وفق دراسة حديثة، تبيّن أن الشرب المعتدل للكحول قد يكون مرتبطًا بانخفاض خطر دخول المستشفيات، بالطبع مع التأكيد على المخاطر الصحيّة التي يحملها استهلاك الكحول بكميات كبيرة.

إلى الآن، ما زالت تأثيرات الكحول الصحيّة موضع جدل كبير؛ فتجد بعض الدراسات أنّ لاستهلاك الكحول المعتدل فوائد في تقليل خطر السكتات والاكتئاب، بالإضافة إلى فوائد أخرى على الجهاز القلبي الوعائي بشكل عام.

من ناحية أخرى، تحذّر دراسات أخرى من كون استهلاك الكحول يحمل مخاطر تفوق فوائده.

وكمثال على ذلك ما ورد في مراجعة شاملة لدراسة حاليّة قائمة في هذا المجال تؤكّد أنه لا يوجد مستوى آمن أو معتدل لاستهلاك الكحول.

لحلّ هذه المعضلة، ساعدت دراسة جديدة قام بها قسم الوبائيات والوقاية في مؤسسة البحث في المعهد العلمي للأبحاث والرعاية الصحية (IRCCS) في إيطاليا،

ساعدت هذه الدراسة على وضع صورة أكثر وضوحًا ودقةً لتوضيح تأثير الكحول على  الصحّة.

بدأ فريق عالمي من الباحثين بقيادة سايمونيا كوستانزو (Simonia Costanzo) بدراسة العلاقة بين استهلاك الكحول ومعدلات دخول المستشفيات والاستشفاء.

تابع الباحثون في هذه الدراسة عادات شرب الكحول لدى 21,000 مشارك بالدراسة، بالإضافة إلى سجّلاتهم الصحيّة لمدة ستّ سنوات ونشرت نتائج الدراسة في مجلة (Addiction).

تابع الباحثون العلاقة بين الاستشفاء لأسباب عامّة وكذلك الاستشفاء لأسباب محددة عند حوالي 20,682 مشارك، هؤلاء الأشخاص كانوا قد سجّلوا سابقًا في دراسة سمّيت بـ(مولي ساني – Moli-sani)، ولم يكن لديهم أيّ أمراض قلبية وعائية أو خباثات عند بداية الدراسة.

هذه الدراسة كانت تشتمل على حوالي 24,500 شخصًا من المقيمين في منطقة موليز (Molise) في إيطاليا.

وكانت الدراسة لكشف العلاقة بين العوامل الوراثيّة والبيئيّة والأمراض القلبية، والأمراض المزمنة الأخرى.

بالعودة إلى دراستنا، قسّم الباحثون المشاركين إلى أربع مجموعات وهي:

  • مشاركون لا يشربون الكحول أبدًا.
  • مستهلكون سابقون.
  • مشاركون يشربون الكحول في المناسبات فقط.
  • ومستهلكون حاليّون.

وتّمت متابعة المشاركين بين عاميّ  2005 و2010.

كانت نتائج الدراسة كالتالي: لوحظ انّ الاستهلاك الكبير للكحول مرتبط مع احتمالات أعلى لدخول المشافي خاصة في حالة أمراض خبيثة أو الأمراض المرتبطة بالكحوليّات، وهذه النتيجة متوقعة وتؤكّد على الآثار المؤذية للاستهلاك الكبير للكحول على الصحّة.

من ناحية أخرى، لوحظ أن المستهلكين المعتدلين للكحول كانت خطورة الاستشفاء والإصابة بالأمراض القلبيّة الوعائية لديهم أقلّ إذا ما قورنوا مع المستهلكين السابقين وغير المستهلكين.

الاستهلاك المعتدل للكحول حسب تعريف منظمة الصحّة العالمية: شرب حوالي جرعة واحدة من الكحول في اليوم بالنسبة للنساء، وجرعتين من الكحول في اليوم بالنسبة للرجال، والجرعة الواحدة تساوي 14 غرامًا من الكحول الصافي حسب المعيار الأمريكي.

علّقت رئيسة مخبر الوبائيات الجزيئية والغذائية ليسيا لاكوفيلا (Licia Lacoviella) في (IRCCS) والكاتبة المساعدة في الدراسة على نتائج الدراسة قائلة: «إنّ قبولات المشفى لا تشكّل فقط مشكلة على المواطنين وإنما أيضًا لها تأثير مهمّ على الأنظمة الصحّة الوطنيّة».

وتضيف: «دراستنا تؤكّد على التأثير الكبير لاستهلاك الكحول على خدمات الصحة، مسلطةً الضوء على العامل المهمّ في إدارة هذه المشكلة، وتؤكد ما سبق ذكره عن تأثير الكحول بكميات معتدلة على تقليل خطر الوفيات».

في النهاية، يحذّر الباحثون من أنهم لا يشجعون الناس على البدء بشرب الكحول إطلاقًا، وهذا ما تحدثت عنه المدرّسة المساعدة في كلية الطب في جامعة هارفارد والكاتبة في الدراسة كين مُكَمَل (Ken Mukamal): «نحن قطعًا لا نشجّع الناس غير الكحوليين على البدء باستهلاك الكحول حفاظًا على صحّتهم».

وتضيف: «هذه الدراسة تعيد تأكيد أنّ تأثيرات استهلاك الكحول لا يمكن تحجيمها وتقليل أهميتها، وهذه الدراسة واضحة جدًا وتؤكّد أنه علينا أخذ الجرعة الكحوليّة بعين الاعتبار لمعرفة تأثيرها الصحي».

 


  • ترجمة: علا سليمان
  • تدقيق: صهيب الأغبري
  • المحرر: ماتيو كيرلس
  • المصدر