّرات (بارامترات) عملية حوسبة معينة لا تغير من النتيجة النهائية لهذه العملية بشكل كبير.

هذا يجب أن يؤمّن الحواسيب الكمومية ضد التأثيرات الخارجية المشوِّشة، والتي تشمل الفولتية (الجهد الكهربي) الناشئة عن المكونات الكهربائية والحقول الكهرومغناطيسية الخارجية، ما يُعتبر ضروريًا إذا أردنا من الحواسيب الكمومية أن تعمل في بيئات عادية غير تخصصية.

يقول أحد أعضاء الفريق (سيباستيان ويدت – Sebastian Weidt) من (جامعة سوسكيس – University of Sussex) في بريطانيا: «إن إخراج هذه التقنية إلى أرض الواقع سيكون له تأثير كبير في قدرتنا على تطوير حواسيب كمومية تجارية تعمل على مبدأ (الفخ الأيوني – ion trap) لاستخدامها خارج المخابر الأكاديمية».

تعتمد الحوسبة الكمومية على الكيوبتات (البتات الكمومية)، فيما يمكن للبتات العادية أن تكون في حالتين، إما 0 أو 1 يمكن للكيوبتات أيضًا أن تكون في حالة تراكب، ما يعني أن تكون في الحالتين 0 و 1 معًا، ما يعني زيادةً هائلةً في قوة المعالجة إذا تمكنا من جعل عددٍ كافٍ من هذه الكيوبتات تعمل معًا وأدرناها بشكل جيد.

إن الحفاظ على حالة توازن الكيوبتات وجعلها تعمل بالشكل المطلوب يتطلب مستوًى عاليًا جدًّا من الدقة والتحكم، لذلك تستخدم التجارب اليوم عددًا محدودًا من الكيوبتات أو لا تصمد لمدة طويلة.

بزيادة عدد الكيوبتات -وهو هدف الحوسبة الكمومية- فإن الحفاظ على الدقة والتحكم يصبح أصعب فأصعب لأن التنبؤ بالفولتية، والحرارة، والعوامل الأخرى يصبح أصعب.

لهذا السبب فإن نتائج الفريق الأخيرة مثيرة جدًّا؛ لأنها تمثل خطوة للأمام في حل مشكلة التشويش والتقليل من معدّل الأخطاء الناجم عنها.

يقول الباحث (وينفرد هينزنغر – Winfried Hensinger) من جامعة سوسكيس: «مع هذا التقدم، تقدّمنا خطوةً عمليةً أخرى نحو بناء حاسوب كمومي يستطيع التعامل مع ملايين الكيوبتات».

تمكّن الباحثون من تصميم نوع جديد من بوابة (Mølmer–Sørensen) والتي تستخدم للقيام بعمليات حوسبة كمومية. أوّلًا، صمموا نموذجًا نظريًا ثم قاموا بالكثير من التجارب على ذرّات مشحونة باستخدام تردّدات راديو معقدة وإشارات ميكروية.

النموذج أثبت فاعليته والآن يعمل الفريق على نموذج أوّلي لحاسوب كمومي يستخدم هذه الاكتشافات الجديدة.

على الرغم من أننا نسمع عن حواسيب كمومية عاملة اليوم، فإن الحواسيب الكمومية الكاملة الإمكانيات ما زالت بعيدة عنا.

في الواقع، ليس من المؤكد أننا سنكون قادرين على ترجمة نظرياتنا واختباراتنا إلى حواسيب كمومية عملية فعلية، على الرغم من أن العلماء يعملون بجدّ للوصول إلى هذا الهدف.

يجب أن يساعد هذا البحث المنشور في إخراج هذه التكنولوجيا من المختبر وتوسيع نطاقها.

في النهاية، يمكن أن يحدث هذا فارقًا هائلًا في مجالات العلوم التي يمكن أن تكون الحوسبة الكمومية مفيدة فيها، كالبحث الطبي، وتطوير الأدوية، ونمذجة الطقس، والتنمية الزراعية، وأكثر من ذلك.

يقول هينزنغر: «هذه الآلات قادرة على حل مسائل معينة، حتى أسرع الحواسيب الخارقة تستغرق مليارات السنين لحلها، ممّا يحقق فائدة عظيمة للبشرية»، ويضيف: «ما زلنا في بداية فهمنا للإمكانيات الهائلة لهذه الآلات».

 


  • ترجمة: مهران يوسف
  • تدقيق: علي فرغلي
  • المحرر: ماتيو كيرلس
  • المصدر