تُعتبر السلمونيلّا-Salmonella مجموعةً من الجراثيم تسبّب مرضًا غذائيّ المنشأ يُسمّى داء السلمونيلّات-Salmonellosis على نحو شائع، فُيصاب كل سنة حوالي 1.2 مليون شخص بالسلمونيلّا، ويدخل 23,000 منهم إلى المستشفيات، ويموت 450 مُصاب نتيجة هذه العدوى، حسب المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC)، وتحدث العدوى غالبًا عن طريق استهلاك طعام أو ماء ملوّث بتلك الجراثيم.

يوجد ما يزيد عن 2300 نوعٍ من الجراثيم المنتمية لجنس السلمونيلّا، حسب وزارة الزراعة في الولايات المتّحدة الأمريكية (USDA)، ومن بينها تشيع في المرتبة الأولى في الولايات المتحدة الأمريكية سلالتا السلمونيلّا المُلهِبة للأمعاء والتيفية الفأرية، وتُعدّان المسؤولتَين عمّا لا يقلّ عن نصف الإصابات.

ويحدث التلوثّ بالسلمونيلّا عادةً عندما يتلامس البراز الملوّث مع الحيوانات، أو المحاصيل الزراعية أو المياه، ثمّ يستهلك البشر تلك المواد أو يلمسونها دون أن يغسلوا أيديهم.

يمتلك البشر والحيوانات عادةً بعضًا من جراثيم السلمونيلّا في المعدة والأمعاء، ولكنّ الحموضة المعدية والنبيت الجرثومي المعوي يقتلانها عمومًا قبل أن يتسنّى لها غزو الخلايا والتضاعف، بمعنى آخر، تتواجد السلمونيلّا ببساطة في السبيل الهضمي قبل أن تسبّب أيّة مشاكل، حسب كتاب الميكروبيولوجيا الطبية (العدد الرابع، الفرع الطبي من جامعة تيكساس في غالفيستون، عام 1996).

الأسباب

يمكن أن تتواجد السلمونيلّا في العديد من المصادر الغذائية، بما فيه اللحم النيء، والدواجن والمأكولات البحرية غير المطهوّة أو المُخزّنة جيّدًا، والبيض النيء، والمنتجات الطازجة، وحتى التوابل، والمكسّرات والمتمّمات، بحسب موقع مايو كلينيك (Mayo Clinic).

وأشارت سارة فرانكهاوزر Sarah Fankhauser، وهي أستاذ مساعد في البيولوجيا لدى كلية أوكسفورد في جامعة إيموري في جورجيا: «يجب علينا غسل الخضار والفواكه جيّدًا لإزالة أية أحياء دقيقة ملوِّثة، لكنّ ذلك لن يتخلّص من الجراثيم عليها بنسبة 100%، وستكون هذه مشكلة إذا كانت قد تلوّثت بجراثيم خطيرة نوعيًّا، مثل السلمونيلّا، فالشمّام مثلًا يمتلك سطحًا خشنًا ومساميًّا، ما قد يصعّب إزالة جميع الجراثيم عنه».

وقد تجد المكونات الملوَّثة طريقَها إلى المأكولات المخبوزة، مثل رقائق الذرة والمقرمشات، ويمكن أن يتلوّث الطعام أيضًا عندما لا يتعامل الناس معه بالشكل الصحيح، مثلًا عندما لا يغسلون أيديهم جيّدًا وبعناية بعد استخدام المرحاض، أو تغيير حفاض الأطفال، أو ملامسة سطح ملوّث، أو عندما يحضّرون الطعام على سطح كان عليه لحم نيء.

وقد تُحدث درجة حرارة الماء عند غسيل الأيدي فرقًا أيضًا، فقد نوّهت فرانكهاوزر: «تبلغ درجة حرارة الجسم 98 فهرنايت (37°م) وهي الدرجة المثالية للسلمونيلّا، وبالتالي لن يتمكّن الماء الدافئ من القضاء عليها». لذلك، من الأفضل غسيل الأيدي بالصابون والماء عند أعلى درجة حرارة يمكن تحمّلها.

وتتضمّن فئات البشر التي تتعرّض لخطر متزايد للإصابة بالسمونيلا الأطفالَ الصغار، والبالغين الأكبر سنًّا، والنساء الحوامل، ومُضعَفي المناعة والمصابين بأمراض في السبيل المعوي، مثل داء الأمعاء الالتهابي، حسب موقع مايو كلينيك.

وقد يصبح البالغون الأصحّاء أكثر عرضةً لتطوير إصابة بالسلمونيلّا عند تناول مضادّات الحموضة، والتي تُنقص من حموضة المعدة، أو المضادات الحيوية، التي تخفض عدد الجراثيم القاتلة للسلمونيلّا في الأمعاء.

وأشارت فرانكهاوزر أيضًا إلى أنّ حالات الإصابة بالسلمونيلّا تصل لأوجها في أواسط شهر أيلول، لأنّ درجات الحرارة الأدفأ في الصيف تهيّئ ظروفًا مثاليةً لهذه الجراثيم، بالإضافة إلى العديد من الجراثيم الأخرى.

الأعراض

لا يبدي بعض المصابين بالسلمونيلّا أيّة أعراض، حسب موقع مايو كلينيك، بينما يعاني آخرون من أعراض تبدأ خلال 8-72 ساعة بعد تناول شيء ملوّث بتلك الجراثيم.

