الأمراض العقليّة/النفسيّة: هي الأمراض أو الحالات التي تؤثِّر على طريقة تفكيرك، وشعورك، وتصرفاتك أو علاقاتك بالآخرين والأشياء المُحيطة بك.

تُعدّ الأمراض العقليّة شائعة الحدوث.

فالعديد من الأشخاص يعانون من واحدٍ منها أو يعرفون شخصًا ما يُعاني من واحدٍ منها على الأقل.

تتفاوت أعراض المرض العقليّ من الهادئة إلى الحادّة، فهي تختلف من شخصٍ لآخر.

يجد الإنسان صعوبةً في التعامل مع حياته اليوميّة في العديد من حالات المرض العقليّ. ولكن عندما يتمّ تشخيص المرض ومعالجته، يستطيع الشخص استعادة المسار الطبيعيّ لحياته.

الأسباب

لا يعرف الأطباء السبب الدقيق لمعظم الأمراض العقليّة.

ولكنّ مزيجًا لعدّة عوامل تتمثّل في الجينات، وبيولوجيا الإنسان، وتجاربه الحياتيّة تندرج تحت الأسباب.

العديد من الأمراض العقليّة تتوارث في العائلة، بحيث يُصاب بها أكثر من شخصٍ في نفس العائلة.

ولكنّ هذا لا يعني أنّك بالضرورة ستُصاب بمرضٍ عقليّ إذا كانت والدتك أو والدك يُعاني من أحدها.

تؤثِّر بعض الحالات على المسارات العصبيّة -الدارات العصبيّة- المُستخدَمة في التفكير، كما أنّ لها تأثيرًا على الحالة المزاجيّة للفرد وسلوكياته.

فعلى سبيل المثال، قد تُعاني من نقصٍ أو زيادةٍ في نشاط مواد كيميائيّةٍ معيّنة في الدماغ تُسمّى النواقل العصبيّة. تتسبب الصدمات الدماغيّة أيضًا في حدوث بعض الحالات المرضيّة العقليّة.

تسوء بعض الأمراض العقليّة عند التعرُّض للصدمات النفسيّة التي تحدث في مرحلة الطفولة أو المراهقة، مثل:

  •  الانتهاك العاطفيّ، والجسديّ، والجنسيّ.
  • إحساس الفَقْد الذي يَشعُر به الإنسان عند موت أحد والديه في عمرٍ مُبكر.
  •  الإهمال

العوامل الرئيسيّة للضغط النفسيّ، مثل الوفاة أو الطلاق، ومشاكل العلاقات الأسريّة، وفقدان الوظيفة، والانتهاك قد تُثير وتزيد من صعوبة بعض الاضطرابات العقليّة لدى بعض الأشخاص، ولكن ليس من الضروريّ أن يعاني كلّ من تعرّض لهذه الأمور من مرضٍ نفسيّ.

من الطبيعيّ أن تُعاني من بعض مشاعر الحزن والغضب وغيرهم عندما تُخفِق إخفاقًا كبيرًا في حياتك، ولكنّ المرض العقليّ يختلف تمامًا عن ذلك.

الأعراض:

هناك العديد من الأمراض العقليّة المُختلفة، حيث تتنوع الأعراض فيما بينهم. بعض الأعراض الشائعة تتمثّل في:

  •  مشاكل في التفكير (مثل الارتباك والشعور بالحزن والغضب)
  •  الانطوائيّة وتَجنُّب التعامل مع الآخرين
  •  تقلُّباتٍ مزاجيّة
  •  مشاكل في العلاقات الاجتماعيّة
  •  الهلاوس السمعيّة والبصريّة
  •  إدمان الكحول والمُخدِّرات
  •  الشعور بالدونيّة وعدم الاستمتاع بالأمور التي اعتاد الشخص أن يستمتع بها من قبل
  •  أفكار انتحاريّة أو إيذاء النفس
  •  مشاكل النوم (النوم لفترات طويلة جدًا أو قصيرة جدًا)

إذا كنت تُعاني من أعراضٍ مشابهة، عليك التواصل مع الطبيب أو الاستشاريّ لمعرفة السبب الأساسيّ لهذه الأعراض ومعرفة ما يجدر بك فعله.

ما مدى انتشار المرض العقليّ؟

تُعدّ الأمراض العقليّة أكثر انتشارًا من السرطان، والسكر، وأمراض القلب.

