يُعد الارغون (Argon) عنصرًا خاملًا عديم اللون والرائحة، ويصنَّف مع الغازات النبيلة، ويُستخدم في المصابيح المتألقة ولحام المعادن، ويُشتق اسم هذا العنصر من كلمةٍ يونانيةٍ تعني (كسول)، إشارةً لندرة تفاعله لتشكيل مركبات.

تتواجد الأغلبية الساحقة للارغون على الأرض على شكل النظير آرغون-40، والذي ينشأ من التحلل المشعّ للبوتاسيوم-40، حسب موقع كيميكول (Chemicool)، بينما في الفضاء، ينشأ الآرغون في النجوم عندما تندمج نواتا هيدروجين، أو جسيما ألفا، مع السيليكون-32، فينتج النظير آرغون-36، علماً أن نظائر العنصر تختلف بعدد النيترونات في النواة.

وعلى الرغم من كونه خاملًا، يتوفر الارغون بشكلٍ جيدٍ، فيشكل 0.94% من الغلاف الجوي للأرض حسب الجمعية الملكية للكيمياء (Royal Society of Chemistry)، أي حوالي 65 طنًا متريًا وفق حسابات كيميكول، ويتزايد هذا الرقم مع الوقت كلما تحلل المزيد من البوتاسيوم-40.

خواص الارجون

العدد الذري (أي عدد البروتونات في النواة): 18
الرمز الذري (على الجدول الدوري للعناصر): Ar
الوزن الذري الوسطي: 39.948 غ / مول
الكثافة: 0.0017837 غ / سم۳
الطور عند درجة حرارة الغرفة: غاز
درجة الانصهار: – 308.83 فهرنهايت (- 189.35 °م)
درجة الغليان: – 302.53 فهرنهايت (- 185.85 °م)
عدد النظائر (وهي عناصر تتشابه بالذرات وتختلف بعدد النيترونات): 25، بينما عدد النظائر الثابتة منها: 3
النظائر الأكثر شيوعاً: Ar-40 (تبلغ نسبة توفره الطبيعي 99.6035%)، وAr-36 (نسبة توافره في الطبيعة 0.3336%)

استخدام الارغون كغازٍ خاملٍ

ظهرت أولى الدلائل على وجود الارغون عام 1785، عندما أبلغ العالم البريطاني هنري كافيندش (Henry Cavendish) عن وجود نسبة 1% من المواد الخاملة في الهواء، حسب الجمعية الملكية للكيمياء، لكن لم يستطع معرفة ماهية هذه النسبة الغامضة، فقد حصل هذا الاكتشاف بعد ما يزيد عن قرن، في عام 1894.

وذلك عندما تعاون الكيميائي السكتلندي ويليام رامزي (William Ramsey) مع جون ويليام ستروت (John William Strutt) المسمى باللورد رَيلي (Lord Rayleigh)، فحددا هذا الغاز الغامض ووصفاه، وتشاركا لقاء ذلك جائزة نوبل للكيمياء عام 1904.

وقد ساهم الارجون بإنجازٍ آخرٍ حققه رامزي، فبتحريه لهذا العنصر، اكتشف الهيليوم أيضًا، حسب مؤسسة جائزة نوبل، وبإدراكه لأرجحية وجود عناصر أخرى متعلقة به، اكتشف بعد ذلك النيون، والكريبتون، والزينون بتوالٍ سريع.

ويُستخدم الارغون في العمليات الصناعية التي تتطلب جوًا غير تفاعلي، لأنه غازٌ خامل، ومن الأمثلة عليها لحام سبائك خاصة وإنتاج رقاقات من أنصاف نواقل، حسب شركة التجهيزات الغازية (Praxair)، كما يُعتبر الارجون أيضًا عازلًا جيدًا، فيتم ضخه عادةً ضمن البدلات الجافة للغطس العميق في مياه البحر، وذلك للمحافظة على حرارة جسم الغاطس.

ويُستخدم الارغون بالإضافة إلى ما سبق في الحفظ التاريخي، فيتم ضخه حول المستندات المهمة، كخريطة للعالم في مكتبة الكونغرس يعود عمرها لعام 1507، ونسخة عن الوثيقة العظمى (Magna Carta) المحفوظة في الأرشيف الوطني للولايات المتحدة الأمريكية، فعلى عكس الأكسجين التفاعلي، لا يسبب الآرغون تحلل الورق أو الحبر في المستندات الحساسة.

هل تعلم؟

تحتوي مصابيح النيون التي تتألق بلونٍ أزرقٍ على الأرغون في الحقيقة، حسب بيل كونكانون (Bill Concannon)، وهو مُصمم للافتات النيون في كروكيت التابعة لكاليفورنيا، إذ يتوهج النيون بمفرده بلونٍ أحمر-برتقالي.