وتتضمن الأعراض الإسهال، والغثيان والإقياء، والمعص البطني (تشنج البطن)، والحمّى، والقشعريرة، والصداع وظهور الدم في البراز، وقد تؤدّي بعض سلالات السلمونيلّا إلى الحمّى التيفية-Typhoid fever، التي تندر في الولايات المتّحدة الأمريكية وتحدث بشكلٍ رئيسيٍّ في الدول النامية.

ويتعافى معظم الأشخاص الأصحاء من أعراضهم خلال يومين إلى سبعة أيام دون تلقّي أية معالجة نوعية.

التشخيص والعلاج

يمكن تشخيص داء السلمونيلات بواسطة عينة برازية، لكن لدى معظم الأشخاص، تكون الأعراض قد تلاشت في الوقت الذي تعود فيه نتائج الفحوصات من المُختبر، ويمكن أخذ عينة دموية لتحديد ما إن كانت السلمونيلّا قد خمجت مجرى الدم، حسب موقع مايو كلينيك.

وتتضمّن المعالجات الأولية للإصابة بالسلمونيلّا الحفاظ على الإماهة، والراحة وتعويض الكهارل (من خلال تناول محاليل كهرليتية، أو حتى ماء جوز الهند)، وإذا صعّب الإسهال والإقياء إمكانية الحفاظ على الإماهة، قد يحتاج الأمر البقاء في المستشفى لإعطاء السوائل وريديًّا.

ومن الضروري غسل جميع ملابس وبياضات ومناشف المُصاب بالسلمونيلّا عند أعلى درجة حرارة ممكنة، حسب ما أورده موقع ميديكال نيوز توداي (Medical News Today)، بالإضافة إلى تطهير جميع الأسطح التي لامسها هذ المريض بعناية، بما في ذلك المقابض على الخزائن والأبواب.

لا تُستخدم المضادات الحيوية لعلاج السلمونيلّا، إلّا إذا كانت العدوى قد تفشّت لمجرى الدم، كما توجد أدلّة على أنّ تناول المضادات الحيوية للتخلّص من هذه الجراثيم قد يطيل مدة الإصابة بها.

وقالت فرانكهاوزر: «تُعتبر السلمونيلّا عاملًا ممرضًا داخل خلويٍّ، بمعنى أنّ هذه الجراثيم تدخل الخلايا وتبقى على قيد الحياة ضمنها، وتعمل العديد من المضادات الحيوية على الجراثيم خارج الخلوية، لذا لا تتمكّن من الدخول للخلايا للقضاء على السلمونيلّا».

إذا وصلت السلمونيلّا لمجرى الدم – عادةً من خلال الخلايا المناعية التي تبطّن الجهاز المعوي، حسب فرانكاهاوزر– قد تطرأ مضاعفات أخرى على النسيج المحيط بالدماغ، والحبل الشوكي، والقلب والأوعية الدموية، كما قد تجد الجراثيم طريقها للعظام ونقيّها، أو تؤدي إلى التهاب المفاصل الارتكاسي، الذي يسبّب بدوره ألمًا في المفاصل، وتهيّجًا في العين وتبوّلًا مؤلمًا.

الوقاية

قد تساعد العديد من الاحتياطات على الوقاية من داء السلمونيلات، حسب موقع سلامة الغذاء التابع لحكومة الولايات المتّحدة الأمريكية، مثل:

  • تجنّب تناول الداوجن، أو البيض أو اللحوم النيئة أو غير المطهوة جيّدًا.
  • تجنب استهلاك الحليب، أو مشتقاته أو العصير دون بسترة.
  • تخزين الطعام في البراد عند درجة حرارة أدنى من 40 فهرنهايت (4°م) قبل الطبخ وبعده.
  • تذويب الطعام المجمّد في البراد أو الميكروويف.
  • طهي اللحوم والبيض بدرجة حرارة آمنة داخليًّا، وتفقّد ذلك بميزان حرارة.
  • غسل الأيدي جيّدًا بالصابون والماء الساخن قبل التعامل مع الطعام وبعد ملامسة الحيوانات –وخصوصًا الزواحف – وطعامها أو أماكن عيشها.
  • تنظيف جميع الأسطح بعناية قبل تحضير الطعام عليها وبعده
  • الفصل بين الطعام المطهوّ والنيء، بما في ذلك من استخدام أوعية، وأطباق وأسطح مختلفة عند تحضيرهما.
  • ومن الضروري أيضًا استخدام مواد منظّفة مناسبة عند تنظيف الأسطح، فنوّهت فرانكهاوزر: «قد تنشر اسفنجة دافئة صابونية السلمونيلّا عوضًا عن قتلها، لذلك أستخدم شخصيًّا مطهّرًا على أسطح التحضير لديّ بعد التعامل مع اللحوم النيئة».
    يجب التأكّد من استخدام ماء ساخن مع الصابون، أو بشكل أمثل، استعمال غسالة الأواني، لغسل الأطباق التي قد تكون ملوّثة بالسلمونيلّا.

  • ترجمة: سارة وقاف
  • تدقيق: اسماعيل اليازجي
  • المحرر: ماتيو كيرلس
  • المصدر