ووفقًا لإحصائيات المعهد الوطنيّ للصحة النفسيّة في 2014، يُعاني واحد من كل خمسة بالغين في الولايات المتحدة من مشكلةٍ متعلقةٍ بالصحة النفسيّة، ويعيش واحدٌ من كل 25 شخص مع فردٍ يعاني من مشكلةٍ نفسيّةٍ خطيرة؛ مثل الفصام، والاضطراب ثنائيّ القطب، أو الاكتئاب الحاد.

من الممكن أن توثِّر هذه الحالات على الأفراد من مُختلَف الأعمار، بصرف النظر عن المستوى الماديّ والتعليميّ والعرق والخلفيّة الثقافيّة للفرد.

العلاج

يتوقف نوع العلاج على الحالة المرضيّة، ففي العديد من الحالات، يتلقَّى المريض إحدى هذه الطرق العلاجيّة أو أكثر:

  •  الأدوية: تُساهم الأدوية التي يصفها الطبيب في السيطرة على الأعراض مثل الاكتئاب، والقلق، والذُهان.
  •  العلاج النفسيّ: قد يكون بين المريض والأخصائيّ النفسيّ فقط، أو في مجموعات. يتضمّن العلاج النفسيّ تعليم المرضى طرقًا مختلفة لمواجهة المواقف الصعبة.
  •  تغيير أسلوب الحياة: في بعض الحالات، يساهم تغيير عاداتك في إحداث فرق. فعلى سبيل المثال، تُعدّ التمارين الرياضيّة إحدى وسائل علاج الاكتئاب المعتدل (غير حادّ).
  • في بعض الحالات، من الممكن أن يتضمّن العلاج طرقًا إبداعيّة -مثل العلاج بالفنون، والعلاج بالموسيقى، والعلاج بالألعاب-، أو قد يتضمّن توجيه الاهتمام للمريض، كما قد يُستخدم التأمُّل كوسيلةٍ علاجيّةٍ، بالإضافةِ إلى العلاج عن طريق تحفيز الدماغ مثل:

)المُعَالَجَة بالتَّخليج الكهربائيّ –(Electroconvulsive therapy -(ECT)

إذ يكون فيها المريض نائمًا تحت تأثير التخدير العام، بينما يضع الأطباء أقطابًا كهربائيّة على نقاطٍ معيّنة من رأسه لتحفيز الدماغ. تُستخدم هذه الطريقة عادةً لعلاج الاكتئاب الحادّ، ولكن قد يلجأ لها الأطباء لعلاج حالاتٍ أخرى، خاصةً الحالات المُستعصيّة. يُلجَأُ عادةً لهذه الوسيلة العلاجيّة فقط عند عدم استجابة المريض لطرق العلاج الأخرى.

تحفيز العصب الحائر – (Vagus nerve stimulation)

يقوم الأطباء بزراعة جهازٍ يعمل على تحفيز العصب الحائر -العصب التائه أو المبهم أو العصب القحفيّ العاشر-، والذي يقوم بنقل الرسائل إلى مناطق مختلفة من الدماغ، والتي من المُعتقَد أنّها تؤثّر على الحالة المزاجيّة وطريقة تفكير الفرد. تُستخدَم هذه الوسيلة العلاجيّة لعلاج حالات الاكتئاب الوخيمة التي لا تستجيب لنوعين أو أكثر من الأدوية المضادة للاكتئاب.

 التحفيز المغناطيسيّ للدماغ – (Transcranial magnetic stimulation)

تُستَخدَم في هذه الطريقة أحجار مغناطيسيّة (خارج الجسم) لتحفيز الدماغ بهدف علاج الاكتئاب الحاد، في حال لم يستجب المريض لوسائل العلاج الأخرى.

من الجدير بالذكر، أنّه مع التشخيص المبكر للأمراض النفسيّة وعلاجها، يتعافى العديد من الأشخاص بشكلٍ كامل، أو على الأقل يستطيعون التحكُّم في الأعراض التي تطرأ عليهم. وبالرغم من أنّ بعض الأشخاص أصبحوا عاجزين نتيجةً لتعرُّضِهم لمرضٍ نفسيّ مُزمِن أو حاد، فإنّ العديد من الأشخاص نجحوا في عيش حياةٍ ناجحة. يكمن السر الأساسيّ في طلبك للمساعدة بمجرّد ظهور الأعراض عليك، ومواصلة العلاج والمواظبة عليه.


  • ترجمة: مايكل ممدوح
  • تدقيق: آية فحماوي
  • المحرر: ماتيو كيرلس
  • المصدر