يُوظّف الارغون كذلك في تقنيات الليزر، بما فيها ليزر فلوريد الارغون المهيَّج (ArF) والمُستخدم في العمليات الجراحية المُصححة للرؤية، كالليزك واقتطاع القرنية الكاسر للضوء (PRK)، وفي عام 1981، قام د. رانغاسوامي “سري” سرينيفاسان (Rangaswamy “Sri” Srinivasan) العامل لدى شركة (IBM)، باختبار إحدى تقنيات الليزر هذه على ما تبقى من عظام ديكٍ روميٍ كان وليمةً لعيد الشكر، فاكتشف إمكاناته كأداةٍ جراحيةٍ للعمليات الحساسة، وفق ما أشارت له الجمعية البصرية (Optical Society).

وفي شهر سبتمبر/أيلول عام 2014، اكتشف باحثون المصدر الحقيقي لتلوث المياه الجوفية في بنسلفانيا التابعة لتكساس، فلم يكن ناتجًا عن طريقة التصديع المائي لاستخراج النفط، وإنما عن غطاء البئر المسرّب للنفط، وقد حققوا هذا الاكتشاف بحقن الآرغون وكواشف من غازاتٍ نبيلةٍ أخرى ضمن الآبار، حيث اختلطت جميعها مع الميثان.
تعرض الآرغون لبعض التغييرات، ففي عام 1957، غيّر الاتحاد الدولي للكيمياء البحتة والتطبيقية (IUPAC) رمزه الذري من (A) إلى (Ar) المستخدَم اليوم.

الأبحاث الحالية

لسنواتٍ عديدةٍ، تمت دراسة غاز الزينون الخامل كعلاجٍ لأذيات الدماغ، ولكن بسبب غلاء ثمنه، التفت الباحثون لقريبه النبيل أيضًا، الآرغون، كبديلٍ محتملٍ له.

ما زال هذا المجال البحثي في بداياته، ولكن تقترح التجارب المجراة على المزراع الخلوية والحيوانات إمكانية استخدام الآرغون يومًا ما للحد من أذية الدماغ بعد إصابته برضوضٍ أو نقص أكسجة.

وقد وجدت إحدى المراجعات المنشورة في دورية (Medical Gas Research) في فبراير/شباط عام 2014 أن المعالجة بالآرغون قد خفّضت من موات الخلايا الدماغية بنسبٍ مهمةٍ تصل لـ15 و25% في معظم الحالات، وهو ما أشار إليه ديريك ناورانجي (Derek Nowrangi)، أحد مؤلفي هذه المقالة العلمية وطالب دكتوراه في كلية الطب في جامعة لوما ليندا Loma Linda University) في كاليفورنيا.

لا يزال السبب الكامن وراء تأثير الآرغون هذا مجهولًا، فتتواصل خلايا الدماغ مع بعضها باستخدام مواد كيميائية تسمى النواقل العصبية، وبواسطة مستقبلاتٍ عصبيةٍ تتناسب مع بعضها كالقفل والمفتاح، لذلك يعتقد ناورانجي أن الغاز يؤثر على هذه المستقبلات غالبًا، وخصوصًا مستقبل (N-methyl-D-aspartate) أو اختصارًا (NMDA)، والمسمى تبعًا للناقل العصبي الذي يرتبط به، أو مستقبل غاما (gamma-aminobutyric acid)، فعندما تلتقط هذه المستقبلات غاز الآرغون، يبدو أنه يعمل بطريقةٍ ما على منع الخلايا من تدمير ذاتها كاستجابة لأذية الدماغ.

يتم إيصال الآرغون للعينات المدروسة في الأبحاث إما عن طريق تطبيقه مباشرة على الخلايا في أطباق الزرع الخاضعة لشروطٍ معينةٍ، كوضعها في أوساطٍ محرومةٍ من الأكسجين والغلوكوز، أو إعطائه للحيوانات المدروسة ممزوجًا مع الأكسجين عن طريق قناع التنفس، ومن ثم يحدد الباحثون عدد الخلايا التي ماتت مع المعالجة بالآرغون ودونها.

وباستئناف الأبحاث على الآرغون، من المرجح أن تبدأ التجارب على البشر، حسب ناورانجي، إلا أن هناك بعض التحذيرات؛ فقد حصلت بعض الدراسات على نتائج مختلطةٍ أو آثارٍ سلبيةٍ للمعالجة بالآرغون، ففي إحداها، بدا الدماغ ككل محميًا بالآرغون، ولكن الأذية في إحدى باحاته قد ازدادت في الحقيقة بسبب هذه المعالجة، قد يكون ذلك لأن الآرغون لم يستطع اختراق هذه المنطقة، أو أن مناطق الدماغ المختلفة تتباين بأنواع خلاياها وكثافاتها الخلوية، فنوّه ناورانجي ختاماً: «ما زال الأمر يتطلب المزيد من البحث للتمكن بحقٍ من نقله إلى العيادات السريرية.»

تدقيق: حسام التهامي
المصدر